أظهرت ثورة الشباب بطولات المصريين ومدي قوة الشارع المصري في الصمود لتحقيق مطالبه، الكل تكاتف في الميدان، ومن هؤلاء الجنود المجهولين الأطباء الذين تطوعوا للعمل في مستشفي التحرير الميداني الذي تم إنشاؤه في ساحة للصلاة، تجاهل الأطباء الخطر الذي يحيط بهم من كل مكان وتذكروا فقط رسالتهم في انقاذ النفس البشرية ، تركوا عياداتهم وتفرغوا لمعالجة المصابين والسهر علي رعايتهم ليل نهار ، إسلام عبد الرحمن أحد شباب هؤلاء الأطباء لم يستطع ان يري المصابين والقتلي من خلال شاشة التليفزيون ويقف متفرجا ، فترك عيادته الخاصة ونزل لساحة الميدان ، لمساعدة المصابين والحالات من داخل المستشفي الميداني الذي أكد ان فكرة المستشفي بدأت بصيحات استغاثة ترددت من أحد أركان الميدان بعد صلاة الجمعة 28 يناير ، تهتف "أطباء محتاجين أطباء بسرعة" فلم يجد آلاف المتظاهرين ملجأً يحتمون فيه من قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاصات المطاطية التي يطلقها رجال الشرطة، سوي مسجد صغير في حارة خلفية بالميدان ، فنقلوا إليه جرحاهم وشهداءهم، وتوجه مئات الأطباء المتطوعين لتلبية النداء في الحال، وحمل كل منهم ما استطاع حمله من مستلزمات طبية وإسعافات أولوية لإغاثة المستغيثين، إلا ان سيل المصابين والشهداء لم يتوقف، بل زادت الإصابات خطورة ، واحتاج المصابون لمزيد من الدواء والتخصصات ، وأكد إسلام المتحدث الإعلامي بمستشفي الميدان الذي أطلق عليها الشباب مستشفي الثورة ؛ أن التبرعات بالوقت والجهد والدواء والمستلزمات الطبية من مصريين شرفاء صيادلة وأطباء بدأت تتوالي ، علي مدار أكثر من 13 يوماً من الاحتجاجات المتواصلة في ميدان التحرير المطالبة بإسقاط النظام . وأوضح ان الحاجة أم الاختراع، موضحا انه خلال أيام قليلة ، تم إنشاء ذلك المستشفي الذي يحمل معاني وقيم يجعله يختلف عن اي مستشفي آخر ، وقد تنوعت أقسامه لتشمل قسماً خاصاً بالتغذية يحوي بعض العصائر والبسكويت وغيرها، وقسم "المستلزمات الطبية" ،قسم العلاقات العامة الذي يتوافد عليه الإعلاميون من مختلف الجنسيات، يتبادلون مع أفراده الحوار بلهجات عدة تنوعت بين الإنجليزية والفرنسية والعربية وغيرها ، كما استطاع الأطباء إنشاء قسم الجراحة رغم الظروف الصعبة التي يعملون فيها ، بالاضافة الي قسم الرمد ،وثالث للعظام، ورابع للتخدير والطوارئ، وخامس للباطنة، وسادس للأنف والأذن والحنجرة. هذه الأقسام الكثيرة قد تحتاج في أي ظرف آخر لعدة أشهر وربما سنوات لتقام، كما تحتاج إلي عدة كيلومترات لتنشأ عليها،أما الحقيقة التي يدركها كل من يزور مستشفي الثورة بميدان التحرير ان الكل يد واحدة لأن قلوبهم تضخ بحب مصر وأشار أن الأطباء المتطوعين وضعوا عدة ضوابط لعملهم وهي عدم قبول أي تبرعات مادية، أو عينية بخلاف الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية للحالات المصابة ، كما انه لا يوجد تبرع بالدم حفاظا علي سلامة المتبرعين لعدم وجود الأجهزة اللازمة لذلك، وان يتناوب الأطباء بالمستشفي في جميع الأقسام علي مدار 24 ساعة، وقد تنوعوا بين كافة المراحل والتخصصات من طلبة الطب إلي أساتذة الجامعات والاستشاريين وتم نشر بروتوكلات العمل علي صفحتهم علي الفيس بوك ليلتزم بها الجميع ، وتأسف علي استشهاد طبيبين في ميدان عبد المنعم رياض اثناء معالجة المصابين. وتحدث الوفد مع مجدي سعد أحد المصابين الذي أكد تضامنه مع الشباب منذ يوم الجمعة 28 يناير ، خاصة بعد ان ضاع حقه بسبب النظام الفاسد ، مشيرا انه كان مفتش تموين سابقاً بوزارة التموين وحاصل علي عدة أوسمة شرفية بمناسبة اكتشاف صفقات غير مشروعة من الأغذية الفاسدة ، إلا انه تعرض للحبس لمدة خمس سنوات ظلماً حتي ينتقم أصحاب النفوذ منه ، وأكد انه طرق جميع الأبواب للمطالبة بمعاشه أو التامين الذي تاخر 11 سنة دون جدوي ، وتجاهله الوزراء وتناسوا دوره في كشف فساد المجتمع لمده 16 سنة في خدمة الحكومة، مشيرا انه فخور بالشباب الذي استطاع تغير مصر من خلال ثورته ، وقال انه ليس منضماً لأي أحزاب او تيارات سياسية ، وانهي حديثه بابتسامة رضا علي مستوي الخدمات بالمستشفي قائلا " انا عمري ما شوفت خدمة بهذا المستوي العالي فالأطباء يجرون الكشف علي باستمرار ويتابعون حالتي ويسلمون لي العلاج وكل ذلك مجانا " ، في حين انه يلهث وراء العلاج في التأمين ويواجه إهمالاً طبياً أدي الي تدهور صحته.