"بداية الحرب العالمية الثالثة".. جملة ترددت كثيرًا خلال الأيام والساعات القليلة الماضية، في ظل تبادل التهديدات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكيم جونج أون، رئيس كوريا الشمالية، وذلك بعد إرسال الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدة بحرية ضاربة تتألف من حاملة طائرات وقطع مرافقة إلى شبه الجزيرة الكورية. توعدت كوريا الشمالية بالرد على الخطوة الأمريكية التي وصفتها ب"المتهورة"، معلنة أنها ستتخذ أقسى إجراءات الهجوم المضاد في وجه "المستفزين" للدفاع عن نفسها بقوة السلاح، وأنها على استعداد لخوض حرب أيًا كانت نوع الحرب التي تريدها أمريكا. وبعدها، أشرف الرئيس الكوري الشمالي على مناورة نفذتها قوة من الوحدات الخاصة، قائلًا: "إن العملية أثبتت أن جيشنا الشعبي الكوري سيجعل الغزاة المتهورين يذوقون الطعم الحقيقي لإطلاق النار والطعم الحقيقي للحرب". صباح اليوم السبت، عرضت كوريا الشمالية صواريخها الباليستية التي تطلق من غواصات للمرة الأولى، في عرض عسكري ضخم في العاصمة بيونج يانج، وأمر "كيم جونج" سكان العاصمة بمغادرة المدينة على الفور، منذ يومين، ما أثار مخاوف من أنه يستعد للحرب. وفي المقابل، كان ترامب استعرض قوته العسكرية من خلال استهداف موقع ل"داعش" في أفغانستان باستخدام أكبر قنبلة غير نووية في المعارك لدى الولاياتالمتحدة، معروفة باسم "أم القنابل". أكد الرئيس الأمريكي أن كوريا الشمالية تشكِّل "مشكلة" سيتم التعامل معها، قائلًا: "لا أعرف ما إذا كانت هذه القنبلة توجِّه رسالة، لا فرق ما إذا كانت تفعل ذلك أم لا، كوريا الشمالية مشكلة وسيتم التعامل مع هذه المشكلة". والصدام بين أمريكاوكوريا الشمالية ليس وليد اللحظة ولكنه ممتد منذ سنوات ماضية، وهو ما ترصده "بوابة الوفد" خلال هذا التقرير: البداية تعود إلى انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، عندما بدأت الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي في تقسيم الأراضي الخاضعة لسيطرة الحلفاء فيما بينهم باعتبارهم الأقوى في ذلك الوقت، وتم الاتفاق على أن تكون الجزيرة الشمالية خاضعًا لسيطرة الاتحاد السوفييتي، والجزر الجنوبية خاضعة لسيطرة أمريكا. ونتج عن هذا الاتفاق انقسامًا واضحًا بين الشعب الكوري، الأمر الذي تسبب في نشوب حرب أهلية، وبعدها خرج الاتحاد السوفييتي والولاياتالمتحدة باتفاق يقضي بأن البلاد ستكون حرة خلال 4 سنوات من الحكم الذاتي، وهو ما تراجعت عنه أمريكا فيما بعد. وظل الصراع السياسي قائمًا نتيجة الصراع والحرب الباردة بين المعسكرين الذي يتبع أحدهم أمريكا والآخر الاتحاد السوفييتي، وعند قيام كوريا الشمالية بنقل قضبان وقود نووي من المفاعل النووي في يونجبيون، وضعت الولاياتالمتحدة خطة لضرب المفاعل. وبعدها هدأت الأمور بعض الشيء بين البلدين، بسبب جهود الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر الذي بذل جهودًا دبلوماسية لتهدئة الأوضاع وفقًا لاتفاق 1994، الذي تم على إثره إغلاق المفاعل لمدة 8 سنوات مقابل قيام تجمع من الشركات الدولية ببناء مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف في كوريا الشمالية. وفي 2002 انهار اتفاق 1994 بعد اتهام الولاياتالمتحدةلكوريا الشمالية بالقيام بتنفيذ برنامج سري لتخصيب اليورانيوم، وهو ما ردت عليه كوريا بإعادة تشغيل مفاعل يونجبيون وقيامها بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية منه، وإعلانها الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وفي أكتوبر 2006 نفذت كوريا الشمالية أول تجربة نووية، وتوترت العلاقات الأمريكية- الكورية مجددًا، إلا أنه وخلال 4 أشهر تم الاتفاق بمنح كوريا الشمالية مساعدات في مجال الطاقة ومكاسب دبلوماسية وأمنية مقابل التخلي عن البرنامج النووي، بعد إجراء محادثات سداسية ضمت كلًا من الولاياتالمتحدة والكوريتين وروسيا والصين واليابان. وفي 2007 أغلقت كوريا الشمالية المفاعل "يونجبيون" من جديد، كما رفعت أمريكا اسمها من على لائحتها الخاصة بالإرهاب، إلا أن المفاوضات توقفت في نهاية العام نتيجة الخلاف بين الجانبين على طريقة التحقق من التزام كوريا الشمالية بالاتفاق. وفي 2009، نفذت كوريا الشمالية تجربة لإطلاق صاروخ طويل المدى، وهو ما ترتب عليه فرض عقوبات شديدة على كوريا الشمالية من مجلس الأمن، لذا قامت كوريا بالانسحاب من المحادثات السداسية، وإعادة تشغيل المفاعل وطرد المفتشين والتهديد باستئناف التجارب النووية. في عام 2012، أعلنت كوريا الشمالية عن إمكان توقف أنشطتها النووية مقابل الحصول على الغذاء، وهو ما رحب به الرئيس الأمريكي أوباما، مؤكدًا قيامه بإرسال 240 طنًا من المعونات الغذائية لكوريا الشمالية. وفي 2013، عادت الأمور إلى نقطة الصفر من جديد بعد صدور قرار من مجلس الأمن يطالب كوريا الشمالية بإنهاء برنامجها النووي، إلا أنها رفضت القرار متحدية للعقوبات الدولية وأنها ستواصل هدفها بامتلاك أسلحة نووية. وفي العام ذاته نفذت كوريا الشمالية ثالث تجاربها النووية، مع إعلانها بأن الولاياتالمتحدة العدو اللدود للشعب الكوري الشمالي، وهو ما زالت التهديدات بين البلدين والصدام جاريًا، وكلما توقف عاد التوتر بينهما للمشهد من جديد.