كتبت - إيمان إبراهيم: أسدلت المحكمة الدستورية اليوم الستار على كافة قضايا تيران وصنافير المرفوعة امامها واصدرت المحكمة منذ حكمها برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق بعدم قبول الدعويين رقمي 37 و 49 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ"، واللتين تتعلقان باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية. وأقامت المحكمة حكمها تأسيسًا على أن البين من الاطلاع على الأحكام الثمانية الصادرة من المحكمة الدستورية العليا السالف بيانها بصحيفة الدعوى أنها لم تتعرض - سواء فى منطوق كل منها أو ما يتصل به من أسبابها اتصالاً حتميًّا - للفصل فى دستورية توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى القاهرة بتاريخ 8/4/2016، أو أى شأن آخر متصل بهذه الاتفاقية، التى كان بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية عليها، وما يترتب على ذلك من آثار هو موضوع ومنطوق الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70 ق، والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 74236 لسنة 62 قضائية عليا السالف بيانهما، واللذين يطلب المدعون عدم الاعتداد بهما فى منازعتى التنفيذ المعروضتين، كما لم ينطو أى من الحكمين الفائت بيانهما فى أسبابه على ما يكشف - صراحة أو ضمنًا - على إقراره مبدأ خضوع أعمال السيادة أو إبرام المعاهدات الدولية - فى كل الأحوال - للرقابة القضائية لمحاكم مجلس الدولة، وإنما كان سبيل الحكمين المذكورين فى الرد على الدفع المبدى أمامهما بعدم الاختصاص الولائى لمحاكم جهة القضاء الإدارى : هو تجريد الاتفاقية موضوع المنازعتين المعروضتين من وصف أنها عمل من أعمال السيادة، وتكييفها بأنها عمل من أعمال الإدارة، مما يختص القضاء الإدارى بنظر الطعن عليه، التزامًا بحكم المادتين (97، 190) من الدستور، ونص البند (الرابع عشر) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة. وأفصحت المحكمة الدستورية العليا في أسباب حكمها الصادر بعدم قبول المنازعتين المشار إليهما أن حجية هذا الحكم لا تمتد إلى الفصل في الشرعية الدستورية لأي حكم إجرائي أو موضوعي يتصل بهذه الاتفاقية؛ باعتبار أن ذلك مما يجاوز نطاق منازعتي التنفيذ المعروضتين سبباً وموضوعًا، ويظل الفصل في الشرعية الدستورية للاتفاقية المار ذكرها منضبطًا بالضوابط المنصوص عليها بالمادة (151) من الدستور أمرا لا يتسع له قضاء هذه المحكمة في هاتين المنازعتين. وفي الدعوى الثالثة حكمت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي النائب الأول لرئيس المحكمة، في الدعوى رقم 12 لسنة 39 قضائية "تنازع" والتي تتعلق بترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية: بعدم الاعتداد بكل من الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 21/6/2016 فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70 «قضائية» والمؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا «دائرة فحص الطعون» بجلسة 16/1/2017 فى الطعن رقم 74236 لسنة 62 «قضائية عليا»، والحكم الصادر من محكمة مستعجل جنوبالقاهرة بجلسة 2/4/2017 فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 «مستعجل القاهرة» المؤيد بالحكم الصادر من محكمة جنوبالقاهرة بجلسة 28/5/2017 فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 «مستأنف تنفيذ موضوعى جنوبالقاهرة». وأقامت المحكمة قضاءها تأسيسًا على أن العبرة في تحديد التكييف القانونى لأى عمل تجريه السلطة التنفيذية، لمعرفة ما إذا كان من أعمال السياسة أم لا، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، رهن بطبيعة العمل ذاته، فإذا تعلق العمل بعلاقات سياسية بين الدولة وغيرها من أشخاص القانون الدولى العام، أو دخل فى نطاق التعاون والرقابة الدستورية المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ عُدَّ عملاً من أعمال السياسة، وبالبناء على هذا النظر؛ فإن إبرام المعاهدات والتوقيع عليها تعد من أبرز أمثلة هذه الأعمال. وأشارت الي أن توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية يعد، لا ريب، من الأعمال السياسية، وإذ كان الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70 ق «قضاء إدارى» والمؤيد بالحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 74236 لسنة 62 ق «عليا»، قد خالف هذا المبدأ، بأن قضى باختصاص القضاء الإدارى بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، حال كونه ممنوعا من ذلك، على نحو ما سلف، عدوانًا على اختصاص السلطة التشريعية، فإنه يكون خليقًا بعدم الاعتداد به. وحيث إن المادة (190) من الدستور تنص على أن «مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه.....»، وكان الحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة المؤيد بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوبالقاهرة قد خالف هذا النظر، وفصل فى منازعة تنفيذ موضوعية متعلقة بحكم صادر من المحكمة الإدارية العليا، فإنه يكون قد انتحل اختصاصًا ممتنعًا عليه دستورًا، ويكون، والحال كذلك، حقيقًا بعدم الاعتداد به.