صار عشق الماضي، أو "النوستالجيا"، فتنة تأسر الذهن والوجدان، وتجد لها صدى بين الشباب قبل الكهول، تبث روح الإبداع في الذكريات القديمة وتعيد الحياة لشخصيات زمن الفن الجميل بلمسات عصرية لاتملك سوى الإحساس بالشجن لدى رؤيتها، هذا ما أضافته الطالبة الموهوبة "مي عبدالله" بكلية الفنون الجميلة بالمنيا بمجسمات رائعة لشخصيات ماري منيب وعبد الفتاح القصرى، نجيب الريحانى، أحمد فرحات ، إكرام عزو، محمد رضا، إسماعيل يس، وحسن فايق. لم تستطع "مي" ذات ال 21 عامًا أن تتخلى عن شغفها بالماضي والسينما عندما بحثت عن مشروع للتخرج شريطة أن يكون فريدا ومميزا، لذا وقع اختيارها على مشاهير كوميديا أفلام "الأبيض والأسود" لتكشف عن سر عبقرية تلك المواهب التي نجحت في رسم البسمة على الشفاه بتعبيرات وجوههم المميزة. وتزامناً مع بداية رحلتها العملية في مجال النحت بعد حصولها على مرتبة الشرف الأولى، كشفت "مي" للوفد عن خططها المستقبلية ومشاريعها القادمة، وواصلت كشف تفاصيل إعداد مشروع تخرجها، منذ كان مجرد فكرة غير مكتملة إلى أن صار منحوتات متقنة أثارت إعجاب الجميع. "دفعنى عشق الرسم لاختيار كلية الفنون الجميلة رغبة أولى بتنسيق الثانوية العامة، وبمجرد اجتياز الفرقة الأولى تشكلت رغبتي في اختيار قسم النحت "، هذا ما أكدته "مي"، قبل أن تسترسل "حاول الجميع إقناعي باختار قسم آخر بسبب صعوبته بينهم أساتذة بالكلية، كما أن حصولي على الترتيب الأول على دفعتى جعل رؤساء الأقسام الأخرى يحاولون استمالتي لتغير رغبتي"، ولكنها واصلت تمسكها بالقسم لتخصص بشعبة الخزف بعد ذلك. وأشارت "مي" التي تعشق التحدي إلى أن صعوبة القسم استهوتها ودفعتها لاختبار خيالها وموهبتها في تصميم المنحوتات باستخدام مختلف الخامات، موضحة أن الخامات المستخدمة في النحت تتنوع لتشمل الجبس والحجر الجيري والرمل والبازلت والطين الأسواني الذي اختارته لصنع مشروع التخرج، مضيفة أن التماثيل مفرغة من الداخل وملونة بمادة "الجليتر" لمنحها بريقا خاصا. وأكدت "مي"، أن التصميم تطلب منها الكثير من الجهد والاعتكاف حتى ساعات متأخرة من الليل بمعمل الكلية برفقة أخيها لإنجاز المشروع، موضحة أن التصميم لايقتصر على التماثيل فقط بل يشمل القاعدة التى ترتكز عليها والمصنوعة من الأسمنت والطوب، ومغلفة بسيراميك ملون، زين بشريط سينمائي، وأضافت "جرى العمل على إنجاز المنحوتات والقاعدة على التوازي". وكشفت "مي"، أن الكلية لم تساندها ماديًا في تنفيذ المشروع والذي تكلف 10 آلاف جنيه، مؤكدة أن تلك العقبة فرضت على أسرتها تحديًا جديدًا بجانب ضيق الوقت المخصص لتنفيذ المشروع، والبالغ 30 يومًا ، مؤكدة أن روعة النتيجة النهائية كانت عزاءً كافياً لها ولأسرتها. وإيمانًا منها أن البراعة ليست قاصرة على أهل الخبرة، تطمح "مي" في تصميم المزيد من المجسمات وعرضها بدار الأوبرا ومدينة الإنتاج الإعلامي، والميادين العامة بدلًا من توكيل تلك المهام لغير الموهوبين، لتتحول النتيجة النهائية لكومة من المجسمات المشوهة التي أغرقت عددا من الميادين الرئيسية بالمحافظات والمدن الكبرى، يصاحبها توقيع صوري أساتذة جامعة في مجال النحت. ولأن انتظار الوظيفة الحكومية لايليق بطموح "مي" فهي تحلم بإقامة "جاليري" خاص بها لعرض مجسماتها أمام الجمهور، مشيرة إلى أن ندرة فرص العمل في هذا المجال وعدم وجود دعم مادي من وزارة الثقافة لبدء مشروعات صغيرة للشباب، جعلت الكثير يعزفون عن النحت مفضلين البحث عن وظائف أخرى بعيدة تماماً عن المجال. ومثل غيرها من الخريجات، أكدت "مي" أن تدريب الطلاب خلال الدراسة وإعداد ورش مدعمة من الجامعات لربط المواد الدراسية بسوق العمل من شأنه أن يعيد إلى هذا الفن المميز رونقه ويؤهل الخريجين للاستعانة بأحدث برامج التصميم والرسم المجسم،3D بالسوق. وفي النهاية، وجهت "مي" نصيحة لزملائها المستجدين بكليات الفنون الجميلة بالتحلي بالصبر والعمل على تطوير أدواتهم وقبل كل شيء إيمانهم في قدرتهم وموهبتهم، فالتميز يلزمه بذل جهد استثنائي. شاهد الصور: المشروع خلال مرحلة الإعداد