كتبت نهلة النمر: اعتبر الوسط الثقافى هذا العام هو عام الرحيل، نظراً لعدد المبدعين الذين فقدتهم الساحة الإبداعية فى مصر، والذين حملت قاعات معرض الكتاب فى دورته الحالية أسماءهم، مثل: مكاوى سعيد ومحمد أبو المجد وعبد الرحمن الشرقاوى. وعلى الرغم من أن رحيل المبدع الكبير صبرى موسى، جاء قبل بداية المعرض بأيام، ما مثّل وجعاً كبيراً لدى المشهد الأدبى كله، إلا أن القائمين على المعرض لم يهدروا فرصة الاحتفاء به هذا العام، حيث خُصصت ثلاث ندوات تناولت إبداعه ومشواره الأدبى. كانت البداية مع حفل التأبين، الذى أقيم فور افتتاح المعرض للجمهور، ضمن سلسلة ندوات «كاتب وكتاب» فى قاعة عبد الرحمن الشرقاوى، بحضور الناقدة الفنية أنس الوجود رضوان زوجة الكاتب الراحل، والكاتب الصحفى والإعلامى مفيد فوزى، والسينارست أشرف محمد رئيس قسم السيناريو بمعهد السينما، والذى أكد أن صبرى موسى كان يملك نوعًا خاصًا من السرد فى أسلوب الكتابة، وأنه اقتبس مشروع تخرجه من «فساد الأمكنة» والتى تتميز بالحس الصوفى والأسطورى، فضلا عن أن أسلوب الكاتب يتميز بالحرية فى السرد والانتقال بالزمن والأشخاص. بينما كانت الفاعلية الثانية من نصيب الدوائر المستديرة، والتى تشرف عليها الدكتورة سهير المصادفة مدير عام النشر فى الهيئة العامة للكتاب، فى ندوة بعنوان الأدب المصرى مترجماً للصينية، وبحضور الدكتور أحمد سعيد المترجم، والروائى عزت القمحاوى. فى بداية الندوة أكدت «المصادفة» أن الأدب المصرى مظلوم ظلم الحسن و الحسين، لأنه فى الغالب لا يترجم، وإذا ترجم فإنه يترجم لأسباب شتى ليس من بينها المنافسة، لتتواجد بعدها هذه الأعمال، والتى غالباً ما تكون غير معبرة عن روعة الأدب المصرى، على طاولة المنافسة مع روائع الإبداع العالمى، فيكون سقوطها حتمياً. وأضافت المصادفة: إن الصين عندما بدأت مشروعها الخاص بترجمة الأعمال المصرية إلى الصينية، بدأت بكبار الكبار من الكتاب، فكان فى مقدمتهم العظيم صبرى موسى، مشيرة إلى أن رواية « فساد الأمكنة» و التى تمت ترجمتها للصينية مؤخراً، وللأسف لم يمهل القدر صاحبها أياماً معدودات كى يراها، هى رواية تتحدث عن نفسها على أرض المكتبة العربية، ذاكرة أن هذه الرواية لها معها تجربة خاصة، حيث إنها كلما طُبعت فى هيئة الكتاب نفدت أعدادها. أما الدكتور أحمد سعيد رئيس مؤسسة بيت الحكمة المنوط بها ترجمة الأعمال المصرية والعربية إلى الصينية، فقد أكد أن ترجمة « فساد الأمكنة» جاءت ضمن مشروع لعدد من الترجمات إلى الصينية، وأن الأعمال التى رشحت للترجمة، كانت حوالى مائة عمل، تم عرضها على لجنة من المتخصصين الصينيين وأساتذة الجامعات؛ للمفاضلة بينها، بعدها تم الاتفاق على خمسة وعشرين عملاً منها عشرون عملاً مصرياً. مشيراً إلى « فساد الأمكنة» تظل رواية ذات شأن مختلف. وذكر«سعيد» أن المترجمة الصينية الكبيرة «وان فو»، والتى تولت رئاسة تحرير مجلة الصين اليوم لمدة 12 عامًا، اختارت «فساد الأمكنة» لتقوم على ترجمتها بنفسها، فور معرفتها بأنها ضمن مشاريع الترجمة المطروحة. أما الكاتبة الصحفية أنس الوجود رضوان زوجة الراحل العظيم، فقد أكدت أن كل أعمال صبرى موسى ترجمت لغالبية لغات العالم، ومع ذلك تظل «فساد الأمكنة» رواية محظوظة. مشيرة إلى أن هذا ما كان يقوله الكاتب عنها دائماً، فكان يمثلها بالنجمة فى سماء إبداعه على الرغم من وجود أقمار كثيرة حولها، مؤكدة أن هذه الرواية نشرتها دار نشر عالمية، وأنها ما زالت متواجدة على أرفف مكتبات العالم، وأنها حصلت على جائزة «بيجاسيو»، وأن «موسى» هو العربى الوحيد الذى حصل على هذه الجائزة حتى الآن، وأنه أصبح بعدها عضواً مؤسساً فيها . وأضافت«رضوان»: أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان قد كرمَ صبرى موسى باعتباره اللافت لصحراء مصر الغربية، وهى المكان الذى خرجت هذه الرواية من رحمه. منهية حديثها بأن الغرب يثمّن إبداعنا المصرى والعربى بينما كثيرون منا لا يعرفون قيمته، وأنه علينا العمل بجد كى نصدر إبداعنا بالشكل الذى يستحقه. و فى سياق متصل أكدت الكاتبة والمترجمة زينب موسى شقيقة الراحل فى كلمتها خلال الندوة، أن صبرى موسى لم يسع للشهرة والتكريم ولا حتى الجوائز، ولكنها هى التى أتت إليه، وأبدت سعادتها بصدور الترجمة الصينية لعبقرية «موسى» الخالدة «فساد الأمكنة». أما الندوة الثالثة فكانت عن الملكية الفكرية ووجوب حماية حقوق المؤلفين والعاملين بالحقل الثقافي، وأهمية حماية الملكية الفكرية والإبداع من عمليات القرصنة والسطو والتزييف التي يمارسها البعض . ترأس الندوة المستشار خالد القاضي رئيس محكمة استئناف القاهرة ومستشار وزير الثقافة، وشارك فيها الدكتور حسام لطفي أستاذ القانون و الذى تفضل بالإجابة عن جميع أسئلة الحضور. في البداية أكد المستشار خالد القاضي ، أن الاهتمام بحماية الملكية الفكرية جاء من قاعدة خلود الأعمال الفنية والإبداع، لافتا إلى أن ما يشغل فكر المبدع والفنان وصاحب العمل الفني، هو الحفاظ على حقوقهم الأدبية والمالية والتي تعد مصدرًا كبيرًا لحثهم على مواصلة إبداعهم ومشوارهم الفني . ومن جانبها استعرضت زوجة الكاتب الراحل صبرى موسى، تجربتها في مكافحة أعمال السرقة التي تعرضت لها إحدى رواياته، والتي تعرضت للسرقة من جانب البعض دون الرجوع إليهم، مما أهدر حقوقهم المادية فى أكثر من مرة.