لم أكن أتصور أن رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق الدابي، والموفد من قبل الجامعة العربية لمراقبة الوضع، أو المذابح التي يقيمها بشار الأسد لشعبه أن يكون أسدياً أو بعثياً أكثر من الأسد نفسه، لدرجة أنه قد تطوع بنفسه، وليس النظام السوري، لتفنيد او تسفيه، تصريحات احد المراقبين العرب الاوائل والذين سرت في عروقتهم دماء النخوة والشهامة من ناحية، والحصرة على الدماء البريئة التي اراقها الأسد من أبناء شعبه من ناحية اخرى، فآثر الانسحاب من سوريا والاستقالة من فريق «العار» والمسمى كذبا بالمراقبين العرب والتسمية الحقيقية لهم هي المتضامنون العرب مع النظام السوري، وذلك لأنهم كانوا بمثابة غطاء بالفعل للمزيد من مذابح الأسد لشعبه في سوريا، وقد فطنت العربية السعودية لتلك الخدعة الأسدية، وسحبت مراقبيها، وهكذا فعل سائر دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في خطوة نرحب بها جميعاً، حيث ان الملك عبدالله قد صرح، وفي أعقاب تلك الخطوة، بأنه يأبى على نفسه ان يكون بمثابة شاهد زور على ما يحدث بسوريا، وكنت أتمنى أن يحذو حذوه الفريق الدابي وفريقه، وبدلا من ذلك خرج علينا الدابي ليعلن كذباً وزوراً بأن ذلك المراقب الشريف، والذي بادر من نفسه وبنفسه وانسحب من فريقه المشبوه، لم يبرح الفندق الذي كان يقيم فيه في سوريا، ومن ثم فلم ينزل، ويعاين بنفسه المواقع الساخنة في ارجاء سوريا والتي اندلعت فيها المظاهرات، والاحتجاجات السورية ضد نظام بشار الأسد، ولكن ذلك المراقب خرج في اليوم التالي وكذب تصريحات الدابي، واستهجن، كما استغرب، تصريحات الدابي، والذي كان يفترض فيه - كما كنا نحن أيضاً نفترض ذلك - شىء من النزاهة، او حتى بعض الرجولة، وأن لا يكون سواد قلبه في مثل سواد وجهه! وقد ارتكب النظام السوري بالفعل، كما توسع في سفك المزيد من الدماء السورية الزكية النبيلة، في وجود ما يسمى ببعثة المراقبين العرب، وبمعدل يزيد ما كان عليه الوضع قبل قدومهم الأسود الى سوريا، حيث ارتفع معدل القتل اليومي للمدنيين السوريين الآن من قبل قوات بشار الأسد المسلحة النظامية الى ما يزيد على التسعين شهيداً يومياً، أي بمعدل 2700 شهيد شهرياً، اي بمعدل 32400 شهيد سنوياً، ونأمل أن لا يزيد الوضع سوءا عن ذلك وتكون هناك نهاية فعلية قريبة للخلاص من نظام الأسد قريبا، او الأسد نفسه، طالما لم تفلح معه، وحتى الآن، كافة الدعوات الودية لتخليه عن السلطة سلمياً، والتي كان اخرها مبادرة الجامعة العربية بتسليم كافة صلاحياته لنائبه فاروق الشرع. وأخشى ما أخشاه أن يقوم الاسد - ولما عرف عنه من نذق وحماقة وولع بسفك الدماء السورية الزكية، وبما يفوق عنه يزيد بن معاوية ذاته وولعه بسفك الدماء و«تطيير» الرقاب، وعدم ولائه الا فقط لكرسيه، أو لعرشه - بقتل نائبه فاروق الشرع، و«يلبس» التهمة، من ثم للمعارضة أو الثوار السوريين السلميين انفسهم أو لما يسميه هو بالعناصر المسلحة المندسة، ثم يرفض بعدئذ تعيين نائب له خشية - مصطنعة، أو مفتعلة بطبيعة الحال - على حياته من العناصر المسلحة، ليضعنا بعدئذ جميعاً في مأزق مؤداه حيرتنا فيما يمكن أن تسلم السلطة في سوريا بعدئذ، فهل تسلم الى خرتيت سوريا وليد المعلم، والذي لا يفتأ والى الآن، يعلن ما يمكن فهمه، أنه لا يتحرك، ولا يتكلم الا بناء على توجيهات من سيده الرئيس بشار؟! ولا أفهم، والى الآن، سبب تواجد تلك الدابة المسماة بالدابي في سوريا، على الرغم من انتقال ملف الأزمة، وبمعرفة جامعة الدول العربية نفسها، ممثلة في أمينها العام الى مجلس الامن خاصة بعد انسحاب المراقبين المغاربة ايضاً من بعثة المراقبين العرب في سوريا، والتي لاتزال وعلى ما يبدو متوافقة ومتضامنة مع النظام السوري، والتي لم تعد ترى ما يراه العالم اجمع من خارج سوريا، وعبر التلفاز، من مذابح وتمثيل بالجثث تنطق الحجر، وكما حدث في بلدة الحراك، ودرعا البلد، وريف دمشق، وجبل الزاوية، وحي الاربعين، وبابا عمرو، بينما يكذب الدابي ويكذب ما تراه أعيننا جميعاً، وكأنه يؤدي بالضبط ما كان يؤديه ريتشارد باتلر، الرئيس السابق لما يسمى ببعثة التفتيش الدولية على أسلحة الدمار الشامل بالعراق في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وكما كان باتلر خادماً لبوش الابن - وباتلر تعني بالانجليزية، وبالمناسبة، كبير الخدم - كان الدابي ايضا خادماً للأسد الابن!.. وللحديث بقية. ----------- بقلم: مجدي الحداد