مع بدء العد العكسى للانتخابات الرئاسية الفرنسية، لا تزال ثمة عوامل تزيد غموض هذه المعركة التي لم يعد يفصل عن تاريخها سوى مئة يوم. ومع اقتراب الموعد ازدادت حدة التنافس وبدأت استطلاعات الرأي تقدم النسب التي يمكن أن يحصل عليها كل من المرشحين في الدور الأول. ولفتت صحيفة "النهار" اللبنانية في تقرير موسع إلى أن التساؤلات والتكهنات كثيرة في الأوساط السياسية الفرنسية ومنها: متى يعلن الرئيس نيكولا ساركوزي ترشيحه رسميا؟. وساركوزي كالرؤساء الذين سبقوه يريدها معركة قصيرة والاستطلاعات تظهر أنه لايزال ضعيفا ولا يتصدر قائمة المرشحين، وهو ما لم يحدث للرؤساء السابقين في الجمهورية الخامسة. وبناء على ميول الناخبين وقياس الرأي العام لم تشهد انتخابات رئاسية رئيساً يعاني هذا الضعف كما الحال بالنسبة إلى الرئيس الحالي. وكان ساركوزي قد أشار إلى أنه سيعلن عن هذا الترشح في أواخر الشهر الجاري أو بداية فبراير على الأكثر، لكنه لمح عبر أحد مستشاريه إلى أنه ربما يفضل حملة خاطفة على أن يقدم ترشيحه في نهاية الشهر القادم بعد انتهاء أعمال الجمعية الوطنية الفرنسية. وتشير الأجواء إلى إمكانية تأخير إعلان ساركوزي خبر ترشحه لفترة رئاسية جديدة حتى آخر لحظة، وقد يواجه في حال ترشيحه خصمه الاشتراكي فرنسوا هولاند الذي يعتبر حتى الآن من أكبر منافسيه ويحظى بشعبية لا يستهان بها. وحسم الاشتراكيون أمرهم منذ أكتوبر الماضي باختيارهم الزعيم هولاند الذي يتصدر بقية المرشحين في استطلاعات الرأي العام، غير أن مواقفه لا تزال غامضة وقد اختار استراتيجية طبقها لدى ترشيحه للفوز بترشيح الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية، وهي عرض عناوين برنامجه من دون الخوض ببرنامج رئاسي مفصل. ومشروع هولاند معروف وقد يكون المشروع الاشتراكي، غير أن السؤال المطروح أمامه هو كيف سيقدمه في إطار حملته الانتخابية ويقنع الناخبين به، دون ان يؤدي ذلك الى خيبة امل في صفوف مؤيديه الذين يطالبون بالتغيير، وذلك في سياق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المجموعة الاوروبية إذ ان مجالات التغيير محدودة. المرشح الثالث هو رئيس حزب الوسط فرنسوا بايرو الذي يتصدر استطلاعات الرأي ممثلا للوسط الفرنسي، فيما يعتبر بعض السياسيين ان بايرو انتهى سياسيا، في الوقت الذي يحقق فيه تقدما كل يوم مستغلا الصراع الدائر بين اليمين واليسار، ويجذب إليه شخصيات وسطية سابقة كانت التحقت بساركوزي. وتساءلت "النهار": "هل يستطيع بايرو أن يصل في هذه الدورة إلى ما كان يأمل فيه خلال الدورة الماضية، وهو ان يصل الى الدور الاول، علماً ان الفارق بينه وبين مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن التي خلفت والدها جان - ماري لوبن في زعامة الجبهة الوطنية لا يزال خمس نقاط. وكشفت الاستطلاعات عن الصعود المدوي لمارين لوبن باحتلالها المرتبة الثالثة وراء ساركوزي يفسره تراجع المرشحين الآخرين او حفاظهم على النسب نفسها، وحظوظها في الوصول الى الدور الثاني كبيرة وجدية، كما هي الحال بالنسبة الى بايرو الذي لا يستبعد بعض المعلقين ان يكون الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية بين بايرو ولوبن. ويؤدي استمرار صعود بايرو في استطلاعات الرأي إلى حدوث مفاجآت مثلما صنع الحدث في الانتخابات السابقة فحل في المرتبة الثالثة ورفض حينها أن يدعم أحد المرشحين. ويمسك الوسط الفرنسي بأحد مفاتيح الانتخابات الرئاسية ويقترع عادة لليمين الوسطي أو لحزب الخضر، وعدم تمكن مرشحة الخضر إيفا جولي حتى الآن من تسجيل أي تقدم في استطلاعات الرأي يخدم حظوظ بايرو، غير أن المعركة ستكون حامية مع مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن الذي تتقدمه في الاستطلاعات.