قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    مصر تعلن عن إنجازًا جديدًا في محطة الضبعة النووية    الإثنين.. مجلس الشيوخ يناقش مد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية    غدًا.. قطع المياه عن قرى دلهانس وشنرا لتطهير خزان محطة بشرى ببني سويف    حسن عبدالله يشارك في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين    فؤاد: مصر تولى اهتمامًا كبيرًا لحل مشكلة المخلفات الصلبة على مستوى المحافظات    حزب الله يستهدف دبابة إسرائيلية على أطراف مروحين    وزير الخارجية الأمريكي يدعو لتسوية الوضع في لبنان    الاتحاد الأوروبي: نسابق الزمن لتجنب توسع النزاع في لبنان    كان بوابة الرباعية.. ماذا فعل الأهلي الموسم الماضي عندما توج بالسوبر المصري؟    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    اقبال على شباك تذاكر عروض اليوم الأول للدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية يشهدان احتفال محافظة السويس بالعيد القومي    جامعة طنطا تنظم قافلة طبية مجانية بمقر المجمع الطبي بشبرا النملة.. غداً    أسعار البيض المستورد في منافذ وزارة التموين.. ضخ 10 آلاف طبق أسبوعيا    ضبط 11 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    رئيس جهاز الشروق يُعلن الانتهاء من رصف المرحلة الأولى للمحور الشرقي للمدينة    «غادرت دون أن أودعها».. راغب علامة ينعى شقيقته برسالة مؤثرة: «صديقتي وابنتي وأمي»    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد بدر بالسويس    مركز الأزهر العالمي للفتوى: الإخلاص في العمل يغير الإنسان والمجتمع    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد في بنها    تعاون بين «المجلس الصحي» و«العامة للاعتماد والرقابة» لتعزيز التطوير الأكاديمي والمهني    مصر ملتزمة باستمرار إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة رغم التعنت الإسرائيلي    استدراج وتهديد بسلاح ناري لإجبار مواطن على توقيع إيصال أمانة في الفيوم    خلال 24 ساعة.. تحرير 617 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    ميناء دمياط يستقبل 38 سفينة حاويات وبضائع عامة    كيف أكدت كلمة الرئيس أهمية تعزيز الاستثمارات النسبية لدول بريكس    الدورة ال32 لمهرجان الموسيقى العربية بوابة رسائل ودعم النجوم لفلسطين ولبنان    بمشاركة 4 محافظين وشركاء التنمية.. وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تترأسان لجنة تسيير البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة.. وزيرة البيئة: الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا لحل هذه المشكلة    وزير المالية: نعمل على تعظيم عوائد الاستثمار فى مصر من خلال بيئة أعمال متوازنة وجاذبة وأكثر تنافسية    الإمارات.. سفينة تحمل 2000 طن مساعدات إغاثية تصل مرفأ بيروت    قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة شرق القدس المحتلة    10 قتلى من ضباط وجنود الاحتلال خلال 24 ساعة في جنوب لبنان    وفاة والدة الفنان أحمد عصام.. موعد ومكان الجنازة    محافظ أسيوط يشهد انطلاق مؤتمر اليوم الواحد الأدبي تحديات الأدب في عصر الرقمنة    «منها 13 جديدًا أو إحلالًا».. الأوقاف تفتتح 23 مسجدًا    وصول أبطال كأس السوبر المصري إلى القاهرة عبر مصر للطيران    حبس المتهم بإشعال النيران بمخزن والده لطرده من المنزل في الشرقية    كيفية غسل الميت للرجال والنساء.. اعرف الطريقة الشرعية    إعادة محاكمة متهم بأحداث عنف الزيتون| غدا    جمال الغندور: طاقم التحكيم في السوبر المصري قدم أداءً مميزاً    هيئة الدواء: ضخ 47 مليون عبوة دواء من المضادات الحيوية وعلاج الضغط بالصيدليات    بحضور شيخ الأزهر .. بروتوكول تعاون بين «الرعاية الصحية» وبيت الزكاة والصدقات لعلاج المرضى غير القادرين    الآلاف يحتفلون بالليلة الختامية لمولد إبراهيم الدسوقي| فيديو    محافظ أسيوط يكرم الفائزين بالمسابقات العلمية الدولية ويطلب تنظيم مسابقة لأوائل الطلاب    ميدو: شيكابالا قائد بمعنى الكلمة..ولم يسعى لأخذ اللقطة    حمادة هلال ينعى والدة أحمد عصام    ترتيب الدوري الفرنسي قبل مباريات الجولة التاسعة    إدارة نوادي وفنادق القوات المسلحة تفتتح نادى النيل بعد انتهاء أعمال تطويره    سوليفان: واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران    اعتقاد خاطئ حول إدراك ثواب الجمعة مع الإمام في التشهد الأخير    طريقة عمل الكيكة السريعة، لفطار مميز وبأقل التكاليف    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    حبس موظف لقيامة بقتل زوجته بالمطرية    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    مي فاروق تختتم مهرجان الموسيقى العربية بأغنية "ألف ليلة وليلة" لأم كلثوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تنتصر للقدس بمؤتمر عالمى للأزهر
نشر في الوفد يوم 17 - 01 - 2018


كتبت سناء حشيش: - تصوير: رشدى أحمد
التاريخ لن يرحم كل متخاذل.. وليس لنا عذر فى أن نبقى ضعفاء مستكينين
البابا تواضروس: قرار «ترامب» ظالم.. ولا يراعى مشاعر المسلمين والمسيحيين
الرئيس الفلسطينى: القدس عربية إسلامية مسيحية ولا سلام دونها
دعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، العالم إلى وضع حد للعبث الصهيونى الهمجى، مقترحًا تخصيص هذا العام للقدس الشريف ودعم المقدسيين ماديًا ومعنويًا، وطالب كل العرب والمسلمين بالتأكيد دائمًا على عروبة القدس، لمواجهة القرار الجائر للرئيس الأمريكى ترامب، محذرًا من استهداف الأمة، قائلاً: «إن أمتنا مستهدفة وبمكر شديد فى دينها وهويتها ومناهجها التعليمية والتربوية، ووحدة شعوبها» وأضاف «نحن دعاة سلام، لكن السلام القائم على العدل، ولا يعرف الذلة ولا الخنوع، ولا المساس بذرة من تراب الأوطان والمقدسات».
وتابع: خلال ترؤسه المؤتمر الدولى لنصرة القدس، «كل احتلال إلى زوال، وان بدأ اليوم وكأنه أمر مستحيل، إلا أن الأيام دول، وعاقبة الغاصب معروفة، ونهاية الظالم وان طال انتظارها معلومة ومؤكدة».
واعترف شيخ الأزهر، فى المؤتمر الذى حضره البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، بعجز المناهج التعليمية والتربوية عن تكوين أى قدر من الوعى بقضية القدس فى أذهان الملايين من شباب العرب والمسلمين، قائلاً:
«لا يوجد مقرر واحد يخصص للتعريف بخطر القضية، وأوضح شيخ الأزهر ان التاريخ لن يرحم كل متخاذل أمام قضية القدس، وقال بحضور الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن «عدونا دخيل لا يفهم إلا لغة القوة، وليس لنا أى عذر أمام الله والتاريخ فى أن نبقى حوله ضعفاء مستكينين متخاذلين، وفى أيدينا كل عوامل القوة ومصادرها المادية والبشرية».
وأعلن المشاركون فى المؤتمر- الذى يرعاه الرئيس عبدالفتاح السيسى ويستمر ليومين- رفضهم الكامل لقرار الرئيس الأمريكى بجعل القدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدين نيابة عن شعوب «86» دولة، أن القدس ستظل قضية الأمة الإسلامية والعربية للأبد، واستمرار التصدى لقوى الاحتلال حتى تقام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
وقال الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب، شيخ الأزهر، انه مُنْذُ أبريل عام 1948م من القرن الماضى والأزهر الشَّريف يَعْقِدُ المؤتمرات تِلْوَ المؤتمرات عن فلسطين وعن المسجِد الأقصى والمقدَّسات المسيحيَّة فى القُدْس، وقد تتابعت هذه المؤتمرات حتَّى بلغت أحد عشر مؤتمرًا ما بين 1948 و1988، وحضرها أساطين العلماء والمفكِّرين المسلمين والمسيحيِّين من إفريقيا وآسيا وأوروبا، وقُدِّمت فيها أبحاث غاية فى الدِّقَّة والعُمق والاستقصاء، وبنفس المهمُوم الذى لَمْ يَتبقَّ له إلَّا نفثاتٌ تُشْبِه نفثات المصدُور الذى فقد الدَّواء واسْتعصَى عليه الدَّاء، وأضاف خلال كلمته أمس بمؤتمر الأزهر لنصرة القدس ان هذه المؤتمرات كانت فى كُلِّ مَرَّة تُعبِّر عن رفضِ العُدوان الصُّهيونى على مُقدَّسَات المسلمين والمسيحيِّين واحتِلال بيت المسجد الأقصى ثُم حَرقه وانتهاك حُرماته بالحفريات والأنفاق والمذابح فى سَاحاته، واغتِصَاب الآثار المسيحيَّة وتدميرها، من كنائِس وأديرَة، ومآوٍ ومقابِر فى القُدْس، وطبرية ويافا.
وقال الإمام الأكبر ان الأزهَر يدعو للمُؤتمر الثَّانى عَشر بعد ثلاثين عامًا من آخِر مُؤتمر انعقَد بشأنِ القضيَّة الفلسطينيَّة والمقدَّسات الإسلاميَّة والمسيحيَّة.. ومُؤتمرنا، رُغم ثرائه الهائل بهذه العُقُول النيِّرَة والضَّمائِر اليَقظة من شَرْقٍ وغَرب، قد لا يُتوَقَّع منه أنْ يضيفَ جديدًا إلى ما قيل وكُتِب من قبل فى «قضيتنا» وما يتعلَّق بأبعادها العلميَّة والتاريخيَّة والسياسيَّة، لكن حسب هذا المؤتمر أنه يَدُق– من جديد- ناقوس الخطَر، ويشعل ما عساه قد خبا وخمد من شُعلَة العَزم والتصميم، وإجماع العرب والمسلمين والمسيحيِّين وعُقلاء الدُّنيا وشُرَفائها– على ضرورة الصُّمُود أمام العبث الصهيونى الهمَجِى فى القَرن الواحِد والعشرين، وتدعمه سياسات دولية، ترتعد فرائصها إنْ هى فكَّرت فى الخروج قيدَ أنمُلَةٍ عمَّا يرسمه لها هذا الكيان الصهيونى والسياسات المتصهينة.
وأضاف الطيب أنه يعتقد اعتقادًا جازمًا، أنَّ كل احتلال إلى زوال إنْ عاجلًا أو آجلًا، وأنه إنْ بدا اليوم وكأنه أمر مستحيل إلا أن الأيام دول، وعاقبة الغاصب معروفة، ونهاية الظَّالم وإن طالَ انتظارها، مَعْلُومة ومؤكَّدة.. واسألوا تاريخ روما فى الشَّرق، واسألوا الفُرس عن تاريخهم فى شرقِ جزيرة العَرب، واسألوا حملات الفرنجة (التى يسميها الغرب بالصليبيَّة)، التى طاب لها المقام فى فلسطين مائتى عام، واسألوا الدول التى تباهَت بأنَّ الشَّمْس لا تغرب عن مستعمراتها، واسألوا الاستعمار الأوروبى وهو يحمِل عصاه ويرحل عن المغرب والجزائر وتونس ومصر والشام والعراق والهند وإندونيسيا والصومال.. اسألوا جنوب إفريقيا ونظام التمييز العنصرى وما آل إليه، اسألوا كل هؤلاء لتعلموا- من جديد- أن الزَّوال هو مصير المُعتدين، وأن كل قُوَّة مُتسلِّطة– فيما يقول ابن خلدون- محكومٌ عليها بالانحطاط، لافتا إلى انها حقيقة كونيَّة وسُنَّة إلهيَّة، والشَّكُّ فيها «زراية بالعِلْم، وزراية بالعَقل، وزراية بأمانة التَّفكير». وأضاف أن هذه الحقيقة مقرونة بحقيقةٍ أُخرى تسبقها وتُعدُّ لولادتها، وأعنى بها امتلاك القُوَّة التى تُرعِب العُدوان وتَكْسِر أنفه وتُرغِمه أن يعيد حساباته، ويُفكِّر ألف مرَّة قبل أن يُمارس عربدته وطُغيانه واستهانته واستبداده، وعلم الله أننا– رغم ذلك- دُعاة سلام، لكنَّه السَّلام القائمُ على العدلِ وعلى الاحتِرام، وعلى الوفاء بالحقُوقِ التى لا تقبَل بيعًا ولا شراء ولا مُساومة، سلامٌ لا يَعْرِف الذِّلَّة ولا الخنُوع ولا المساس بذرَّةٍ من تُراب الأوطان أو المُقدَّسات.. سلامٌ تدعمه قُوَّة عِلْم وتعليم واقتصاد وتحكُّم فى الأسواق، وتسليح يُمَكِّنه من ردِّ الصَّاع صاعين وبَتْر أى يد تُحاول المساس بشعبِه وأرضِه.
وتابع: أنا مِمَّن يؤمن بأنَّ الكيان الصهيونى لَيْسَ هو الذى ألحقَ بنا الهزيمة فى 48 أو 67 أو غيرهما من الحروب والمناوشات، وإنما نحن الذين صنعنا هزيمتنا بأيدينا، وبخطأ حساباتنا وقِصَر أنظارنا فى تقدير الأخطار، وتعاملنا بالهزل فى مواطن الجد. وما كان لأمَّة موزَّعة الانتماء، مُمزَّقة الهُويَّة والهوى أن تواجه كيانًا يُقاتِل بعقيدةٍ راسخةٍ، وتحت راية واحدة، فضلًا عن أن تسقط رايته وتكسر شوكته، وصدق الله العظيم: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ الأنفال: 46.
وأضاف: إنَّنِى على وعى تامٍّ بأنَّ كلماتى هذه قد لا تتمخَّض عن جديد يُذْكَر، وأنَّها ما زالت تَدْفُقُ من رَحِم الآلام والأوجاع، وأن تأثيرها لا يَعْدُو تأثير ما قرع أسماعنا وآذاننا، عبر سبعين عامًا، من خطبِ أساطين السياسة والعِلْم والفِكر والإعلام، دون أن يُغيِّر واقِعًا أو يُوقِف شهوة مسعورة فى القضم والابتلاع، أو يُعَبِّر عن دِمَاء سُكِبَت وعن تضحياتٍ ومعاناةٍ وآلامٍ فى السجون والمعتقلات، تَعرَّضَ لها شعب فلسطين وشبابُها ونساؤها وأطفالها، فى مقاومة صامدة لا تلين، وصبر لا ينفد وعزيمة لا ضعف فيها ولا وهن.
وأشار إلى أن المؤتمر ينعقد فى ظروفٍ وملابسات تُشْبِه السُّحُب الدَّاكنة التى تُنْذِر بالسيول الجارفة؛ فقد بدأ العد التنازلى لتقسيم المنطقة وتفتيتها وتجزئتها، وتنصيب الكيان الصهيونى شرطيًّا على المنطقة بأسرها تأتمر بأمره، ولا ترى إلَّا ما يراهُ هو ويُريها إياه، وما على المنطقة إلَّا السَّمْع والطَّاعة، وإن نظرة على ما يُدَبَّر لهذا الوطن على شواطئ الأطلسى، ومداخل البحر الأحمر وشواطئ شرق المتوسط، وامتداداتها، فى اليمن والعراق وسوريا– لجديرة بالتنبيه إلى أنَّ الأمر جَلَل، وأن ترداد الخُطَب واجترار الشِّعَارات لم يعُد يُناسب حجم المكر الذى يُمْكر بنا، وأننا لو واجهناه بما اعتدنا مواجهته به منذ سبعة عقود فلسوف تلعننا الأجيال المقبلة، ولسوف يخجَل أحفادنا من أن نكون آباءهم وأجدادهم، وإذا كان لى من أمل أنتظر تحقيقه من لقائنا هذا فهو أن يتمخض هذا المؤتمر عن نتائج عمليَّة غير تقليديَّة، تستثمر فيها الطَّاقات وتنظم الجهود مهما صغرت أو بدت غير ذات شأن.. وأوَّل ذلكم وأهمه هو: إعادة الوعى بالقضيَّة الفلسطينيَّة عامَّة وبالقُدس خاصَّة، فالحقيقة المُرَّة هى أن المقرَّرات الدِّراسيَّة فى مناهجنا التعليميَّة والتربويَّة فى كل مراحل التعليم عاجزةٌ عن تكوين أى قَدْر من الوعى بهذه القضية فى أذهان ملايين الملايين من شباب العرب والمسلمين، فلا يوجد مُقرَّر واحد يخصص للتعريف بخطر القضيَّة، وبتاريخها وبحاضرها وتأثيرها فى مستقبل شبابنا الذى سيتسلَّم راية الدِّفاع عن فلسطين، وهو لا يَكاد يَعْرِف عنها شيئًا ذا بال، وذلك بالمقارنة بشباب المستوطنات الذى تتعهده منذ طفولته مناهج تربويَّة ومُقرَّرات مدرسيَّة وأناشيد وصلوات تُشَكِّل وجدانه العدائى.. وتُغذِّيه بالعُنصرية، وكراهية كل ما هو عربى ومُسْلِم.. وهذا الذى نفتقده فى مناهج التعليم نفتقده أيضًا فى وسائل الإعلام المختلفة، فى عالمنا العربى والإسلامى، فالحديث عن فلسطين وعن القدس لا يكاد يتجاوز خبرًا من الأخبار، أو تقريرًا رتيبًا من تقارير المراسلين، لا يلبث أثره أن يذهب بانقضاء الخبر وذهاب المذيع إلى خبر آخر.
وثانى المقترحات هو: أن القرار الجائر للرئيس الأمريكى الذى رفضه أكثر من ثمان وعشرين ومائة دولة، وأنكرته كل شعوب الأرض المحبة للسلام، يجب أن يُقابَل بتفكير عربى وإسلامى جديد يتمحور حول تأكيد عروبة القدس، وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتبعيتها لأصحابها، وأن يتحول هذا التأكيد إلى ثقافة محلية وعالمية تحتشد لها طاقات الإعلام العربى والإسلامى، وما أكثرها، وهو الميدان الذى هُزمنا فيه ونجح عدونا فى
تسخيره لقضيته.
وأكد ضرورة التعامُل مع قضية القُدس من المنظور الدِّينى: إسلاميًّا كان أو مسيحيًّا. قائلا: ومن أعجب العجب أن يُهمَّش البُعد الدينى فى مقاربات القضية الفلسطينية، بينما كل أوراق الكيان الصهيونى أوراق دينية خالصة لا يدارونها، ولا يحسبونها سوءات يتوارون منها، وماذا فى يد هذا الكيان من مبررات فى اغتصاب أرض تنكره، بل تنكر آباءه وأجداده غير التهوس بنصوص وأساطير دينية تبرر العدوان، وتستبيح دماء الناس وأعراضهم وأموالهم! بل ماذا فى يد الصهيونية المسيحية الحديثة التى تقف وراء هذا الكيان وتدعمه وتؤمِّن له كل ما يحلم به، غير تفسيرات دينية زائفة مغشوشة يرفضها آباء الكنيسة وعلماء المسيحية وأحبارها ورهبانها وينكرونها أشد الإنكار.
واقترح الامام الأكبر أن يُخصَّص هذا العام عام 2018م ليكون عامًا للقُدس الشريف: تعريفًا به، ودعمًا ماديًّا ومعنويًّا للمقدسيين، ونشاطًا ثقافيًّا وإعلاميًّا متواصلًا، تتعهده المنظَّمات الرسمية كجامعة الدول العربية، ومُنظَّمة التعاون الإسلامى، والمؤسَّسَات الدِّينية والجامعات العربيَّة والإسلاميَّة، ومُنظَّمات المجتمع المدنى وغيرها.
ودعا شيخ الازهر الأمَّة إلى أن تتنبَّه نُخَبُها إلى أنها أُمَّة مستهدفة- وبمكر شديد- فى دينها وهويتها ومناهجها التعليمية والتربوية، ووحدة شعوبها وعيشها المشترك، وعلى الأُمَّة أن تعتمد على سواعدها، وأن تستعيد ثقتها فى الله وفى أنفسها وفى قُدراتها، وألَّا تركن إلى وعود الظَّلَمَة القابعين وراء البِحَار مِمَّن قلبوا لنا ظهر المجنّ، وتجاوزوا كل الخطوط الحمراء، {وَلاَ تَرْكَنُواْ إلى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}.
ومن جانبه أكد البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ان القدس لها مكانة مهمة فى قلب كل إنسان، مؤكدًا أنها مؤهلة لتكون واحة سلام تلتقى فيه الصلوات ليدرك الناس افرادًا وشعوبًا أهمية التعايش السلمى المشترك للعيش فى سلام وأمان.
وتقدم البابا تواضروس خلال كلمته بمؤتمر الأزهر لنصرة القدس فى جلسته الافتتاحية، بالشكر لفضيلة الإمام الأكبر على دعوته للمشاركة فى هذا المؤتمر، قائلاً: ما أجمل ان نلتقى جميعًا بفكر واحد من أجل قضية سامية مصيرية لها بعد ثقافى ودينى وعقائدى، مضيفًا أن ما يجمعنا هو المدينة المقدسة وأنها ليست مجرد مكان يتمتع ببعض الآثار ولكنها رمز للالتقاء وعلى أرضها المقدسة نزلت الأديان.
وأوضح بطريرك الكرازة المرقسية انه من المؤسف أن تكون مدينة القدس مسرحًا للصراع والاقتتال، مبينًا أن السلام خيار لا بديل عنه ولا يأتى الا باحترام الشعب الفلسطينى وكل شعوب المنطقة، مشددًا على ان ما تم لم يرع مشاعر المسلمين والمسيحيين فى الشرق الأوسط.
وأكد البابا تواضروس ان قرار الرئيس ترامب قرار ظالم وجائر ونحن نرفض الظلم والقهر واستغلال النصوص الدينية، مؤكدًا أننا نقف دائمًا بجانب من يناضلون من أجل حريتهم، وكرامتهم وحقوقهم ضد المغتصبين وعلينا ان نفكر كيف يستعيد هذا الشعب حقوقه.
واختتم البابا تواضروس كلمته بأنه لا يمكن تجاهل مشاعر الملايين على وجه الأرض لذا نخاطب العالم كله لينظر للقضية الفلسطينية بعين الإنصاف لمنح حق المصير للشعب الفلسطينى بإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، ونأمل ان يكون المؤتمر خطوة للأمام لاستعادة الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة.
وقال الرئيس الفلسطينى محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، إن القدس هى زهرة فلسطين وقلبها النابض، وهى عاصمتنا الأبدية التى تنتمى إلينا وننتمى إليها، وهى أغلى عندنا من أنفسنا وأرواحنا، وقد جعلها الله موضع ميلاد السيد المسيح– عليه السلام- ومهوى أفئدة المؤمنين على مر العصور، وقد ظل أهلها على مر التاريخ فى رباط لعدوّهم قاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ولا من عاداهم حتى يأتيهم أمر الله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله الموعود ويدخل المسلمون المسجد كما دخلوه أول مرة.
وقدم الرئيس أبومازن الشكر لفضيلة الإمام الأكبر وللأزهر الشريف ولجمهورية مصر العربية على تنظيم هذا المؤتمر العالمى لنصرة القدس التى هى فى أمس الحاجة وأكثر من أى وقت إلى نصرتكم وجهودكم لها، فنحن اليوم فى خضم تحديات كبيرة وفى مواجهة مؤامرة كبرى تستهدف القدس بكل ما تمثله من قيمة دينية وإنسانية وحضارية، هذه التحديات بدأت منذ وعد بلفور المشئوم الذى أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق على حساب الشعب الفلسطينى وعلى مقدساته.
وأضاف الرئيس الفلسطينى أن المؤامرة جاءت لزرع جسم غريب فى فلسطين لصالح الغرب، ثم جاءت الخطيئة على يد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وادعى فيها زورًا وبهتانًا أن القدس عاصمة إسرائيل فى تحدٍّ سافر وتحد لمشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وبهذا القرار اختارت الولايات المتحدة الأمريكية أن تخالف القانون الدولى وأن تتحدى إرادة الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم كافة، وقد ناقض الإجماع الدولى الذى رفضه العالم فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشار أبومازن إلى أن فلسطين حصلت على 705 قرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة و86 قرارًا من مجلس الأمن منذ سنة 1948، ولكن هذه القرارات لا تُطبق على أرض الواقع؛ فماذا على الشعب الفلسطينى أن يفعل إن كانت أعلى منصة فى العالم وهى الأمم المتحدة لم تنصفنا، مطالبًا الدول العربية والإسلامية بأن تقف وقفة واحدة فى وجه هذا العالم الظالم، مؤكدًا أن دولة فلسطين ملتزمة بالطريق السلمى للحصول على حقوقها، وأن قرار ترامب جاء مناقضًا للقرارات الأمريكية السابقة التى اعترفت بأن الاحتلال باطل والاستيطان باطل، فكيف نثق بهذه الدولة التى تناقض نفسها.
وشدد أبومازن على أن الولايات المتحدة الأمريكية أخرجت نفسها من عملية السلام فى فلسطين بهذا القرار الخطير، ولم تعد صالحة للقيام بدور الوسيط الذى كانت تلعبه خلال العقود الماضية، لافتًا إلى أن فلسطين ستعود لتستخدم الوسائل القوية للدفاع عن حقوقها وعلى رأسها العودة إلى جماهيرية القضية وتحدى هذا الاحتلال ومواصلة الانضمام إلى المعاهدات الدولية كحق أصيل لدولة فلسطين وهو ما بدأ العمل عليه بالفعل، ولن نتوقف عن دعم قضيتنا حتى إنهاء الاحتلال من على أرض فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وفقًا للمبادرة العربية للسلام التى صدرت فى قمة بيروت عام 2002.
واستطرد الرئيس الفلسطينى بأن مدينة القدس هى مهد السيد المسيح ورفعته، وهى بوابة السماء من معراج المصطفى محمد، إلى سدرة المنتهى، وهناك يهود يؤمنون بأنها عربية وهى للمسلمين والمسيحيين ويؤمنون بأنهم من حقهم أن يزوروها لكن لا يقيمون فيها دولة، مشددًا على أنه لم ولن يأتى اليوم الذى يساوم فيه أو يُفرط أى فلسطينى مسلمًا كان أم مسيحيًا فى أى حبة رمل من تراب القدس، وأن قرار ترامب لن يعطى إسرائيل أى شرعية ولن يمنح الاحتلال حقا فى أرضنا أو سمائنا، وقد كانت القدس ومازالت إسلامية مسيحية عربية ودونها لا يمكن أن يكون سلام فى المنطقة، فالقدس هى بوابة السلام للجميع حين تكون فقط عاصمة لدولة فلسطين وهى بوابة الحرب والخوف وغياب الأمن والاستقرار لا قدر الله إن لم تكن كذلك.
وقال مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتى، خلال كلمته بمؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس، أن مدينة القدس صاحبة خصوصية، فهى مدينة كل الناس والأجناس، مدينة المساجد والكنائس والمعابد، ومهبط للأديان والرسالات، مشددًا على ضرورة التعرف على مكانة القدس وتاريخها المقدس حتى نستطيع أن ننصر القدس.
وأوضح رئيس مجلس الأمة الكويتى، أن عدونا يريد شيئًا واحدًا هو أن يهزم صاحب القضية وهو الشعب الفلسطينى وبعدها ييأس العرب ويتركون القضية وهو أمر جد خطير، مطالبًا بنصرة المقدسيين ودعم الشعب الفلسطينى القابع تحت الاحتلال فهو القضية الرئيسة لنصرة القضية الفلسطينية.
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد أبوالغيط، عن كامل تقديره لمواقف الأزهر الشريف وإمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، تجاه قضية القدس ورفضه قرار الإدارة الأمريكية بشأنها، وتحصين الأجيال من أى تشويه أو تحريف أو ابتعاد عن قضية القدس، قائلًا: «كلنا ثقة فى أن الأزهر لن يسمح بإضعاف القضية وأنه لن يخذل القدس أبدًا».
وقدر الأمين العام مساعى مصر العروبة والإسلام، رئيسا وحكومة وشعبا، وجهدها الكبير في نصرتها للقضية الفلسطينية، مثنيًا على بيان شيخ الأزهر المهم الذى أتى فى حينه تجاه الخطوة الأمريكية الباطلة شرعا وقانونا.
وشدد السفير أبوالغيط على ضرورة مساندة الشعب الفلسطينى الذى يعانى الكثير، وأن مساعدته واجب على كل مسلم، موضحا أن نصرة الأقصى لن تتحقق إلا بنصرة أهله.
وأكد مشعل بن فهم، رئيس البرلمان العربى، أن على الجميع تحمل مسئوليته تجاه المخاطر التى تواجه الشعب الفلسطينى وأمام القرار الأمريكى المرفوض، الذى يعبث بالقانون الدولى، ويعد استفزازًا صارخًا للعرب والمسلمين والمسيحيين وأحرار العالم.
وأوضح «فهم» أن البرلمان العربى اتخذ القدس شعارًا للتحرك من إيمان عميق بأن القضية الفلسطينية هى قضية العرب والمسلمين والمسيحيين الأولى والمحورية، موجهًا التحية للشعب الفلسطينى لشجاعته وتضحياته ضاربًا أروع الأمثلة فى الصمود والمقاومة ضد سياسات القتل والتهجير من قبل قوات الاحتلال الغاشمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.