الشعوب تريد اختيار حكامها بالديمقراطية لتحقيق العدالة الاجتماعية والحكام يريدون السيطرة والاستمرار بالسلطة، أى أن الديمقراطية هى أكبر عملية تفاعل انسانية فى العصر الحديث، نحن كعرب ومسلمين لم نمارس الديمقراطية منذ اختراعها، كما أن مصر تمثل الثقل الحضارى الاول بالشرق، فهل يعقل ان تتنازل بسهولة أمريكا وتتركنا نحقق الديمقراطية حتى نحقق النهضة والسيادة الوطنية؟ -ما تم حتى الآن هو التضحية بعائلة مبارك مع الاحتفاظ بالنظام القديم، البرلمان مع الشورى هو الإنجاز الحقيقى كأول خطوة ديمقراطية لكن هل ينوى المجلس العسكرى تسليم السلطة كاملة للحكم المنتخب؟ فتسليم السلطة يحتاج الى «سرعة وجودة» والسرعة لازمة بالضرورة لكن الجودة هى الاخطر والا نعود تدريجيا للاستبداد والفساد وتحالف السلطة والثورة ولذلك لابد من توافق وتكاتف الميدان والبرلمان حتى يتم بناء النظام السياسى بالكامل وتكون الشرعية للبرلمان والمؤسسات الدستورية فقط بديلا عن الشرعية الثورية الميدانية. - فمثلا، يجب عدم ترشح أحد العناصرالتابعة للعسكر للانتخابات الرئاسية القادمة التى ستمثل المحطة المحورية فى عملية نقل السلطة، ويجب ضمان نزاهة هذه الانتخابات المفصلية فمن الذى يستطيع أن يطالب بذلك الآن؟. البرلمان منفردا أم الميدان والبرلمان سوياً؟ -الشىء بالشيء يذكر، مليارديرات أمريكا اقترحوا على أوباما تفعيل ضريبة استثنائية على الاغنياء لتغطية العجز الاقتصادى لمواجهة احتجاجات «وول ستريت» ضد استحواذ القلة على الثروة، فلماذا لا يتبنى العسكر «ضريبة الثورة» للخروج من أزمتنا الاقتصادية، وذلك بالاضافة للمبادرات المجتمعية التى تحاول تعويض المعونات الخارجية تحقيقا للسيادة الوطنية، فضلا عن ان الجيش يستطيع ضبط الأمن لدعم الاقتصاد ولمواجهة الانفلات الأمنى لكنه يتعرض لضغوط من الاطراف الداخلية والخارجية المضادة للثورة تجعله بدون رؤية واضحة لاستيعاب مشاكل المرحلة الانتقالية، اذن لابد من الضغط بالميدان مع البرلمان، لتحقيق مطالب الثورة. -فى مثل هذه الظروف جعل الميدان فى مواجهة البرلمان يمثل خيانة عظمى متعمدة وممولة ومغطاة إعلامياً من القوى المناهضة للثورة والديمقراطية فالميدان هو الذى أطاح بوثيقة السلمى وبمؤامرة تنصيب البرادعى رئيسا لحكومة «انهيار وطنى» بصلاحيات رئاسية لنقل السلطة لما هو مدعوم أمريكيا وليس شعبيا كما أن الميدان هو الذى نجح فى تحديد موعد نهائى لتسليم السلطة منتصف 2012. -نحن ننتقد المجلس العسكرى موضوعيا لكننا لا نقبل بإسقاطه كما ينادى البعض فى حين أننا نريد تسليم السلطة كاملة غير منقوصة فى الموعد المحدد وعلى أن يكون العسكر خاضعين للإرادة الشعبية والرقابة البرلمانية مثل كل دول العالم المتقدم. هذه المعادلة الشديدة التعقيد لايمكن أن تتحقق الا من خلال تكاتف الميدان والبرلمان بتوجيه من تحالف قوى سياسية وطنية تستهدف تحقيق أهداف الثورة حيث لابد ان يكون هناك أثر سياسى للفعاليات الثورية، فالضغط السياسى المدعوم ثوريا وشعبيا هو السبيل الوحيد لتسليم السلطة الكاملة، لا يمكن تفعيل قدرة البرلمان تبعا للإرادة الشعبية لتحقيق نقل السلطة الا بدعم الميدان «استمرارية الميدان شرط فعالية البرلمان» لابد من تعانق المظاهرات السلمية مع الانتخابات لبناء المؤسسات الدستورية، «صناديق الشهداء وصناديق الاقتراع ايد واحدة» فبدون الشهداء لم نكن لنصل للصحوة الشعبية والثورة المباركة وبدون البرلمان لايمكن أن ننتزع حقوق الشهداء المهملة الآن فضلاً عن أموالنا المنهوبة. - لابد من الحراسة الشعبية والاستماتة الوطنية طوال المرحلة الانتقالية حتى يتم مراقبة الجميع من ذوى السلطة، مراقبة الحكومة لتحقيق الأمن ودعم الاقتصاد، باقى مراحل الانتخابات وتأسيس الدستور بحضور شعبى، مصر عبارة عن سفينة تسير فى الطريق الصحيح والمشكلة فى معدل سرعة السير، الثورة المصرية الربانية منتصرة بإذن الله، كل الشواهد تؤكد ذلك لكن المطلوب من جموع المصريين استشعار خطورة المرحلة الانتقالية التاريخية وكما يقال - هذا هو السبيل «عضوا عليه بالأنامل». رئيس جمعية المقطم للثقافة والحوار