أظن أنه قد حان الوقت لكي نعيش عصر الكثرة، ففي الكثرة التعدد والتنوع، أن نعيش الكثرة في الدين والفكر والأيديولوجية والمذهب والعرق والجنس والنوع، قد حان الوقت أيضا لكي ننهى تماما عصر تسلط الفكر والعقيدة والمذهب والأيديولوجية والعرق والجنس والنوع الواحد، فالتاريخ قد أكد فشل وعجز وفساد وديكتاتورية الأحادية، في الكثرة تتنوع الرؤى ويتسع الأفق وتسمو القيم. لذا يجب أن نتفق هنا ومن البداية أن الدولة المدنية هي البديل الوحيد الذي نقبله للبلاد، ففي المدنية تتحقق الكثرة والتعدد والتنوع، وفى المدنية يعيش المواطن المسلم(السني والشيعي والأباضى) والمسيحي(الكاثوليك والأرثوذكس، والبروتستانت) واليهودي والدرزي والصابئى والبهائي والبوذي، في الكثرة ينتج الاشتراكي والليبرالي والناصري والرأسمالى والوجودي، في الكثرة يعمل الرجل والمرأة والشاب والمسن، في الكثرة تتفشى الرحمة والسماحة ويتسيد منطق الجماعة، في الكثرة يتسيد القانون. وهنا يجب أن نتفق أيضا على عدم تسليم البلاد لأي تيار ديني، كان من الإخوان المسلمين أو من السلفيين أو غيرهما من أصحاب الخطاب الديني، وحتى لو كانت هذه التيارات قد جاءت عن طريق صناديق الاقتراع. كما يجب أن نتفق كذلك على عدم تسلم البلاد لأتباع أيديولوجية واحدة، كانوا من الليبراليين أو الناصريين أو الاشتراكيين أو غيرهم، فقد انتهى في مصر وإلى ما شاء الله عصر الأيديولوجية أو الخطاب الديني الواحد، وأن مصر يجب ألا يركبها تيار ديني أو مذهب فكري بعينه، وعلينا أن نعيش التعدد والتنوع والكثرة في الدين والمذهب والأيديولوجية والعرق والجنس والنوع قد يدعى البعض من أصحاب التيار الديني أننا برفعنا شعار الكثرة هذا نسعى إلى إقصائهم، ورفضنا هذا أو محاولتنا حسب زعمهم إلى إبعادهم عن الساحة بالضرورة أننا نحارب الله عز وجل، وأننا نرفض كتاب الله وشريعته السمحاء، وسوف يخرج البعض منهم ويتهمنا بأننا نفضل الفسق والدعارة الدنيوية عن المقدس السماوي، أو أننا نحارب كل ما هو إسلامي، أو أننا كفرة من الملحدين، نقول لجميع هؤلاء قولوا ما شئتم وادعوا ما تريدون، ولكم مطلق الحرية أن تنتقوا اتهامات من خطابكم الديني بما يتسع خيالكم وتلقوها فى وجوهنا، لكننا في النهاية لن نتراجع عن الكثرة والتعدد والتنوع، ولن نسلم البلاد لأصحاب أيديولوجية أو خطاب دينى بعينه، ولا فرق عندنا بينكم وبينهم كلاكما أيديولوجية، هم تبنوها ممن صنعوها وأنتم صنعتموها ونسبتموها إلى الله عز وجل. من هنا نرفض تماما ما يروجه بعض قيادات الخطاب الديني، في جماعة الإخوان المسلمين أو في حزب النور أو غيرهم من أصحاب التيارات الدينية، حول تغيير الحكومة الحالية وتشكيل أخرى برئاسة أحد قيادات التيار الديني، حتى لو كانت هذه الحكومة تحت عنوان حكومة ائتلافية أو عنوان حكومة إنقاذ وطني، الوطن لن ينقذه تسلط تيار بعينه على جميع مؤسسات الدولة، ففي توليكم رئاسة الحكومة هدم لفكرة الكثرة التي ننشدها ونأمل تحقيقها، كما أنه سوف يجعلكم تسيطرون على مجلس الشعب وعلى الشورى وعلى الحكومة وبعد ذلك على المحليات، ثم على رئاسة الجمهورية، ثم تحولون البلاد في ظرف أيام إلى أفغانستان أو طالبان أو فرع لتنظيم القاعدة أو حتى إلى خلافة إسلامية وسطية. نحن نتمسك بالكثرة، وسنسعى إلى تحقيقها ففي الكثرة كما سبق وقلنا: التنوع والتعدد، وخطابكم الديني يفتقد للكثرة.