بين الحين والآخر يطل علينا أذناب اليسار في مصر، بطلعتهم غير البهية، معتقدين أن فكرهم الضال المقبور في بلاده الأصلية منذ زمن، له مستقبل في مصر ما بعد الثورة، فبدأوا في عقد الندوات والمؤتمرات التي فضحت فكرهم الهدام للجميع، وأظهرت لجموع الشعب المصري كيف أنهم يخططون ويدبرون لهدم أركان الدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها مؤسسة الجيش، وتقويض أسس وقيم المجتمع المصري. فقد عكف هؤلاء النفر من الماركسيين والشيوعيين، أعداء أنفسهم ومجتمعهم ودينهم، على الافتراء على الله بالكذب وهم يعلمون، والتدليس في الدين، والمناداة بالفصل بين الإسلام والسياسة، والترويج للمقولات الكهنوتية الشائعة: «دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله»، و«لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين»، و«الدين لله والوطن للجميع».. وهذه القضية في رأي من أخطر القضايا المطروحة على الساحة اليوم، خاصة أن هناك تيارا دينيا معتدلا بدأ يفرض نفسه على الساحة بعد الثورة، ويتجه للعمل السياسي والاجتماعي بقوة، وباختيار حر من الشعب ذاته، كما رأينا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، هذا في مقابل السقوط الذريع لليساريين والعلمانيين، الذين يتبنون مبدأ الفصل بين الدين والسياسة. وبداية لا بد أن نؤكد - وكما قلنا من قبل مرارا وتكرارا - أن قضية الإسلام والسياسة ليست قضية تيار بعينه أو جماعة بعينها ولكنها قضية كل مسلم يفهم الإسلام فهما صحيحا، كدين شامل وكامل لكل شئون الحياة، وكمنهج صالح للتطبيق في كل زمان ومكان، ويريد أن يحيا حياة كريمة عزيزة في ظل المنهج الإلهي، الذي وضعه خالق البشر للبشر.. لا في ظل مناهج وضعية معيبة، أغرقتنا في بحر لجي من الهموم والمشكلات.. ولك أن تحدث – ولا حرج – عما ورثه المجتمع المصري من نظام مبارك البائد من مشكلات وتحديات، يحار أمامها الحكماء والعقلاء، مثل الفقر والبطالة والعنوسة والأزمة السكانية والتخلف والفساد المستشري في كل المواقع، بل حدث – ولا حرج – عن خضوعنا وتبعيتنا البغيضة لأمريكا، وهيمنتها على المنطقة، وتدخلها السافر في كل شئون حياتنا، ولو كنا دولة يحكمها الإسلام لأعزنا الله، ولما رضينا بالدنية في ديننا، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، كما قال الفاروق عمر بن الخطاب ، فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله. فكيف بكم يا من تريدون الفصل بين إسلامنا وبين شئون حياتنا؟.. أنكم تسيئون الأدب مع الله، وتدينون بالسمع والطاعة لأنبيائكم المقبورين منذ زمن بعيد من أمثال: ماركس ولينين وستالين ، وتريدون أن تحيوا عظامهم النخرة بعد أن صارت رميما.. تسيئون الأدب مع الله لأنكم تريدون أن تشاركوه في ملكه وفي حاكميته ، وتقرون لقيصر بالدنيا، أما الله سبحانه فله الدين، تقولون لله الدين، ولنا جميعا الوطن (الدين لله والوطن للجميع) ، إنها إذن قسمة ضيزى، فالله سبحانه لا يقبل أن يشاركه أحد في ملكة وحاكميته وهيمنته على الوجود بكل ما فيه، فالوطن وما فيه من بشر وشجر وحجر هو لله سبحانه، وقيصر وما يملك هو ملك لله سبحانه وتعالي ، ورقبته خاضعة لخالقه ومالكه، وعليه أن يسيّر دولته أو مملكته وفقا لمنهج الله، لا وفقا لمنهج وضعي مستورد من الشرق أو الغرب.. هذا هو الإسلام الحقيقي الذي تجهلونه يا من تروجون للفصل بين الإسلام والسياسة. الله سبحانه وتعالى أراد لدينه أن يسود وأن يقود ويحكم كل شئون الحياة، بما فيها من سياسة واقتصاد واجتماع وثقافة وإعلام .. إلى آخر ما تحتويه دنيا الناس، فكيف بكم تريدون للدين أن يقبع في مسجد أو في بيت، ولا يخرج الى الناس ليهيمن على شئون حياتهم ويصلح أحوالهم، ويقود مسيرتهم. ثم رأيناكم تروجون لمصطلح غريب ما سمعنا به في الأولين ولا في الآخرين، وهو مصطلح «الإسلام السياسي»، والإسلام لا يعرف هذا التدليس الذي تروجون له، وتختزلون الإسلام فيه، الإسلام له منهج سياسي ومنهج اقتصادي ومنهج اجتماعي ومنهج إعلامي، وكلها فرعيات من هذا الدين الواسع الذي ينظم حياة الإنسان جسدا وروحا، دنيا وآخرة، فسياسة المجتمع والناس جزء يسير من منهج الإسلام الشامل. فيا معشر اليساريين.. يا من تبحثون اليوم عن مستقبل ليساركم الضال في مصر ، إني أبشرهم بأنه لا مستقبل لكم ولا لفكركم في مصر، ومستقبلكم أسود بإذن الله، فعن أي مستقبل تبحثون وتتحدثون؟ عن مستقبل اليسار الذي سقط في الانتخابات البرلمانية الأخيرة سقوطا مدويا.. أم أنكم تبحثون عن مستقبل اليسار الذي سقط في بلاده نفسها ومسقط رأسه ، ونبذه الناس هناك، وأقبروه في مذبلة التاريخ بعد أن فشل فشلا ذريعا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. لماذا تكابرون وتصرون على نشر أفكاركم البالية في مصر، وأنتم على يقين من أن الشعب يعتز بدينه وعقيدته وينبذ أفكاركم ، ويسعى إلى وسطية إسلامية سمحة تجتمع عليها كل طوائف الشعب، وتحيا بها في ظل هذا الخضم الهائل من المشكلات والتحديات في الداخل والخارج، لكي نواجه هذه الهيمنة الأمريكية والصهيونية البغيضة التي تهدد وجودنا ومستقبلنا وتزلزل الأرض من تحت أقدامنا. إنني على يقين ، يا معشر اليساريين أن مستقبلكم في مصر غامض ومجهول .. بل لا مستقبل لكم على الإطلاق في بلد الأزهر ومعقل الإسلام في الشرق، والصفعة القوية التي تلقيتموها من الشعب في الانتخابات الأخيرة يجب أن تكون درسا قاسيا لكم لكي تراجعوا أنفسكم وتطلّقوا أفكاركم ومعتقداتكم اليسارية البالية طلقة لا رجعة فيها، وتندمجوا مع جموع الشعب المصري عن بكرة أبيكم، وتتصالحوا مع الله سبحانه، وتضعوا أيديكم في أيدينا – نحن عامة الشعب – لكي نعلنها وسطية إسلامية خالصة لله سبحانه .. لا شرقية ولا غربية، ونعمل جميعا يدا واحدة لصالح مصرنا العزيزة .. فلا تتمادوا في الباطل وعودوا الى الحق، فالرجوع الى الحق فضيلة .. وهذه نصيحة مخلصة لكم.. لعلكم ترجعون.