الاعتداء على الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي المحتمل مدان . كما أن الاعتداء على أقل مواطن في مصر مدان أيضا.والداخلية مطالبة بالبحث عن الجناة، كما هي مطالبة بالبحث عن الجناة في سيل الحوادث التي يتعرض لها المواطنون يوميا في كل مكان بمصر. وعموما هي لاتصل إليهم، إنما تصل أياديها إلى الخزينة فقط لصرف المرتبات، والمكافآت. لا أمن حقيقيا في الشارع حتى اليوم . ولا أدري ما سر اطمئنان وزير الداخلية، وهو يتحدث عن تحسن الحالة الأمنية، وهو أمر غير صحيح على أرض الواقع. قلنا مرارا لماذا لا تساهم القوات المسلحة في دعم الأمن في الشارع، وأين القوات التي انتشرت في مختلف المحافظات عشية الدعوة للعصيان المدني ؟ . هل المجلس العسكري مغرم بالفوضى الأمنية ، ويطربه صراخ المصريين وهم مستباحون من كل الخارجين على القانون؟. من المعلومات القليلة المتوفرة لحظة كتابة هذا المقال عن الحادث أن الدكتور عبد المنعم كان عائدا من مؤتمر انتخابي بالمنوفية، وفي الحادية عشرة والنصف من مساء الخميس الماضي، وعند مطلع الطريق الدائري بالقرب من شبرا الخيمة، قامت سيارة بدون لوحات ، باعتراض طريق سيارة " اللاند كروزر" المستأجرة التي كان يستقلها أبو الفتوح وإيقافها ، ونزل منها ملثمون مسلحون بالرشاشات وأنزلوا أبو الفتوح ورفاقه بعد أن وضعوا سكينا على رأس السائق، وأخذ أحد الجناة السيارة وهرب، بينما تم الاعتداء على أبو الفتوح ومن كان معه. القراءة الأولى لهذه التفاصيل تقول الآتي: أنه حادث بلطجة، وسرقة سيارة، من الحوادث التي تتكرر مئات المرات يوميا، وليس وراءها هدف سياسي، وقد يكون تم بالصدفة البحتة، بمعنى أن المعتدين كانوا يرابطون على الطريق بحثا عن سيارة ثمينة، فظهرت أمامهم "اللاندكروزر" ، وتصادف أن من كان فيها هو عبد المنعم أبو الفتوح. وقد يكونون يعلمون أن أبو الفتوح داخل السيارة، لكنهم لا يعبأون بمكانته ، إنما ما يهمهم هو السيارة فقط لأن ثمنها كبير. لكن سيد زيادة أحد مرافقي أبو الفتوح يتساءل: إذا كان الهجوم بغرض السرقة، فلماذا تم الاعتداء علينا جميعا بالضرب، ولماذا نال الدكتور النصيب الأكبر؟. وهو سؤال وجيه، إذ أن المسلحين، وهم خمسة، أو ستة، كانوا قادرين على سرقة السيارة دون اللجوء للعنف . ثم لماذا محاولاتهم سرقة الموبايل، والآي باد، الخاص ب أبو الفتوح؟. أليس الهدف ما عليهما من أرقام ومعلومات أكثر من قيمتهما المادية ؟. القراءة الثانية للتفاصيل تقول الآتي: أنه حادث مدبر، وتتهم فيه نفس الجهات التي تتفرق مسؤولية كثير من الحوادث الغامضة منذ 11 فبراير 2011 وحتى اليوم بينها ، لكن من دون أن يتم إثبات التهمة رسميا عليها في أي حادث ، وهذه الجهات هي : الفلول، الداخلية، العسكر، وربما يضاف إليهم في حالة أبو الفتوح مرشحون منافسون له، ولو لم يكن سجناء "طرة" قد تم توزيعهم على عدد من السجون لأضفناهم إلى القائمة، ومع ذلك يبقون مع رجالهم في الخارج في قائمة المتهمين . ونتوقف أمام نقطة مهمة كشفها سيد زيادة أحد مرافقي أبو الفتوح حيث قال : ما أثار الريبة في نفسي أن شخصا قدم نفسه على أنه من مباحث شبين سألني أثناء المؤتمر عن خط سير الدكتور فنهرته ورفضت أن أجيبه وقلت له : " أنت جاي تأمن المؤتمر فقط، وسؤالك غريب ". ويكشف أيضا مرافق أبو الفتوح أن هذا السؤال تم توجيهه لخمسة من أفراد الحملة . ونحن نسأل: هل يعني ذلك أن جهة أمنية دبرت، وخططت، ودفعت تابعين لها للتنفيذ؟. ثم نقول إنه في استهداف أبو الفتوح من أي جهة أمنية، أو غير أمنية فإن ذلك قد يرجع لمواقفة القوية في نقد أداء المجلس العسكري، وتخاذل الداخلية، وفي انحيازه الواضح للثورة، وللثوار، ولأنه مع المحاسبة والقصاص لدماء من سقطوا في كل الأحداث الدموية من البالون، وماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، وحتى بورسعيد ،وهو ثائر لم يخفت صوت الثورة بداخله، ولم يلجأ للتوازنات، ولا للحلول الوسط، لكنه في نفس الوقت لم ينجرف إلى الدعوة للفوضى والتخريب، هو ثائر مخلص عتيد قوي دون انحراف عن جذوة الثورة، وأهدافها، ومطالبها، علاوة على ذلك فهو المرشح القوي الذي يحوز على ثقة الثوار، والنخبة، وشباب الإخوان، وكثير من الإسلاميين، ويحوز على الثقة والمصداقية بين بعض الأقباط ، فهو رقم مهم بين مرشحي الرئاسة، واستطلاعات الرأي تضعه في مكان متقدم وبارز، ووجوده يهدد ما يسمى بالمرشح التوافقي - بدعة الإخوان والعسكر- كما يهدد أي مرشح آخر مدعوم من الإخوان، أو من المجلس العسكري، وإزاحته من الطريق صارت مطلوبة، وماتم معه قد تكون رسالة تهديد لاتصل إلى درجة الموت، إنما إشعاره أنه ليس بعيدا عنه، فالملثمون كانوا مسلحين جيدا بالسلاح الآلي، والأبيض. والمدهش أن الحادث لا يقع في طريق ريفي ناء مظلم، إنما في طريق مصر الإسكندرية الزراعي، عند مدخل الطريق الدائري بشبرا الخيمة، وهو طريق عام واسع يعج بالسيارات وبالبشر، وفي وقت ليس متأخرا ، فالطريق مزدحم ليلا ونهارا، فكيف بتلك السهولة يتم إيقاف سيارته، ويحصل الاعتداء عليه ورفاقه في عرض الطريق بكل جرأة ودون خوف أو قلق ، علما بأن هناك نقاطا مرورية على الطريق قبل وبعد المنطقة التي شهدت الاعتداء. وهذا في القراءة الأولى غير المسيسة يشير إلى أن البلطجية لم يعودوا يهابون الشرطة، ولا الجيش، وأن هيبة الدولة سقطت تماما في عيونهم ، وهذا أمر خطير تفسره كثير من الحوادث الكبيرة الجريئة، رغم حديث وزير الداخلية عن استعادة الأمن، والأمان.! وفي القراءة الثانية المسيسة يشير ذلك إلى أن الملثمين نفذوا خطة مرسومة لهم، وأنه كان لديهم تفاصيل كاملة عن رحلة عودة أبو الفتوح ، وعند النقطة المتفق عليها تم تنفيذ ماهو مطلوب منهم، وهم مطمئنون، لأن ظهرهم كان محميا. مع ذلك فالحادث مازال مفتوحا ، وننتظر نتائج التحقيقات التي غالبا لن تظهر، لكن أطرف تعليق نختم به هو لقارئ علق على الخبر بذكاء يلخص الغموض في مثل هذه الحوادث حيث قال :" أيوه أنا أوجه الاتهام للمفتش كرومبو، علشان مش شايف شغله كويس، ومش عارف يحدد إنسان الغاب، طويل الناب، اللي بيعمل كده.. ياريت بس تكون السيارة ماركه كويسه، وتستاهل.. وعجبي ".