أكد الإعلامى جمال الشاعر رئيس القناة الثقافية بالتليفزيون المصرى أمس الأربعاء أن التليفزيون المصرى كان له دور كبير فى تزييف الوعى وتغييب الضمير الوطنى فى معالجة مشاكل الوطن، موضحا أن التليفزيون كان يعمل على إلهاء الشعب عن القضايا المهمة، حيث يعمل على خلق موضوع ما يشد به انتباه ووعى المصريين، مثل الأزمة الناتجة عن مباراة مصر والجزائر فى تصفيات كأس العالم والتى تبعتها ظهور نجوم الكرة يتحدثون طوال اليوم على الشاشات ليتفاعل معهم الشعب، جاء ذلك خلال الندوة التى أقامتها دار وعد للنشر والتوزيع مساء أمس تحت عنوان: "كيف تحول الخطاب الإعلامى بعد الثورة" وأوضح الشاعر أن إدراة التليفزيون كانت تتم وفق فكرة "العجلاتى" وهى فكرة نابعة من إحدى النكت أيام غزو أمريكا للعراق حينما سأل أحد المارينز الرئيس جورج بوش وتونى بلير عن عدد القتلى من جراء الحرب، فرد بوش عليه قائلاً: " 200 ألف قتيل وعجلاتى، فرد أحد المارينز، قائلاً: "واشمعنى عجلاتى؟" فضحك بوش قائلاً: "مش قولتلك يا تونى كل الناس هتسأل عن العجلاتى وتنسى ال 200 ألف" !! وقال جمال الشاعر: :ن مشكلة "ماسبيرو" تتلخص فى مبدأ "اللى يدفع أكثر هو من يتحكم"، ولهذا كان الولاء الأول والأخير للحكومة، مشيراً إلى أن الملف السياسى فى التليفزيون المصرى كان يدار بشكل مركزى خاص جدا يسمى " أخبار السجادة الحمراء" التى تضم الأخبار "البروتوكالية" التى تعلن عن زيارة الرئيس لمشروع كذا، وتفقد المسئول لكذا، ووصول رئيس ما إلى دولة ما وهكذا، مهملاً مشاكل الشعب التى أدت فى النهاية إلى الانفجار. الشريف يعادى البسطاء وفجّر الشاعر مفاجأة قال فيها: إن صفوت الشريف وزير الإعلام السابق أصدر قراراً بمنع ظهور "البسطاء" من الشعب المصري على الشاشة ولذلك منع البرامج الجماهيرية مثل "بين الناس" و "الجائزة الكبرى" .. إلخ، قائلاً بالحرف: " ياريت ماشوفش الناس دى على الشاشة تانى" ! وأوضح أن تركيز التليفزيون كان على فكرة الصورة وليس الأصل، حيث كان هناك اتجاه بخلق "شعب افتراضى" من خلال البرامج والمسلسلات المرفهة لتغيير صورة الشعب الحقيقية المليئة بالمشاكل، مؤكداً أن وزارة الإعلام كانت تتعامل مع ماسبيرو على أنه تليفزيون الحكومة وليس تليفزيون الدولة المصرية. وأوضح الشاعر أن التليفزيون المصرى لم يعترف بمبدأ "الرأى والرأى الآخر" حيث كان يستضيف أشخاصا تلعب دور الرأى الآخر بينما هم فى الحقيقية ليسوا كذلك، ممثلا هؤلاء الأشخاص بفرقة "حسب الله" التى يعزف فيها واحد أو اثنان وباقى أفرادها ليس لهم دور ، قائلا: "التليفزيون كان بيجيب ناس لابسة مزيكة محلل سياسى ، مزيكة خبير استراتيجى" ، مضيفاً أنه حتى برامج التوك شو مثل: "البيت بيتك" و "مصر النهاردة" كان لها دور فى هذا . وأكد الشاعر على أن الإعلام المصرى أخطأ خطأ كبيرا فى معالجته لأحداث الثورة ، مشيرا إلى أن التليفزيون بعد الثورة فضل أن يقوم بدور مسلسل "لعبة الديمقراطية"، واعترف الشاعر بالمسئولية التى تقع عليه باعتباره مسئولا فى مبنى ماسبيرو، قائلاً: "أنا مسئول فيما أنا مسئول عنه، مشيرا إلى أنه بذل قصارى جهده فى القناة الثقافية وعمل على تنوع الآراء واستضافة المعارضين قدر الإمكان، موضحا أنه منذ توليه القناة فى العام 1998 تعرض لضغوط كثيرة من جانب الرقابة والمتابعة. وناشد الشاعر الجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى فى مصر بضرورة مراجعة، ومراقبة الخطاب الإعلامى ولو وصل الأمر إلى رفع قضايا على البرامج غير مسئولية، والإحتكام إلى القانون، متمنياً أن تشهد الفترة المقبلة تغييرات حقيقية فى منظومة الإعلام فى مصر . جيل جديد بدلاً من المتحولين ومن ناحية أخرى أكد الدكتور عمرو الشوبكى الخبير بمركز الأهرام الاستراتيجى خلال الندوة أنه يحترم بشده المواطنين الذين خرجوا من أجل مبارك عن الإعلاميين الذين كانوا مع النظام ثم تغير موقفهم بعد الثورة، موضحاً أن هذ التغيير فى المواقف غير مقبول من الناحية المهنية، مشيرا إلى أن الإعلام المصرى استخف بعقول المواطنين من خلال التركيز على مباريات ومشاكل كرة القدم تاركا همومهم ومشاكلهم الحقيقية، مضيفا أن فكرة الاستهانة بالرأى العام بجانب فكرة التوريث كانت سببا رئيسيا فى اشتعال الثورة. وأوضح الشوبكى أن المؤسسات الصحفية الكبرى تحولت إلى مؤسسات حكومية تخدم الحزب الحاكم وهذا يظهر بوضوح فى مقالات رؤساء التحرير وافتتاحيات الجرائد القومية المتوازية، مشيرا إلى أن جريدة الأهرام قامت بدور فى سب الأشخاص الذين لم يرض عنهم الحزب الحاكم، وكشف عن أنه تعرض بصفة شخصية للتهديد حينما كتب مقالاً عن أحمد عز، وآخر عن هشام طلعت مصطفى وهذا يدل على مدى ال" سطوة " التى كان يمارسها هؤلاء الأشخاص على مصر، مشيراً إلى أنه على الرغم من أنه ينتمى إلى مؤسسة الأهرام رسميا إلا أنه لم يكن ينشر له إلا 3 مقالات فقط فى السنة، فى حين ينشر له فى المصرى اليوم مقالان أسبوعياً. وأكد الشوبكى على ضرورة تطوير الإعلام فى الفترة المقبلة وذلك من خلال تحول المؤسسات الصحفية الحالية إلى مؤسسات عامة مملوكة للشعب، بحيث لا يحتكرها حزب أو تيار سياسي معين، ويصبح ولاؤها للدولة المصرية وليس للحكومة، على أن يتم انتخاب المجلس الأعلى للصحافة من أعضاء نقابة الصحفيين، ويقوم بوضع القواعد الإعلامية بتحديد الكود المهنى للمؤسسة الصحفية، بالإضافة إلى ترسيخ قواعد مهنية للإعلام بدلا من القواعد الأمنية ، كل ذلك بجانب تدريب وتأهيل شامل لجيل جديد من الصحفيين.