قليلون هم من يغيبهم الموت بين ستائره ويتركون فينا أثرا لا تمحوه أقدام الدهر.. قليلون هم من يحملون هموم الوطن بصدق.. غير ساعين لمجد زائل.. أو شهرة عابرة.. أوصيت لا يلبث أن يعانق النسيان، قلمه كان سوطا لعديمي القلوب والألباب.. «تخاريفه» كانت فلسفة ساخرة تساوي ألف كتاب، هكذا كان كاتبنا الراحل العظيم جلال عامر.. قلبه كان عامرا بحب الله والوطن والناس.. فأحبه الناس بحب الله له. استطاع أن يرسم البسمة بكلماته الساخرة علي وجوه طمستها الكآبة،وأن يجبرك العروج ناحية عموده الذي لا يتعدي بضع كلمات ولكن في معانيها تكتب مؤلفات.. تنهل منها فتروي ظمأك.. تستطعم وجبته فتسد جوعك الي المعرفة والسخرية والضحك، جلال عامر الوحيد الذي انتزع لنفسه من أنياب الحزن والمرارة سخرية كانت عنوانه، ظاهرها تهكم وانتقاد، باطنها تمرد واعتراض.. مجبولون بالأسي والحزن علي حال بلاده مصر وأهلها.. رحل «عامرا» وترك خلفه صرحا من أعماله أكثر «جمالا» تنحي له الهامات «إجلالا» لانزكي علي الله أحدا.. ولكن يعتصرنا ألم الفراق وقسوته. فارقتنا.. ولم تترك لنا في بئر العين مدمع فارقتنا ولم تدع لنا في جوع التصبر منزع لا عجب فهو الموت، يريد من القامات الخضوع فتخضع ودعناك وداع صديق، ورحلت البسمة الأخيرة من الشفاة التي سيغلقها الموت الي الأبد، أرقد في سلام أيها الملاك الضاحك.. نودعك ونفسك عند الرب الرحيم في خير منزلة، وليطمئن قلبك، فخلفك دعوات الرحمة والمغفرة.. لك من عند الله حسن المثوي والمآب. عمت «جلالا» أيها القديس «العامر» في قلوبنا.. ووجداننا رحمك الله ياأستاذنا الجليل.. وأسكنك فسيح جناته. «إنا لله وإنا إليه راجعون» ----------- بقلم: إسلام جبارة