فدائي.. من يقبل الآن أن يصبح وزيراً، وأكثر فدائية من يقبل أن يكون رئيساً لوزراء مصر!! فلا أحد يعرف كم يوماً سيستمر هذا الشخص في كرسي الوزارة.. ولا متي يخرج، وهو سيخرج خلال أيام.. ومن يستمر اسابيع قليلة، فهو البطل.. ونفس الشيء عاشه المسئولون في مصر بعد إقالة حكومة النحاس يوم 26 يناير 1952.. وكلنا نعلم حكايات الوزارات الاربعة التي تولت الحكم في مصر من هذا اليوم حتي 23 يوليو من نفس العام.. فهل يا تري تتذكرون اسماء هؤلاء الوزراء.. ونفس الشيء حدث في مصر من يوم 23 يوليو 52 إلي أن استقرت الاوضاع عام 1954.. وربما يتذكر البعض رؤساء هذه الحكومات.. ولكنهم بالقطع لا يتذكرون اسماء الوزراء.. والمؤكد أن احداً لا يتذكر الآن اسماء مثل طراف علي أو محمود عثمان غزالي أو راضي أبو سيف وكانوا وزراء في حكومة الهلالي الأولي التي عمرت 4 أشهر.. ولا أسماء مثل محمد هاشم أو محمد علي راتب أو محمد سامي مازن أو الدكتور محمد الكيلاني أو الدكتور عبد المعطي خيال وكلهم كانوا وزراء في حكومة حسين سري الخامسة التي عمرت من 2 يوليو إلي 22 يوليو 1952.. أو وزراء عمروا أقل من يومين منذ 22 يوليو إلي 24 يوليو 1952 مثل الوزراء محمد فريد زعلوك أو حسن كامل الشيشيني أو مريت غالي أو الدكتور سيد شكري.. فقد قامت ثورة يوليو بعد أقل من يوم من تأديتهم اليمين الدستورية.. وحدث نفس الشيء بعد ثورة 1952 فهل يتذكر احدكم أسماء وزراء مثل د.ابراهيم شوقي أو ألفونس جريس أو محمد كامل نبيه وكانوا وزراء في حكومة علي ماهر التي تشكلت يوم 24 يوليو 1952 وهي آخر حكومة تشكلت بمرسوم من الملك فاروق.. ولكنها استقالت يوم 7 سبتمبر من نفس العام.. نفس الشيء يحدث الآن.. فعندنا وزراء لم يعمروا فوق مقاعدهم بعد ثورة شباب التحرير الا بضعة أيام معدودات.. ومنهم قد جئنا بهم من مواقعهم السابقة كمحافظين.. فلاهم استمروا في موقعهم المحافظي.. ولا هم نعموا بالمنصب الوزراي!! حتي رئيس الوزراء السابق الفريق احمد شفيق لم تعش حكومته الا 33 يوماً وشهدت في منتصف المدة تعديلاً وزارياً كبيراً ثم سرعان ما قدم الرجل نفسه استقالته كرئيس للوزراء.. وكان وزيراً مثالياً وناجحاً ورائعاً للطيران المدني.. ولا ندري كم تعمر الحكومة الجديدة - حكومة الدكتور عصام شرف - خصوصاً وقد صرح مصدر من المجلس الاعلي للقوات المسلحة بأن الحكومة لن تجري الانتخابات القادمة.. أي عمرها لن يتجاوز الشهرين.. فأي فدائي هذا الذي يقبل ذلك اللهم إلا اذا كان من يقبل أي منصب الآن ان يصبح مجرد »معالي الوزير السابق!!«. وكلمة حق أقولها هي اننا خسرنا الفريق احمد شفيق كرئيس للوزراء.. فهو مثالي لرئيس لحكومة »التكنوقراط« فالرجل عقله شديد الترتيب.. يستمع كثيراً، قبل أن يتكلم.. وأري أنه فرط كثيراً في قيمة ومكانة المنصب الذي كان يشغله رئيساً للوزراء.. أي رئيس حكومة جمهورية مصر العربية.. فهل فرط لأنه قبل التفاوض والحوار مع زيد وعبيد.. وكل نطاطي الحيط.. أراد الفريق شفيق أن يكون ديمقراطياً أكثر من الديمقراطيين ولكنه دفع ثمن ديمقراطيته وتهاونه في حق المنصب.. رغم كل امكانياته.. وتحمل ضغوطا رهيبة، بعضها للاسف نال من كرامته وتعدت كل الخطوط.. ربما لأن الثورات لا تعرف الحدود.. ولقد تكاتفت علي الرجل الضغوط.. بل والاهانات.. والاضرابات ربما لأن بعض المتظاهرين رأوا فيه أنه معين من قبل الرئيس السابق.. وبالتالي هم لا يريدون أن يحكمهم من له صلة بهذا الرئيس.. ولكننا نعلم أن حتي رئيس المجلس الاعلي للقوات المسلحة وكل اعضاء المجلس معينون بقرار من الرئيس السابق بل ان النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود الذي يحاسب الان ويطارد كل رموز الفساد.. هو أيضا معين بقرار من نفس الرئيس فهل المطلوب أن نأتي برجال من القمر أو المريخ!! ونقول ونحن نودع رجلاً شريفاً اسمه الفريق احمد شفيق علينا ان نفتح عقولنا لنستقبل الشريف الآخر: الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المكلف.. وهو ايضا من احسن العقول المصرية واقدرها علي ان تعبر بمصر كل هذه الخنادق.. بل اتوقع، وقد اصبح من اكبر خبراء العالم في هندسة الطرق والنقل، ان يضع لمصر خريطة طريق سليمة تعبر بالبلاد الي بر الامان.. فقط مطلوب ان نعطي الفرصة والوقت لكي يضع علي الورق وعلي الطبيعة الخطط التي يحلم بها لمصر.. وسوف يأتي الوقت اكتب لكم فيه عن عصام شرف الانسان.. المحب للخير الذي لا تعلم يسراه.. ماذ اقدمت يده اليمني من خير للناس، عندما كان وزير النقل. وداعاً لرجل شريف تركنا.. وأهلاً برجل شريف قبل أن يتحمل المسئولية في هذه الظروف شديدة الخطورة..