هل آن الأوان للحديث عن تغيير العلم المصري؟! منذ قيام ثورة يوليو حتي الآن، تغير العلم المصري عدة مرات، فأول ما تغير هو لون العلم، من الأخضر الذي يتوسطه الهلال وثلاث نجوم إلي الأسود والأبيض والأحمر، ثم أضيفت له بعد ذلك النجوم، أثناء الوحدة مع سوريا، ثم استبدلت النجوم بالنسر، ثم تغير النسر بصقر قريش. المهم.. العلم هو رمز البلد وقد تم تغييره أكثر من مرة، ومن ثم يمكن تغييره مرة أخري بمناسبة ثورة يناير 2011، وإني أقترح أن يعود اللون الأخضر للعلم مرة أخري، مع إضافة نهر النيل في أوسطه، فأما اللون الأخضر، فهو رمز مصر الخضراء، رمز الخصوبة، باعتبار أن مصر هي في الأصل بلد زراعي، ومن هنا كانت الكلمة المأثورة «مصر هبة النيل»، فنهر النيل هو الذي جمع الناس من حوله، فتكونت الدولة المصرية الفرعونية. ولا أتصور أن في مطلبي هذا إجحاف للعهود السابقة، ولكني أري أن مصر بلد زراعي، وأن الزراعة هي عصب الحياة في مصر، وفي تقديري أنه لابد أن نهتم كثيرا بالزراعة وأن نعمل علي التوسعة في الصناعات المرتبطة بالزراعة، سواء أكانت من الغزل والنسيج أو التغليف وإعداد المحاصيل للتصدير وإنشاء الثلاجات والمخازن اللازمة لها وكذلك إنتاج العصائر والعطور والنباتات الطبية بجميع أنواعها، المهم.. لابد أن تكون هناك طفرة صناعية مرتبطة بالزراعة، علي اعتبار أن مصر بها أراضي شاسعة ونهر ممتد من أقصي الجنوب لأقصي الشمال. الزراعة مصدر مهم للدخل القومي، الله سبحانه وتعالي كما وزع أرزاقه علي البشر وزع أيضا أرزاقه علي الدول، فكان من فضله سبحانه وتعالي أن منح مصر نهر النيل، الذي ومع الأسف الشديد لم نستغله الاستغلال الأمثل طوال السنين الطويلة الماضية، أهدرنا مياه النيل لآلاف السنين وألقينا بها في البحر ولم نقم بشق الترع في الصحراء الكبيرة الشاسعة، كما لم نهتم باستغلال نهر النيل في تربية الأسماك وصيدها ولم نهتم أيضا باستغلاله في الأنشطة السياحية أو النقل والمواصلات، أهدرنا نعمة الله علينا ولم نستغلها الاستغلال اللائق بها. وليس معني كلامي هذا أن نهمل مصادر الرزق الأخري التي منحنا الله سبحانه وتعالي إياها، فأنعم علينا بطقس مثالي طوال العام وأحاطنا بالبحور الشاسعة شرقا وشمالا بطول البلاد، ومع الأسف لم نستغل كل هذه النعم، سواء في صيد الأسماك أو في الأنشطة السياحية إلا في السنوات القليلة الماضية، فكانت السياحة من أهم مصادر الدخل القومي المصري، فلدينا الطقس الجميل والشواطئ الرملية الشاسعة الكفيلة باجتذاب سياح العالم جميعا، فلو أضفنا إلي ذلك آثارنا المجيدة لكان لدينا دخل يفوق دخل الدول الكبري في السياحة الترفيهية فقط. نعود ونقول إن ما أقصده من مطلبي بتغيير العلم هو أن يشعر الإنسان المصري خاصة بعد الثورة بأن تغييرا قد تم بالفعل، ومن ثم يجب علي كل منا أن يغير أيضا من نفسه أو نعود كما كنا في الماضي شعبا منتجا محبا لبلده ومحبا لبعضه، لقد بثت العهود الغابرة في نفوس المصريين سمومها، فأصابت البعض من شعبنا في قيمه وأخلاقه، فابتلي بالحقد والكراهية لأخيه الإنسان، فضلا عن التكاسل والتواكل واللامبالاة، كل هذه الأمراض دخيلة علي شعبنا العظيم الذي بني حضارته التي يشهد لها العالم كله. تغيير العلم، هو تغيير للإنسان المصري، ومحاولة لإصلاح ما أصابه من سموم العهود السابقة، ثورة يناير 2011 غيرت الكثير منا وأعادت الانتماء لأكثرنا ولم يبق إلا الإنتاج والعمل والعرق، كل ذلك مرهون بالقدوة الحسنة وإحساس الشعب بأن تغييرا كبيرا قد حدث ومن أهم التغييرات تغيير العلم، الذي هو رمز مصر والذي سيعود بكل الخير علي مصرنا العزيزة.