ليس بإمكاننا أمام صمت العسكري علي الأزمة الطاحنة بين مجلس الشعب والحكومة ورفض التدخل للتوفيق أو التفريق بينهما غير اللجوء إلي كبار العائلات والقيادات الدينية والأمنية والشعبية والسياسية لعقد جلسة صلح عرفي بين الطرفين لحقن الدماء وتصفية الخلافات قبل أن يتحول الحوار الهابط بينهما إلي حرب شوارع!! مجلس الشعب لم يقنع المواطنين بأدائه رغم مرور حوالي شهرين علي انعقاده وألقي فشله علي حكومة مصابة بالبرد لا تفرق بين رائحة تسرب البوتاجاز وتسريب المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي!! وأعتقد المجلس أن تغيير العتبة يفك النحس فبدأ في مضايقة الحكومة لاجبارها علي طلب الخلع، وعندما اكتشف انها باقية علي العشرة ولا تريد الانفصال قرر سحب الثقة منها بادعاء ضبطها متلبسة بالوقوف في وداع المتهمين الأمريكيين بمطار القاهرة الدولي وهي تعمل لهم "باي"! خطة مجلس الشعب في التخلي عن الحكومة كانت ماشية كويس الي أن اعترض "نائب" علي السماح لوزير العدل بالتعقيب بحجة أن المجلس العسكري هو المسئول عن قضية التمويل الأجنبي وانتهي الأمر بطرده من الجلسة وقال نائب آخر للحكومة: لما أنتم مش قد ماما أمريكا عاملين علينا "..." !! يعني النائب يقصد أن الحكومة اللي مقدرتش تأخذ اجراء ضد المتهمين الأمريكيين بتتشطر علي مجلس الشعب، حاجة كده تشبه واقعة ز ياد العليمي!! وبعد هذا الكلام الدنيا باظت، الحكومة جلست في القاعة تتبادل خبر براءة الطبيب المتهم في قضية كشف العذرية، ولم يعطها النواب الغاضبون فرصة لتؤكد لهم أن شرف مصر لم يمس في قضية التمويل الأجنبي، وانتهت الجلسة الأولي وبدأت الجلسة الثانية، ورفعها الدكتور الكتاتني بعد دقيقتين احتجاجا علي مقاطعة الحكومة لها، وأرجع المستشار محمد عطية، وزير شئون البرلمان مقاطعة الحكومة للجلسة الي تطاول النواب علي الحكومة، التطاول لم يقتصر علي النواب، بل أصبح لغة التفاهم بين المواطنين، ربما مرجعه انفلات الأعصاب بالتوازي مع الانفلات الأمني الآثار السلبية التي تمر بنا أثرت علي أخلاقنا كنا نقول لمن يصدر منه لفظ غير مهذب: يا أخي الملافظ سعد، حاليا نسمع هذه الألفاظ دون اكتراث بل أحيانا نضحك علي الحبكة وطريقة الالقاء، سمعت نائباً من حزب الأكثرية ظهر علي قناة فضائية يشبه مصر ب "دورة مياه!! عادي!! نرجع الي رغبة مجلس الشعب في سحب الثقة من الحكومة ليرتاح ده من ده!! أولاً الإعلان الدستوري لم يمنح المجلس حق سحب الثقة من الحكومة فالمجلس العسكري هو صاحب الاختصاص الوحيد في تعيين رئيس الوزراء والوزراء وإقالتهم. ثانيا المجلس قال ان لائحته الداخلية تعطيه هذا الحق والرد: أن اللائحة إذا اصطدمت بنص دستوري فيجب اعمال النص الدستوري. والدكتور الكتاتني قال في كلمته التي القاها أمام جلسة الاجراءات انه سيطبق ما يتفق من اللائحة مع احكام الاعلان الدستوري وتطبيق الأحكام التي لا تتعارض معه! ثم ليست هذه هي المشكلة، الأهم هو لماذا يريد مجلس الشعب اقالة الحكومة في هذا الوقت الذي يموج بالأحداث وأهمها ارهاصات الانتخابات الرئاسية، عندنا حوالي 300 رئيس حتي الآن!! ثم هل يعقل أن يستغرق المجلس شهرين في البحث عن اقالة حكومة مؤقتة باق لها شهران وترحل!! إذا وافق "العسكري علي طلب المجلس الذي يتزعمه حزب الحرية والعدالة صاحب الأكثرية البرلمانية وقبل استقالة الحكومة هل تتم مخالفة الاعلان الدستوري في تعيين الحكومة الائتلافية التي يسعي اليها الاخوان أم أن العسكري له الحق في تعيين الحكومة الجديدة أيضاً وقد يكلف الجنزوري مرة أخري؟ وهل تملك أي حكومة جديدة عصا سحرية لحل المشاكل الحالية. مجلس الشعب يمر بأزمة والحكومة الحالية عبد المأمور ابحثوا عن "المأمور" أولا وبعدين حاسبوا الجنزوري.