حوار - صلاح الدين عبدالله: «الرعد الذى لا ماء معه لا ينبت العشب، كذلك العمل الذى لا إخلاص فيه لا يثمر الخير».. هكذا تقول الحكمة، وكذلك الرجل.. تنجح الفكرة فى عالمه إذا قوى الإيمان بها، وتوفّر الإخلاص فى سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد، فهو قادر إلى أن يصل إلى أبعد نقطة من قمة النجاح. «اعتزم، وكد فإِن مضيتَ فلا تقف.. واصبر وثابر فالنجاح محقق.. ليس الموفق من توَاتيه المنى.. لكن من رزقَ الثباتَ موفق، وما أحسن العمل فى تدبير المنفعة».. هكذا تكون مسيرة فى محطات رحلته، والنجاح فى منهجه لا يعنى الاكتفاء بما وصلت، ولكن اسع أن تبحث عن مسالك أخرى له. سيد عبدالحميد رئيس مجلس إدارة شركة العمالقة لتداول الأوراق المالية، لم يؤلمه فى مسيرة عمله سوى فقدانه شقيقه الأصغر، الذى بنى بجانبه مملكة لم تكتمل، يجتهد ولا يخشى السقوط، لأن به دروساً مستفادة، قادرة على أن يتعلم منه ليصل إلى غايته. بالطابق السابع، وعند يمين المدخل فى نهاية ممر ضيق يجلس الرجل، يتابع، ويخطط، لشركته، ملامح غموض ارتسمت على وجه الرجل، ربما باعتبارها المرة الأولى التى التقيه، الحذر فى حديثه، تلاشى مع الوقت، لتتكشف شخصيته البسيطة. «إذا أردنا الخير للاقتصاد، ورجل الشارع، لا مفر من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة، والمتوسطة، فهى القادرة على إحساس المواطن بثمار الإصلاح الاقتصادى».. من هنا بدأ الحوار. «نعم الدولة تركز اهتمامها على المشروعات القومية الكبرى، باعتبارها القادرة على تحقيق نمو اقتصادي، وثمارها تتحقق بعد فترة طويلة، لكن غير مقبول أن يتم إغفال المشروعات الصغيرة، والمتوسطة، التى تكون تأثيرها على الاقتصاد سريعاً»..هكذا تحليله للمشهد الاقتصادى. الرجل الأربعينى محباً للعلم، ولديه قدرة على تحمل مسئولية الكلمة، يتشبث بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها نقطة انطلاقة الاقتصاد، فهى كفيلة بتحقيق عائد مناسب للأفراد، وتعمل على زيادة دخله، وتساهم فى توفير فرص عمل للمئات من الشباب. أقاطعه قائلاً: إذا كان كلمة السر فى المشروعات الصغيرة، والمتوسطة.. لماذا لم يتم استكمال مبادرة البنك لتمويل هذه المشروعات بعائد 5%؟ يرد قائلاً: إن البنوك قدمت تمويلاً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من مبادرة 200 مليار جنيه، وهى نسبة ضئيلة، ولا تتلاءم مع اهتمام الحكومة بهذه المشروعات، بسبب حزمة العراقيل والمعوقات التى تغرسها البنوك أمام المستفيدين من المبادرة، وهذا نتيجة لعملية التنفيذ السيئ، والذى يتعارض مع القرارات التى تتخذها الحكومة. إذن تنفيذ القرارات والسياسات يتعارض مع التشريعات. يجيب وبدأ غاضباً: «نعم، لو تم تنفيذ مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بعيدا عن العراقيل والمعوقات، كان الاقتصاد فى موضع أفضل، وتغير الحال فى مؤشرات البطالة، ولكن الانحراف فى تنفيذ هذه السياسات والمبادرات يسبب العديد من العراقيل، ويؤجل ثمار الإصلاحات». فى جعبة «عبدالحميد» العديد من الحكايات فى هذا الصدد، حيث يعتبر أن البنوك لديها حجم سيولة كبيرة، غير مستغلة بالصورة الصحيحة، فلو تم تخصيصها إلى المشروعات الصغيرة ذات العمالة الكثيفة، سوف تحقق للاقتصاد طفرة كبيرة. الإخلاص فى العمل، والمثابرة لتحقيق النجاح، من المكتسبات التى ورثها عن والده، حينما يتحدث عن السياسة النقدية، يتكشف عدم رضاه، بسبب تعامل الحكومة مع عملية تحرير سعر الصرف التى لم تسبقها إجراءات حمائية ووقائية، من شأنها الحد من تداعيات التعويم، التى كانت قاسية على رجل الشارع، ومن أجل أن تتخذ السياسة النقدية مسارها الصحيح، يجب الانتهاء من اشتراطات صندوق النقد الدولى، وبعدها يتم العمل على خفض معدلات الفائدة، وتشجيع الاستثمارات، بما يساهم فى زيادة فرص العمل. يظل الجدل قائما بين المراقبين حول استثمارات المحفظة سواء فى أذون الخزانة، أو السندات، أو الأسهم، البعض يعتبرها لا تفيد الاقتصاد، والآخر يشير إلى أنها خطوة للاستثمار المباشر، لكن «عبدالحميد» يعتبرها أداة من أدوات الاستثمار المستخدمة فى الاقتصاد، وقامت الدولة بتوفيرها، وبالتالى قد تكون خطوة فى جذب الاستثمار المباشر الاهم للحكومة. الإيمان بالعمل، والكفاح هما زاد الرجل فى مسيرته العملية، لديه رؤية خاصة فى السياسة المالية، يعتبر التعامل معها من جانب الحكومة غير مرضى، حيث تصر على زيادة الضرائب على نفس الشرائح، دون استقطاب ممولين وشرائح جديدة. قال متسائلاً: كيف يكون الإصرار على فرض ضرائب، ولا يتحقق الكساد التصخمي، فى ظل سحب السيولة من رجل الشارع؟.. يقول: «لابد من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة، وتفعيل العمل بالمجلس الأعلى للمدفوعات، وكذلك العمل على ضم القطاع غير الرسمى إلى منظومة الدولة، وقتها سوف تحقق السياسة المالية هدفها فى الاقتصاد». الاستثمار لا يمثل رضاء للعديد من المراقبين، وكذلك الرجل الأربعينى، من وجهة نظره، أن الجميع «صفق» للقانون، لكن تدخل الحكومة يكاد يفسده، يقول: «إنه غير مقبول أن يتم رفع الرسوم بصورة مستمر وغير منطقية، مقابل إنهاء الخدمات، وكذلك يجب أن تكون الحكومة دقيقة ومحددة فى الخريطة الاستثمارية التى تخدم المستثمرين فى المحافظات، حيث أنه مرفوض أن يتم الاستقرار على منطقة للصناعة الغذائية بمحافظة المنيا، وبين عشية وضحاها يتم تحويلها إلى منطقة للغزل والنسيج». التوفيق فى التفكير والعمل منحه أفضلية بين أبناء جيله، لذا عندما يقدم العلاج فى ملف الاستثمار، يشدد على ضرورة الاهتمام بالمستثمر المحلى، القادر على جذب المستثمر الأجنبى، فى ظل التسهيلات والحوافز فى السوق المحلى، وأيضاً التركيز على الترويج، والتسويق للاستثمار محلياً، قبل خارجياً. يظل الشغل الشاغل للرجل الاهتمام بالقطاع الزراعى الصناعى، الذى يعد كلمة السر فى توفير العملة الصعبة، نتيجة التصدير، من خلال زراعة المساحات الصحراوية بالعديد من المحاصيل، التى يمكن زراعتها وتصنيعها، ونفس الأمر بالنسبة للسياحة، صاحبة المصدر الرئيسى للدولار، فى ظل ما تحظى به من مقومات، وتوافر العديد من أنواع السياحة العلاجية، والشاطئية، والدينية. كره الرجل للتقليدية، والبحث عن الفكرة المبتكرة، جعله يؤمن بدور القطاع الخاص، فى المساهمة بتنمية الاقتصاد، ونموه، ولكن يحتاج إلى مساندة من الدولة، بالتسهيلات والمحفزات حتى يستكمل دوره، بتهيئة البنية الأساسية، وشبكة الطرق والمواصلات، ونفس الامر يحتاجه لتنمية الصعيد، الذى يعد مفتاحاً للتنمية الاقتصادية، خاصة أنه يعتبر كنزاً للدولة. للرجل رؤية خاصة فى ملف الطروحات الحكومية فى البورصة، حيث يعتبر أن الحكومة تأخرت كثيرا فى هذا الملف، إلى أن شهد السوق تقلبات واضطرابات، ساهم فى تراجع قيم التداولات والسيولة، وبات الأمر غير مشجع بالمرة فى الوقت الحالى، لمثل هذه الطروحات، رغم أن السوق فى حاجة الى منتجات جديدة. حدد الرجل لنفسه مساراً منذ نعومة أظافره، انحصرت كل أحلامه وأمانيه بالعمل فى سوق المال، بعد تخرجه فى كلية التجارة، لم يستهويه العمل الحكومى، وحقق طموحاته فى العمل الخاص، حتى بات مالكاً لشركة سمسرة.. الرجل دائماً يسعى إلى تحقيق الذات، مع الرضاء بما يحققه، ينتهج استراتيجية طموحة لشركته، ويسعى إلى زيادة رأسمالها من 9.5 ملايين جنيه إلى 15 مليون جنيه خلال عام 2019، يأمل إلى إضافة نشاط خدمات رأس المال المخاطر، بهدف انتشال الشركات المتعثرة من أزمتها، يطمح فى المزيد من التوسعات فى الفروع، حال تحسن الأحوال بالبورصة، لكنه يكتفى بالفروع الستة. الرجل الأربعينى يسعى إلى تعزيز قاعدة العملاء من الأفراد والمؤسسات، وهو هدفه الأول، يبحث عن الأفكار المبتكرة، غير التقليدية، مغرم بقراءة المؤلفات التى تضيف بشخصيته، عاشقاً للرياضة، ومنها الشطرنج التى تلائم شخصيته القائمة على التخطيط، محباً للألوان التى توحى بالصفاء والنقاء، سواء الأبيض، أو الأزرق.. لكن يظل شغله الشاغل، بتحقيق أحلامه، والوصول بشركته إلى الريادة.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟