هذه مصر الحبيبة التى يعشقها كل وطنى حر يعيش على أرضها الطيبة ويستظل بنورها وسمائها الصافية ويتمتع بجمالها الخلاب ويفد إليها كل عاشق للحب والفن ليتمتع بأيام معدودة ويعود إلى بلده حاملاً ذكريات خلابة تستقر فى وجدانه على طول التاريخ ليحكى أنه كان فى زيارة لقطعة من الجنة أنعم الله عليها بريشته الجميلة ورعايته وعنايته لها حتى أنه ذكرها فى كتابه الكريم لأكثر من 5 مرات ليعلم الجميع أن من قصدها بسوء قصم الله ظهره، ورد عدوانه الغاشم عليها ولقد حفظها الله على طول التاريخ وأصبحت فى النهاية مقبرة للغزاة وتحطمت على يديها جيوش التتار والمغول والصليبيين حتى ارتسم الخوف والفزع فى قلوب الغزاة والمعتدين مئات بل آلاف المرات، قبل أن يفكروا فى غزوها والاعتداء عليها، ولمنزلتها العظيمة حفظ الله ثورتها المجيدة فى 25 يناير 2011 وبارك فيها لتتخلص من أسوأ نظام ديكتاتورى حقير عرفه التاريخ على امتداد العصور ومع ذلك بدت عيونها حزينة على أبنائها بعد هذه الثورة المجيدة لأن القيم ضاعت وغابت المعايير الأخلاقية التى كانت مفخرة لنا واعتزازاً بها. إن المجتمع المصرى بات مشتتاً ينحر بعضه بعضاً وغاب الفكر والحوار الذى يمثل باكورة الاستقرار وصار الصوت العالى وغياب أدب الحوار هو الناموس الطبيعى الذى يسيطر على إعلامنا الفاسد وسيطر عليه مجموعة من الأفاقين الذين يسعون إلى شهرتهم الزائفة والزائلة على توجيه البذاءات والتطاول على قواتنا المسلحة الباسلة والتى تحملت على طول التاريخ حماية هذا الوطن، والذود عنه ومات آلاف الشهداء على أرض المعارك دفاعاً عن هذا الوطن، بل الأدهى من ذلك أن القوات المسلحة الباسلة تحملت حماية هذه الثورة منذ بدايتها ولم تطلق رصاصة واحدة على الثوار والمتظاهرين وشاركت مشاركة إيجابية فى تحقيق الأمن الغذائى والطبى، وتوفير رغيف الخبز وتحقيق الحماية والأمن والاستقرار فى الوقت الذى غابت فيه المؤسسات المدنية عن دورها الطبيعى إبان الثورة لانقطاع خطوط المواصلات وانتشار المظاهرات والإضرابات العقيمة التى عطلت خطوط الإنتاج وشلت أجهزة الدولة تماماً، ولولا دورها الوطنى لانتشرت المجاعات وانتشرت الأمراض الفتاكة وانهارت الرعاية الصحية والطبية لتقابل ببذاءات وانتهاكات قذرة من جماعات مشبوهة هى 6 أبريل الذى ثبت يقيناً أنها من الجمعيات المشبوهة التى أعلن عنها أنها تتلقى دعماً من الخارج خاصة من الموساد الإسرائيلى والولايات المتحدة CIA والمخابرات البريطانية ومخربى الوطن من دول الخليج الذين يسعون فساداً وتخريباً وتدميراً لوطننا الحبيب ومقاومة ثورتنا العظيمة البيضاء لتقوم سوياً كل هذه الأجهزة بتخريب الوطن بالوكالة وتمتد هذه البذاءات من أحد أعضاء مجلس الشعب هو النائب زياد العليمى التى يعف اللسان عن ذكرها والتى يندد فيها بالقوات المسلحة ورئيس مجلسها الأعلى وأحد الرموز الإسلامية وهو الداعية القدير (الشيخ محمد حسان) الذى يحظى بحب جارف من الشعب المصرى كله بكامل طوائفه وفئاته. إننا حين نرصد هذه الظاهرة البغيضة على مجتمعنا المصرى وهو غياب القيم الأخلاقية فإننا نجد وبكل صراحة غياب القدوة الحسنة لأن مجتمعنا الفاسد على طول فترة هذا النظام الحقير الذى سيطرت عليه الرموز الفاسدة من رجال الأعمال الفاسدين الذين كانوا وراء نهب الأراضى وسرقة أموال الشعب المصرى وتجارة المخدرات ودخول الفاسدين مجلس الشعب من تجار المخدرات ونواب القروض والنقوط وتجار الدم الفاسد واللحوم الفاسدة وصارت هذه الرموز هى القدوة التى يتطلع إليها الشباب وصولاً بأسرع وقت ممكن إلى الغنى الفاحش ودخل إلى مسامعنا العديد من العبارات الركيكة التافهة التى صارت لحناً وأغنية لشباب هذا الجيل وترددت الأغانى الهابطة التى أفسدت الذوق المصرى تماماً ولوثت آذاننا وأصبنا بالصمم القسرى لنمنع تلك الأغانى الفاسدة والمشوهة والمشبوهة من اختراق آذاننا بعد أن كنا نسمع أروع الأغانى من سيدة الغناء العربى أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وصارت أغانى المكوجى والعربجى والسباك هى السائدة فى الفن المصرى الأصيل الذى شع بنوره وألحانه على العالم العربى بأكمله مئات بل آلاف السنين من المحيط إلى الخليج ودخل إلى قاموس اللغة العربية الأصيلة التى ذكر بها القرآن الكريم كلمات ركيكة من أمثال الهمبكة والفهلوة وتلبيس العمم وكبر دماغك وفاكس وآمين.. إلخ، وأصبح تقييم الإنسان فى مصر بما يمتلكه من أموال أياً كان مصدرها سواء من حلال أو حرام وغابت قيم الشهادات العلمية الرفيعة حتى أننا شاهدنا فى عصر الفساد للنظام السابق من يحمل مؤهلاً علمياً رفيعاً كبكالوريوس الطب أو الصيدلة أو الهندسة ويعمل عاملاً فى محطة بنزين أو كناساً فى الشارع المصرى وأصبح اختيار الفتاة لزوج المستقبل هو القادر على تأثيث بيت الزوجية ومن يمتلك أرصدة فى البنوك ويمتلك سيارة ولديه فيلا بالساحل الشمالى لينحرف بصرها ورغبتها عما يحمل شهادة جامعية أو دراسات عليا لأنه لا يملك المال اللازم لرفاهيتها وسعادتها حتى أننا سمعنا من ينادى من هابطى الأغانى «راحت عليكى يا دنيا وراح زمن الشهادات وبقيتى يا دنيا ماشية على الرقص والصاجات»! ومن أتفه تلك الأغانى من ينادى «شفت ثعلب كان بينط.. كان بيلعب ويا البط وشفت ديك كان شايل فيل وشفت نملة ديلها طويل!!» ويا للتفاهة فيما سيطر على الفن المصرى والثقافة المصرية لأن (التافهين الجدد) هم الذين يسيطرون الآن على المجتمع المصرى وتوارى الآن زمن الرجال الذى كان يعد مفخرة لهذا الشعب المصرى الأصيل حتى إن القيم الأخلاقية الرفيعة التى سادت فى مجتمعنا آلاف السنين كان يحسدنا عليها الغرب وصار العمل على تدميرها هو الهدف الاستراتيجى الأول لتغريب هذا الشباب والعمل على تهميشه فدفع بقنواته التليفزيونية الفاسدة وأفلامه الجنسية الرخيصة وعاهراته إلى بلدنا الحبيبة لتنشر الرذيلة والفسق والأمراض الخطيرة لتفسد فى النهاية مجتمعنا العظيم وسعى النظام الفاسد إلى تدمير التربية والتعليم تماماً وهى التى كانت سائدة فى مدارسنا فترة الستينيات من القرن الماضى، حيث كانت المدرسة هى البيت الثانى الذى يتلقى فيها الطالب الأدب والتربية الحقيقية حتى كان المعلم يمثل دور الأب العظيم ويلقى الأدب والتبجيل والاحترام من أبنائه الطلبة إلى أن فقدنا هذا الاحترام تماماً بعد عرض مسرحية مدرسة المشاغبين التى ساهمت بنسبة كبيرة فى فساد التعليم، وفقد الاحترام التام للمدرس بل صار الاعتداء عليه نموذجاً طبيعياً من أبنائنا الفاسدين، لأن العديد من هؤلاء المعلمين فقدوا احترامهم لأنفسهم بعد أن سيطرت المادة على عقولهم ونفوسهم المريضة وأصبحت المدرسة مكاناً للنوم والاسترخاء للمدرس فاقد الضمير ليرتاح من عناء الدروس الخصوصية طول الليل السابق وأصبح كل همه استقطاب أكبر عدد من تلاميذه ليأخذوا الدروس الخصوصية لديه لأن كل همه أن يزيد رصيده بالبنوك ولا يشعر بالمرة بضميره أو أنه سوف يحاسب أمام الله تعالى على أدائه لمهمته التى كلف بها وأصبح الحرام هو اللغة السائدة وغياب الضمير الحى لأن القيم قد ماتت كلية والانحراف أصبح هو المنهج العملى وبالتالى أصبح المجتمع المصرى مهدداً بالانهيار والخراب تصديقاً لقول الشاعر العظيم أحمد شوقى، «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا»، وهذا يؤكد أن الأخلاق الحميدة تمثل الركن الأساسى لبناء المجتمع ولا يمكن التغاضى عنها أو إهمالها لأن غيابها يؤدى إلى فساد المجتمع وتخريبه ولا يمكن استعواضها بالمال الوفير أو أرصدة البنوك مهما تضخمت قيمتها الذاتية. وإذا كنا نجحنا فى تفجير ثورتنا المجيدة فإن إعادة بناء المواطن المصرى يجب أن يكون الشاغل الرئيسى لقياداتنا الجديدة خاصة من يصل إلى منصب رئيس الجمهورية لأن إعادة بناء مصرنا الحبيبة ليس بالأمور السهلة أمام كل هذه التحديات الجسيمة التى تواجه وطننا الحبيب ولابد أن يتم إعادة الولاء والانتماء لهذا الوطن ويجب أن يتم الضرب بيد من حديد على كل من يعتدى على الرموز الوطنية الشريفة وأرى أن يتم محاسبة هذا النائب المنفلت حساباً عسيراً ليعلم أن نائب الشعب يجب أن يتحلى بالأخلاق الحميدة فى المقام الأول فالسعى إلى الشهرة الزائفة هى نوع من النقص والرذيلة، لأن الرجولة هى المعيار الحقيقى لنائب الشعب الذى يجب أن يحمل رغبات دائرته كواجب ثانوى ويحمل رغبات الوطن كمهمة أولى رئيسية لأن النائب هو نائب عن الأمة كلها، يستميت للدفاع عنها لا يسعى إلى تخريبها وتدميرها باصطناع شهرة زائفة تؤكد تفاهته ونفسه الواهية المريضة ويجب أن يتم السعى إلى بناء منظومة الأدب والتعليم واعتبار المدرسة والمعلم هما الركنين الأساسيين للنهوض بها ويجب أن يكون للمسجد والكنيسة الرعاية التامة لأبنائنا الطلاب ينهل منهما المعايير والقيم الأخلاقية التى تفيد فى بناء المواطن المصرى، وإعادة دور الثقافة المصرية الأصيلة التى تزخر بالقيم الرفيعة والعادات العظيمة والتى ترفع من التعاون والمشاركة والإخلاص فى العمل والانتماء والولاء كذلك يجب على القائمين على الفن المصرى الوقوف أمام هؤلاء الفاسدين الجدد من محترفى الغناء الهابط وتشجيع الشعر والشعراء وإقامة المسابقات الثقافية العديدة وتقديم الجوائز إلى الموهوبين والنابهين ويجب أن يكون شعارنا دائماً هو القيم الرفيعة والأخلاق الحميدة حتى ننهض بمصرنا الحبيبة لتعود إليها ريادتها وقيادتها لأمتنا العربية، وإن غداً لناظره قريب مع خالص تحياتى وتقديرى لقرائى الأعزاء. --------- مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية مرشح الرئاسة لجمهورية مصر العربية