3٫2 تريليون جنيه حجم الديون المحلية.. و3 تريليونات منها أوراق حكومية شهدت أدوات الدين المحلية من أذون وسندات صعوداً كبيراً للأسبوع الرابع على التوالى محققاً أعلى مستوى منذ مطلع سبتمبر الماضى حتى الآن، حيث ارتفعت الفائدة على أذون 91 و182 يوماً لتتجاوز 19٪ وارتفعت على الأذون 266 يوماً بنحو 70 نقطة أساس لتصل إلى 18٫7٪، وهو ما فرض أعباءً جديدة على حجم الديون المحلية تؤثر سلباً على إصلاح أوضاع المالية العامة بسبب اتساع فجوات التمويل والتوسع فى الاقتراض المحلى. فقد ارتفع حجم الديون المحلية المستحقة على مصر لتصل إلى 3٫2 تريليون جنيه فى يوليو الماضى وفقاً لأحدث بيانات البنك المركزى مقابل 2٫6 تريليون جنيه فى يونيو 2016 بزيادة 540٫2 مليار جنيه خلال عام. وبلغت أرصدة الأذون وسندات الخزانة نحو 3 تريليونات جنيه مقابل 2٫3 تريليون جنيه خلال نفس الفترة، هذا بخلاف الاقتراض الخارجى، الذى بلغت ديونه 79 مليار دولار فى نهاية يوليو الماضى ويقترب من 100 مليار دولار حالياً. البنك المركزى حقق نجاحات كبيرة فى القضاء على السوق الموازية للدولار وتعدد أسعار الصرف التى كانت تعانى منا السوق المصرفى، وقضى على ندرة توافر الدولار وأزال القيود التى كانت مفروضة عليه بعد ثورة يناير 2011، وهو ما يعطى ثقة لدى الجهاز المصرفى وحل أزمة العملة بلا رجعة. وتبقى مشكلة ارتفاع معدلات التضخم وفقاً لما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإنها ما زالت مرتفعة رغم مرور سنة على قرار تحرير سعر الصرف، كما أن معدلات الفائدة بالبنوك مقارنة بالتضخم تعد سلبية، حيث إن أعلى فائدة بالبنوك الآن 20٪ ولم تستجب البنوك للقرار الأخير لرفع الفائدة من جانب المركزى وظلت على حالها وبالتالى فإن الداعين لخفض الفائدة متعجلون، وأن قرار المركزى ومحافظه طارق عامر بتثبيت الأسعار جاء مدروساً، ومن المنتظر أن يقوم بتثبيته فى الاجتماع القادم، لأن أثر التضخم ما زال واضحاً وهو ما سيؤدى إلى ضغوط من جانب الحكومة على محافظ البنك المركزى للسعى فى اتجاه خفض الأسعار لأن لها مصلحة فى خفض أعباء الديون بينما مهمة المركزى ومحافظه هى ضبط الأسعار ولا أحد يمكنه التنبؤ بما سيكون له الغلبة. وهناك مشكلة فى هذا السياق يواجهها البنك المركزى وهى أنه كلما يحدث تقدم فى ضبط الأسعار تقوم الحكومة بقرارات تؤدى لانفلات التضخم. فقد كانت هناك توقعات من المحللين تذهب إلى إمكانية خفض العائد على الجنيه بنسب كبيرة تصل إلى 3٪ وبالتالى كان الإقبال كبيراً من البنوك على الاكتتاب فى أدوات الدين، للاستفادة من عوائدها المرتفعة فى الوقت الحالى وبرزت عوامل أخرى من شأنها التأثير على التضخم مثل الارتفاع الكبير فى أسعار السجائر، وتقلصت نسب خفض الفائدة المتوقعة لما بين1 و2٪ حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل. واحتلت مصر المرتبة ال121 عالمياً من حيث الدول الأقل نسبة للديون المحلية من الناتج المحلى الإجمالى من إجمالى نحو 140 دولة بنسبة ديون 97٫1٪ من الناتج وليس هناك دول أعلى منها فى المنطقة سوى لبنان واحتلت المرتبة 135 بنسبة ديون 143٫3٪ وفقاً للمنتدى الاقتصادى العالمى. وهناك توقعات مطمئنة رغم أرقام الديون فقد أشارت فاروس إلى توقعاتها بانخفاض عجز الموازنة المصرية إلى 10٪ من إجمالى الناتج المحلى فى 2017/2018 وإلى 8٪ فى 2019/2020، بسبب إجراءات الإصلاح المالى وزيادة النشاط الاقتصادى وأن زيادة النشاط الاقتصادى جنباً إلى جنب مع جهود الحكومة لتحسين كفاءة عملية الالتزام الضريبى سيساعدان على زيادة إيرادات الضرائب من 13٫3٪ من إجمالى الناتج المحلى فى 2016/2017 إلى 14٪ من إجمالى هذا الناتج على مستوى الثلاث سنوات القادمة. كما أن وكالة «موديز» العالمية للتصنيف الائتمانى أكدت أنه بالرغم من توقعاتها السلبية للنظام المصرفى الأفريقى خلال العام المقبل بسبب المخاطر التى يتعرض لها الاقتصاد الكلى وتراجع الدعم الحكومى ومخاطر الائتمان السيادى، إلا أن أداء القطاع المصرفى فى مصر والمغرب ونيجيريا سيكون أفضل خلال 2018، فى حين ستتأثر البنوك فى تونس وجنوب أفريقيا وكينيا بسبب هذه الظروف الصعبة. وذكر «موديز» فى تقرير أن البنوك الأفريقية ستحافظ على مخزون قوى من رأس المال والسيولة المحلية خلال عام 2018 إلا أن ظروف الاقتصاد الكلى ستظل صعبة فى أغلب الدول الأفريقية بسبب استمرار معدلات نمو اقتصادى دون المستوى وعدم اليقين السياسى فى بعض الدول. وكانت «موديز» قد توقعت فى سبتمبر الماضى تراجع عجز الموازنة المصرية إلى 10٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الجارى 2017/2018، مقابل 12٫1٪ فى العام المالى الماضى، وأعلنت تصنيف الوضع الائتمانى المصرى عند B3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، تعكس أن الاقتصاد كبير ومتنوع، وأن الزخم القوى للإصلاح الاقتصادى يواجه ضعف وضع المالية العامة. كما توقعت تسارع نمو الاقتصاد المصرى إلى 5٪ خلال العام المالى 2018/2019 بدعم من الإصلاحات الهيكلية للحكومة، وبالتالى فإن تسارع النمو الاقتصادى وتوقعات استمرار تراجع التضخم خلال الفترة القادمة خاصة مع تعليمات الرئيس بمد التحرير الكامل لأسعار الطاقة حتى عام 2022، بدلا من عام 2019 وهو يصب فى صالح انخفاض التضخم، ويبقى ملف المالية العامة وضغوط الديون المشكلة الأصعب خاصة أن لها تأثيرات سلبية على الأسعار ومستويات المعيشة.