جامعة قناة السويس تحتفل بالذكرى ال 51 لانتصارات أكتوبر بتنظيم أنشطة    الذكرى ال51 لنصر 6 أكتوبر .. محافظ المنوفية يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء حرب 73    أحد أبطال أكتوبر ببني سويف: أدركنا قرب موعد العبور من نداء قائد الكتيبة لنا «أيها الشهداء الأحياء»    "بدأوا ب140 فردا وعادوا 141".. "الطريق إلى النصر" يكشف بطولات القوات المسلحة في عملية لسان بور توفيق    زراعة المنيا: تعاون محلي ودولي لتنمية المرأة الريفية وصغار المزارعين اقتصاديا    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 20 جنيهًا خلال أسبوع    زراعة المنيا وتعاون محلي ودولي لتنمية المرأة الريفية وصغار المزارعين اقتصاديا    محافظ القاهرة يتفقد رفع علم مصر أعلى سارى طريق صلاح سالم    تحذير عاجل بشأن طلبات التصالح في مخالفات البناء بقنا    ميقاتي: الحل الوحيد لوقف معاناة الشعب اللبناني هو وقف فوري لإطلاق النار    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 175    سانشو وجاكسون في هجوم تشيلسي أمام نوتينجهام بالدوري الإنجليزي    المرصد السوري: غارة إسرائيلية على معمل للسيارات الإيرانية بريف حمص    الزمالك يعلن موعد سفر سيف الجزيري إلى تونس لانضمام معسكر نسور قرطاج    إنجاز تاريخي.. بطل التايكوندو عمر فتحي يحرز برونزية بطولة العالم للشباب    الغربية.. مصرع طفل في حريق ورشة دوكو بالمحلة    انقلاب سيارة محملة بالسولار في منطقة برانيس جنوب البحر الأحمر    اتحاد كتاب مصر يناقش دور الترجمة الفورية في العلاقات الدولية    اليوم.. مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية يحتفي بذكرى نصر أكتوبر    خبير اقتصادي: الدولة طورت سيناء زراعيا لزيادة الإنتاج والتصدير للخارج    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    بعد إصابة نشوى مصطفى.. كل ما تريد معرفته عن الذبحة الصدرية    عناصر غذائية تساعد على تعزيز صحة الإنسان طوال عمره.. ما هي؟    تقرير: حرب أكتوبر أرست قواعد الوحدة بين أطياف الشعب المصري    وائل جسار يعتذر عن حفل مهرجان الموسيقى العربية تضامنا مع لبنان    اللواء أحمد المنصوري يكشف تفاصيل أطول معركة جوية    أوقفوا الإبادة الجماعية.. آلاف فى إسبانيا ينددون بالمجازر الإسرائيلية بغزة    عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية بالجوازات    ضبط عملات أجنبية بقيمة 6 ملايين جنيه فى السوق السوداء    «الداخلية»: ضبط 8 أطنان دقيق مدعم في حملات لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز    قوات الاحتلال تعتقل 15 فلسطينيًا من الضفة الغربية    أسامة ربيع: قناة السويس ستظل الخيار الأول لكبرى الخطوط الملاحية    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمحور "عمرو بن العاص" بمحافظة الجيزة    وزير الرياضة: إجراءات انتخابات الاتحادات الرياضية بدأت.. وهذا موقف قانون الرياضة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأحد 6 أكتوبر على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    هلا رشدي تحتفل بعيد ميلادها وتصدر أغنية «زنجباري» التريند    دموع وحب وضحك.. لقطات من حفل زفاف ابنه الفنان علاء مرسى    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    عمار حمدى: قاضية أفشة لا تقارن مع هدف منسى.. وهذا رأيى فى إمام وكهربا وشيكابالا    جوميز يشيد ب كوستا وندياى ويتنبأ بتألقهما مع الزمالك    رسميا.. غزل المحلة يتعاقد مع لاعب الترجي التونسي    علي معلول مستمر مع الأهلي في حالة واحدة فقط    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك فى إقامة حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    قادة النصر.. "dmc" تستعرض مسيرة المشير أحمد إسماعيل خلال حرب أكتوبر 1973    تغطيات تاريخية وكشف للحقائق.. كيف ساهمت الشركة المتحدة في إحياء ذكرى انتصار أكتوبر المجيد؟    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    جيسوس مدرب الهلال يشيد بجماهير الأهلي بعد كلاسيكو الدوري السعودي    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 7 أكتوبر    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إجماع شعبى على إسقاط قانون «أبوحامد»
نشر في الوفد يوم 03 - 05 - 2017

الاستقبال الحار للإمام الأكبر فى احتفالية عيد العمال يؤكد رفض تدمير الأزهر
إن الناظر فى الأحداث التى مرت خلال الأيام الماضية، والمتتبع لها ليرى حدثاً مهماً قد جرى، تمثل فى ثلاثة مشاهد، لا يستطيع المرء إنكارها، ربما جاءت فى وقتها، لتدفع ظلماً بيناً قد وقع، أول هذه المشاهد هو عقد مؤتمر الأزهر العالمى للسلام بحضور البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بناءً على دعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى التى وجهها للبابا أثناء زيارته للفاتيكان العام الماضى، والتى جاءت عباراته المنصفة للأزهر الشريف، والإسلام عندما أعلن على مرأى ومسمع من الجميع براءة الأديان من الإرهاب والعنف، بالإضافة إلى ثنائه على كلمة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر التى أكدت حقيقة براءة الأديان والحضارات من انحرافات أتباعها، كما أن البابا وصف الإمام الطيب بأخيه الأكبر فى إشارة إلى الاحترام والتقدير العالمى الذى يحظى به شيخ الأزهر، وكانت الأيام القليلة قبل عقد المؤتمر التى شهدت جلسة موسعة بحضور شيخ الأزهر والأمين العام لمجلس الكنائس العالمى تحدث فيها عدد من الرموز الدينية الإسلامية والمسيحية على حد سواء بمثابة الرد العملى على من ينقصون دور الأزهر ويبخسون قدره.
وجاءت كلمة الإمام «الطيب» شيخ الأزهر خلال المؤتمر صادحة بالحق لتخرس الألسنة وتضرب الكلاب المسعورة - التى أرادت النيل من الأزهر الشريف - فى مقتل، ولتكون رداً عملياً على سياسة الكيل بمكيالين التى صوبت سهامها نحو قلعة الإسلام السنى المعتدل «الأزهر الشريف» فى العالم وشيخه وربما كانت كلمات المستشار محمد عبدالسلام، مستشار شيخ الأزهر فى تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لتؤكد أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب يكتب تاريخاً جديداً للأزهر، مؤكداً أن كلمة «الطيب» فى الجلسة الختامية من مؤتمر الأزهر العالمى للسلام بحضور بابا الفاتيكان تمثل إرثاً فكرياً وروحياً تتغنى به ويفخر به كل من بعدنا فى المستقبل.
وأضاف أن بابا الفاتيكان يعانق شيخ الأزهر عناق الأخوة والمحبة بين البابا فرنسيس والإمام الأكبر، لقاء القلب والعقل معاً.
فيما وصف الأب إيميليو بلاتى، أستاذ مقارنة الأديان بجامعة لوفان الكاثوليكية فى بلجيكا، «الطيب» بأنه الإمام الذى استطاع أن يقنع الغرب بسماحة الإسلام.
وقال إن القادة السياسيين ورموز الدين وغالبية العامة فى أوروبا يثقون فى خطاب الأزهر الشريف إلى أبعد الحدود، ويرون فى قيادات الأزهر الاعتدال والوسطية، بل ويعلقون آمالهم عليهم فى إنقاذ الشرق الأوسط من التطرف والإرهاب، مؤكداً أن قادة أوروبا يعتبرون الإمام «الطيب» أهم شخصية قادرة على صنع السلام بين الشرق والغرب، وأن أوروبا تهتم بزياراته لها أكبر اهتمام.
بالإجمال جاءت زيارة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان إلى مصر الأسبوع المنصرم لتضع حداً للغط حول الأزهر وإمامه الأكبر، بعد أن ظن المرجفون أن القضاء على تنظيمات الإرهاب يبدأ بهدم الأزهر.
أما المشهد الثانى فقد تمثل - مطلع الأسبوع الجارى - فى احتفال مصر بعيد العمال، حيث حظى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب باستقبال حار أثناء دخوله قاعة الاحتفال ليهتف الجميع للأزهر مرددين «أزهر.. أزهر.. أزهر» ليتفاعل معهم الإمام، ويبادلهم التحية فى وقار عالم أجمع الجميع على محبته وتقديره، وبما يوحى بأن الأزهر سيظل راسخاً فى قلوب الجميع، ولن يستطيع كائن من كان أن ينال منه، وأن شيخه الفاضل «الطيب» يحظى بشعبية جارفة، رغم الهجوم الذى استهدفه وعلماء الأزهر الشريف، وذلك لنقاء سريرته وسمو أخلاقه وعلمه الراسخ الذى لن يجرؤ معه شلة من المنتفعين أن يجعلوه ينزلق إلى صغائر الأمور ليدخل معهم فى معركة ليس وقتها فى ظل التحديات الراهنة التى تواجه الأمة بشكل عام ومصر على الأخص.
فالقارئ لسيرة الإمام «الطيب» يدرك أن الشيخ يتمتع بحكمة فى الأداء وبلاغة القول وعلم الأتقياء وكانت كلماته مؤخراً تحمل القول الفصل، حيث عبر فى كلمات موجزة قائلاً: «لو أن كل دين من الأديان السماوية حوكم بما يقترفه أتباعه من جرائم القتل والإبادة لما سلم دين من تهمة العنف والإرهاب».
ويأتى المشهد الثالث عندما حذرت قبائل الصعيد، البرلمان المصرى من مخاطر «اللعب بالنار» عند مناقشة القانون المشبوه المسمى بهتاناً «تعديل قانون الأزهر» والتى أكدت أن مؤسسة الأزهر الشريف وشيخها خط أحمر، لن يسمح بالاقتراب منه. كما انبرى عدد من الرموز السياسية والقبلية بالأقصر وبعض المحافظات للدفاع عن الأزهر، مؤكدين أن من يهاجمون الأزهر يهدفون للنيل من الإسلام، مشيرين إلى أن مصر تُعرف فى أوروبا وآسيا وأفريقيا بأزهرها الشريف، وأن كتب الأزهر ومشايخه لا يخلو بلد منها فى العالم.
كما رفضت اللجنة الدينية بمجلس النواب التفكير فى طرح القانون المشبوه قانون «أبوحامد» لتعديل الأزهر، ورفضت أيضاً تحديد مدة «الطيب» لأن ذلك سيدق مسماراً فى نعش المؤسسة الدينية، ويخلق صراعاً مع أكبر مؤسسة دينية فى العالم. فيما أشار عدد من النواب إلى نجاح جهودهم فى تشكيل ائتلاف تحت قبة البرلمان للتصدى لهذا القانون المشبوه، كما وصف ائتلاف دعم الأزهر الذى يضم عدداً من الأحزاب بالأقصر والقوى الشعبية وبينها أحزاب الوفد والشعب الجمهورى ومستقبل وطن إضافة إلى الرابطة العالمية لخريجى الأزهر مشروع القانون الجديد بأنه يهدف لهدم مؤسسات الأزهر، خاصة أنه نص على وقف إنشاء معاهد أزهرية جديدة لمدة 15 سنة إلى جانب فصل الكليات العملية عن الكليات الشرعية وتبعيتها للمجلس الأعلى للجامعات، بل الأخطر من ذلك فإن المادة الخامسة التى تم استحداثها فى المشروع، وتنص صراحة على «أنه فى حالة إخلال شيخ الأزهر بواجبات وظيفته يحال إلى لجنة تحقيق تشكل من أقدم سبعة من أعضاء هيئة كبار العلماء بناءً على قرار من ثلثى أعضاء هيئة كبار العلماء، وتتولى هذه اللجنة التحقيق معه فيما ينسب إليه وسماع أقواله، وتعد تقريراً بناءً على ذلك إما بتبرئة ساحته وإما بإدانته مع اقتراح أحد الجزاءات، وهى الإنذار أو اللوم، وعدم الصلاحية، ويعرض هذا التقرير على هيئة كبار العلماء لتتخذ القرار فيه بأغلبية الثلثين فأى هراء هذا؟!
وهل يعقل ذلك، لما فيه من اعتداء على الدستور الذى حدد مكانة شيخ الأزهر فيه وعدم قابليته للعزل، مما يوحى بأنه لو حدث ذلك لكان بمثابة إهانة بالغة لجميع مسلمى السُنة فى العالم لإهانة إمامهم الأكبر ورمزهم الدينى، خاصة أن الدستور حصّن الأزهر مؤسسة وشيخاً، والقانون المشبوه به مواد ملتهبة تعمل على شق الصف والصراع بين المؤسسات الدينية، والبرلمان، فى وقت لا يحتمل أى صراعات.
فيما كان رد «أبوحامد»، مقدم مشروع القانون للنواب، أن شيخ الأزهر يعمل فى مؤسسة تخضع لمجلس النواب فى كل تشريعاتها، وشيخ الأزهر ليس نبياً أو معصوماً لكى لا يُعزل، وأن الأزهر ملك للشعب وليس لشخص شيخ الأزهر أو غيره.
إن جرح الأزهر جرح للأمة لن يندمل إلا بمساندة المؤسسة العريقة «قلعة السُنة» فى العالم الإسلامى، وإنزال شيخه الإمام الأكبر منزلة رفيعة لأنه رمز دينى ليس لمصر فحسب بل فى العالم أجمع.. وربما جاءت مشاهد الأيام القليلة الماضية بمثابة اعتذار واضح وصريح عن الخوض فى شأن المؤسسة الأزهرية وشيخها الجليل «الطيب» ولتكون بمثابة رفض شعبى لمثل تلك القوانين المشبوهة التى بدت تطفو على السطح لتطلق من بعدها حملة شعواء تستهدف الإمام، ليشن الإعلام - الذى يظن أنه يتقرب للسلطة - حملة بالغة الضراوة ضد الأزهر وشيخه خاصة بعد اعتراض الأزهر على مشروع خطبة الجمعة المكتوبة التى كانت قد أراد أن يقررها وزير الأوقاف، بالإضافة إلى رفض المؤسسة الأزهرية عدم الاعتداد بالطلاق الشفوى، إلا بعد توثيقه رسمياً، والذى رفضه «الطيب» وهيئة كبار العلماء مطلقاً، معتبرين أن وقوع الطلاق الشفوى المستوفى لأركانه وشروطه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبى دون اشتراط إشهاد أو توثيق.
وبعد أن وقف الرئيس مداعباً الإمام الأكبر فى إحدى المناسبات بقوله: «تعبتنى معاك يا فضيلة الإمام»، ظنَّ المرجفون من حملة المباخر والإعلاميين المتلونين أن ذلك بمثابة إيذان للهجوم على الأزهر مؤسسة وشيخاً، ولكنهم تغافلوا أن الرئيس ذاته فى كل مناسبة يقدر للأزهر دوره وعلماءه، بل ويشدد على مساندة تلك المؤسسة الوسطية للتصدى لخفافيش الظلام من التنظيمات الإرهابية والجماعات الإرهابية التى يدرك الجميع أنها فى غياب الأزهر ستبلغ مرادها، وتتوسع فى انتشارها، وحتى جاءت الفرصة الأكبر بعد تفجير كنيستى الإسكندرية وطنطا لتنطلق الألسنة من بعض الإعلاميين والكتاب للتحامل على الأزهر ومناهجه، إلى حد أن طالب بعض المأجورين شيخ الأزهر بالاستقالة - ليريح ويستريح - على حد زعمهم، فهل هذا أدب؟!، إلى أن تزامنت تلك الهجمة الشرسة مع طرح تعديلات قانون الأزهر من قبل النائب محمد أبوحامد، عضو ائتلاف دعم مصر، التى قوبلت بالرفض الشديد، وكل هذه الحملات الظالمة دفعت هيئة كبار العلماء للخروج عن صمتها لتصدر بيانها التاريخى عن مناهج الأزهر، وأنها لا تتضمن أى تحريض على العنف والإرهاب، كما زعم الزاعمون، واعتبرت ذلك خيانة للموروث وتشويهاً فاضحاً، فمناهج الأزهر اليوم هى نفسها مناهج الأمس التى خرَّجت رواد النهضة المصرية والعالم الإسلامى بدءاً من حسن العطار ومروراً بمحمد عبده والمراغى والشعراوى والغزالى، ووصولاً إلى رجال الأزهر الشرفاء الأوفياء لدينهم وعلمهم وأزهرهم والقائمين على رسالته فى هذا الزمان.
يقول الدكتور مجدى الداغر، أستاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال بجامعة المنصورة، أتصور أن التصفيق الحاد الذى صاحب دخول الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قاعة احتفال عيد العمال منذ أيام هو شعور طبيعى عن مدى حب المصريين للأزهر الشريف، ورفض صريح لمشروع النائب محمد أبوحامد، الذى يقوم على أن يكتفى الأزهر بتدريس المواد الشرعية والفقهية فقط، وأن تعود العلوم التطبيقية والعلمية إلى معاهد وكليات التعليم العام، بجانب تحديد فترة تولى شيخ الأزهر بست سنوات، حيث لايزال الأزهر الشريف يتمتع بقوة إقناع لا بأس بها بفضل تمتع شيوخه وعلمائه بمهارات خطابية متميزة، وحظى بعضهم بكاريزما شخصية مثلما هو الحال مع الأئمة عبدالحليم محمود، ومحمد سيد طنطاوى، وأحمد الطيب الذى أكد أن مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف ليست مسئولية الأزهر بل مؤسسات الدولة بالكامل. وعلى الرغم أن التعيين من صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن قد يكون العزل خارج إطار الدستور، وأن ذلك قد لا يتم إلا فى جوانب محددة لا تنطبق عليها الحالة المصرية الآن، وتاريخياً فإن الأزهر مؤسسة مستقلة عن السلطة السياسية طوال تاريخها باستثناء العقود الخمسة الماضية، فعلى الرغم من تدخل الأتراك فى جميع شئون البلاد فترة حكم مصر، إلا أن الأزهر كان الاستثناء الوحيد فى الإمبراطورية العثمانية، حيث يقوم الأزهريون باختيار شيخهم وإخطار الحاكم أو الوالى بالشيخ الذى تم اختياره فقط، كما لم يتدخل الأتراك فى المناهج التى يتم تدريسها فى الأزهر التى كانت أكثر تركيزاً على مذهبين فقط ،هما المالكى والشافعى على العكس من مذهب الحنفية السائد فى إسطنبول، وأتصور أن الخطاب الدينى وآليات تطويره تحاسب عليه مؤسسات الدولة بما فيها الأزهر نفسه والكنيسة بطوائفها وكافة مؤسسات الدولة من إعلام وأسرة وتربية وتعليم ومدارس وجامعات ومؤسسات وجمعيات أهلية، فالمشكلة ليست فى مواد ومقررات الأزهر الشريف بل هناك عوامل كثيرة ساهمت فى تدهور القيم الدينية والأخلاقية وظهور سلوكيات كالتطرف والعنف والتشدد والإلحاد وغيرها، فالأزهر ما زال يمثل منارة الوسطية وعنواناً للاعتدال فى العالم الإسلامى، كما أنه يعد أكبر أدوات القوة الناعمة لمصر، والتى تعرضت لحالة من تدهور قدرتها وتآكل فاعليتها مؤخراً، فلا يزال الأزهر يضم طلاباً من أكثر من 120 دولة ترسل أبناءها للتعلم فى رحابه، وهو ما يعكس مظاهر الحفاوة والترحيب التى يحظى بها شيخ الأزهر عند زياراته الخارجية للبلدان الأوروبية والإسلامية سواء كان الشيخ أحمد الطيب أو غيره.
ويضيف «الداغر»: أتصور أن العنف والتطرف ليس كله قائماً على نصوص دينية وتأويلات فاسدة، وإنما هناك الفساد والتقصير والتجاوز والظلم والتعسف، كلها عوامل من شأنها أن تولد جيلاً من المتطرفين، فالفكر التكفيرى لم يظهر فى مصر إلا فى سبعينيات القرن العشرين، وكانت البداية بخلية «الفنية العسكرية» عام 1974 وهو أول تنظيم تكفيرى يظهر فى تاريخ مصر، حيث لم يثبت إدانة أزهرى واحد بممارسة العنف والإرهاب، كما أن قيادات جماعات العنف والتطرف الدينى التى مارست الإرهاب لم تضم أزهرياً واحداً، وإنما تخرجت عناصر هذه التنظيمات فى كليات علمية ونظرية من جامعات حكومية، وهو ما يجعل منظومة التعليم العام هى الأحرى بإعادة النظر والمراجعة فى المقررات التى يتم تدريسها فى المدارس والجامعات.
وأضاف أستاذ الإعلام، أن الأزهر الشريف فى حاجة إلى مراجعة العديد من المقررات الدراسية التى يتم تدريسها فى المعاهد والكليات الأزهرية فى مصر وخارجها، حيث يضم الأزهر معاهد وكليات فى بلدان عديدة فى العالم تتبع إدارة الأزهر من الناحية التعليمية أو الفكرية، كما يجب مراجعة البعثات الدينية التى يرسلها الأزهر فى رمضان للبلدان الإسلامية والأقليات المسلمة فى أوروبا أن يتقن الشيخ الأزهرى لغة الدولة الوافد إليها من ناحية، وألا يقتصر الأمر على تلاوة القرآن وتقليد المقرئين من ناحية أخرى، وأن يكون الأساس تعليمهم أمور دينهم، فما هو العائد من أصوات أوروبية تجيد تلاوة القرآن باللغة العربية ولا يفهمون الآيات التى يقرؤونها.
ويؤكد «الداغر» بقوله: أتصور أنه ورغم إعلان لجنة تطوير المناهج ما جرى حذفه أو إضافته إلى المواد الأزهرية، فإن بيانات وتصريحات علماء الأزهر الذين قادوا عملية التطوير سيطرت عليها حالة من الارتباك، فهناك من قال إن تعديل المناهج اقتصر على المرحلة الإعدادية، وآخرون قالوا إن التعديل شمل المرحلتين الإعدادية والثانوية، ثم يخرج رئيس قطاع المعاهد الأزهرية ليؤكد أن مناهج وكتب الأزهر لم تتغير، ولن يستطيع أحد المساس بها.
ويضيف «الداغر»: أنا مع إعطاء صلاحيات للأزهر الشريف حتى يمكن أن نحاسبه وأن يتم تمكين الأزهر من الإشراف الكامل على المساجد من حيث اختيار الأئمة والموضوعات التى يتم طرحها وتناولها فى خطب الجمعة كإحدى آليات تطوير الخطاب الدينى الحقيقى، فقد تصورت وزارة الأوقاف أن تطوير الخطاب يقوم على تطبيق نظام الخطبة الموحدة المكتوبة وتعميمها على أئمة الوزارة على مستوى مساجد الجمهورية، وهى الخطوة التى أثارت جدلاً واسعاً بين أئمة الأوقاف الرافضين لقرار الوزارة، ورفض الأزهر للمبدأ من الأساس باعتباره إحراجاً لأئمة المنابر ويؤكد على محاولات وزارة الأوقاف فى الانفراد والسيطرة وإدارة المجال الدينى فى مصر، وتجاهل تام للأزهر الذى يرى أن توحيد الخطبة من شأنه أن يبعد إمام المسجد عن قضايا ومشكلات البيئة التى يعيش فيها، وأن توحيد الخطبة قد يأتى فى الموضوعات العامة عندما تقتضى الحاجة لذلك، ولست مع أن يبتعد الأزهر الشريف عن العمل العام وقضايا المجتمع.
أما الدكتور عبدالوهاب القرش، مدير مركز الطبرى للدراسات الإنسانية، فيقول إن شيخ الأزهر الشريف كأى إنسان يتقلب بين حالين، إما عطاء وإما بلاء، وقد دخل التجربة من بابيها، باب العطاء وباب البلاء، أعطاه الله قيادة الأزهر الشريف فكان شاكراً وابتلاه بهجوم إعلامى شكك فى قدراته وقدرات ومناهج مؤسسة الأزهر فكان صابراً وثابتاً، مقلاً فى الكلام، عازفاً عن الدفاع والرد على هذا الهجوم، لكن شاءت إرادة الله أن يأتى الدفاع والانتصار للأزهر الشريف عبر ثلاث شُعب؛ الأولى بأن قيض الله له قاعدة عريضة وعظيمة مخلصة من الشعب المصرى وأبناء الأمة الإسلامية تعلم علم اليقين أن الأزهر هو المحور الذى يجب أن يلتف حوله أهل الإسلام شرقاً وغرباً فهو الكعبة الثانية بعد بيت الله الحرام، لهذا وقفت خلف المؤسسة الأزهرية والإمام الأكبر تشد من أزره وتدافع عنهما بالخطابة والكتابة ضد ما يحاك حولهما من تهميش دور الأزهر أو إهانة الإمام الأكبر، والشُعبة الثانية جاءت من الفاتيكان، والحق أقول إن توقيت زيارة بابا الفاتيكان لمصر مهم للغاية بالنسبة لمؤسسة الأزهر، حيث تعتبر صفعة قوية للهجمة الإعلامية ومن كل من يرغب فى السيطرة على هذه المؤسسة العريقة، معقل الفكر الإسلامى المعتدل، وهذا ما يفهمه الفاتيكان ودول العالم.
ويضيف «القرش»، أن الأزهر الشريف مؤسسة لطالما احتفى بها الزائرون لعراقتها وتاريخها الذى يمتد لأكثر من ألف عام، أثناء المؤتمر العالمى للسلام زار البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، الأزهر الشريف، والتقى بشيخه وأعرب البابا عن سعادته بدخول الأزهر ولقاء إمامه، وجلس الرجلان فقط على المنصة الرئيسية على مقعدين متماثلين، فى هذا اللقاء الدينى أرسل شيخ الأزهر للعالم رسالة مفادها أنه يقف مع البابا رأساً برأس، فشيخ الأزهر يمثل مؤسسة الأزهر وهى المرجعية الدينية الأولى للمسلمين على مستوى العالم، ويمثل بابا الفاتيكان المرجعية الدينية لقطاع عريض من المسيحيين فى أوروبا والعالم، كما أن ظهور شيخ الأزهر والبابا كراعيين للمؤتمر وشريكين فى صنع السلام العالمى ليؤكد انتصاراً كبيراً للأزهر، وأن هذه الخطوة تمثل رداً قوياً على كل المشككين فى دور الأزهر محلياً وعالمياً.
ويؤكد مدير مركز الطبرى، أن الأزهر نجح فى تأكيد زعامته الدولية عبر هذا المؤتمر العالمى، واللقاء التاريخى الذى جمع بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، حيث رسخ الأزهر مكانته العالمية سياسياً ودينياً باعتباره أهم مؤسسة إسلامية سنية ليعادل بذلك الضغوط التى تعرض لها مؤخراً، كما استطاع شيخ الأزهر أن يرسل رسالة أخرى واضحة لكل أعدائه مفادها: إن كنتم تهاجمون الأزهر وتوجهون له الإهانات فإن العالم كله يحترم الأزهر ويتعامل مع شيخه باعتباره زعيماً للعالم الإسلامى متساوياً فى القدر والمقام مع بابا الفاتيكان.
ويضيف «القرش»، أن لقاء البابا بشيخ الأزهر وعناقه الحار له أدى إلى التخفيف من حدة الهجوم الإعلامى على الأزهر عندما اشتجرت حوله منازع السياسة، وتشعبت فيه دسائس السياسة ومراميها، وقد ادعت بارتباطه بتهم الإرهاب، ونشر الفكر المتطرف، ومن ثم إلى وأد مشروع القانون المقدم لتعديل قانون الأزهر.
أما الشُعبة الثالثة فقد استقبل المشاركون فى قاعة احتفال مصر بعيد العمال شيخ الأزهر بعاصفة من التصفيق وهتاف للأزهر، وتواضع الإمام الأكبر شيخ الأزهر، ووضع يديه على رأسه محيياً جميع الحضور الذين قاموا برد تحية الإمام بالتصفيق الحاد، باعتبار شيخ الأزهر رمزاً لمنارة الإسلام فى العالم، ويعتبر هذا رداً حاسماً على استهداف الأزهر خلال المرحلة السابقة، ونتيجة هذا اليوم المشهود قام عدد كبير من النواب بسحب توقيعاتهم عن قانون تطوير الأزهر الذى يسعى فى باطنه لعزل شيخ الأزهر. لقد نجح الأزهر فى إبراز هذه المفارقة ففى الوقت الذى يهاجم فيه بالداخل ويتهمه البعض بأنه المسئول عن الإرهاب والتطرف فى البلاد بسبب المناهج التى يُدرسها، فإن العالم يعترف بالدور الكبير الذى يقوم به الأزهر من أجل نشر السلام العالمى، وقد أثبت الأزهر للجميع فى الداخل والخارج أنه قادر على صناعة السلام فى العالم لما يتمتع به من تأثير وحضور، وسيذكر التاريخ لشيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أنه واحد ممن حافظوا على مكانة الأزهر ووقف بالمرصاد، لكل من حاول تشويه صورته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.