شارع له تاريخ وقصة طويلة مع الفن الأصيل، ترويها أفلام السينما ومسلسلات التلفزيون تعود أصل تسميته لمؤسس مصر الحديثة "محمد علي"، أما عن طرازه فهو "بارسي" لأن من قام بتخطيطه المهندس الفرنسي "هوسمان" عام 1863 بعهد الخديوي إسماعيل، الذي خطط شارع "ريفولي" بباريس. كان شارع محمد علي صاحب شهرة كبيرة لكونه مأوى للفن والفنانين من مطربين وموسيقين وممثلين وراقصات"العوالم" وانتشار الفرق الموسيقية عقب إنشاء"حسب الله الأول" فرقته مع سنية كسارة وزوبة الكلوباتية، بجانب شهرته كونه سوق لتصنيع وبيع الآلآت الموسيقية وورش خاصة للإصلاحها، وساعد في ذلك قربه من الأوبرا الخديوية ومسارح الأزبكية بجانب شارع عماد الدين الملئ بالملاهي الليلية، وكان من يرغب في امتهان الفن أو الرقص يتوجه لهناك، فضلًا عن من يريد في مطرب او فرقة وراقصة تحي فرح أو مناسبة سعيدة سريعا ما تكون قبلته شارع محمد علي. خرج من ذلك الشارع أشهر الفنانين والملحنين والراقصات، عبد الحليم حافظ، حسن الأسمر وأحمد عدوية، وحياة نجفة ولولا البرنس ولوسي وسهير زكي وفيفي عبده، كما كان يتردد عليه فريد الأطرش وعدد من الملحنيين الكبار، وانتجت السينما الكثير من الأفلام التى تحكي حياة الأبطال بشارع "محمد علي" وكان أول فيلم يحمل أسم الشارع فيلم "شارع محمد علي"، فيلم أبيض وأسود إنتاج عام 1944، بطولة هاجر حمدي، حورية محمد، فردوس محمد، ميمي شكيب، عبد الغني السيد، تأليف أبو السعود الإبياري، إخراج نيازي مصطفى، بجانب مسرحية شارع محمد علي للنجمة شيريهان والنجم فريد شوقي وهشام سليم والمنتصر بالله ووحيد سيف. فكان شارع "محمد علي" نموذجًا لشوارع القاهرة الشهيرة صاحبة الصيت الكبير والتخصص الذي لا مثيل له، حتى هجره أهل الفن أصحاب الحس المرهف، ليمتلئ الشارع بمحال الموبيليا والاكسسوارات والموبايلات وغيرها من المحال التجارية، مع استمرار عدد من محال بيع الآلآت الموسيقية وورش التصليح على عهدها السابق، ولم يعلم المهندس الفرنسي "هوسمان" أن الشارع الذي صممه، سيتبدل به الحال ليصبح "سوق كبير" ويطفي معالمه التاريخية ليكون كغيره من الشوارع التجارية بوسط القاهرة حتى لم يرحموا أسمه الذي اشتهر به ليتغير من شارع "محمد علي" لشارع "القلعة". وعن تطور محال الآلآت الموسيقية بشارع"محمد علي"، قال عادل نور" 60 عاما"على المعاش، وكان صاحب فرقة موسيقية قديما، إنه من المترددين على شارع "محمد علي"، الذي تغيرت ملامحه عن السابق إلا أن محال الالات الموسيقية مستمرة. وأكد نور، في تصريح خاص ل"الوفد"، أن محلات "شارع محمد علي" كانت ولا تزال أصل الالآت الموسيقية لأنها لم تقف على عتبة الماضي بل طورت نفسها وسايرت العصر وأصبحت تبيع جميع أنواع الالات الموسيقية المحلي منها والمستورد والغربي منها دون التوقف على الآلات الشرقية التي يتم تصنيعا بالشارع. وأوضح أن ملحن الأجيال "محمد عبد الوهاب" هو أول من ادخل اللآت الغربية مصر وكان "الاوكورديون" ثم "الاورج" لتأتي مهارة العازف المصري ليطوع تلك الآلة الغربية لتعزف الألحان الشرقية، قائلًا:" أول ما الآلة الغربية تنزل محمد علي يجي دور العازف الشاطر ويقوم بتسيكها و"السيكا" هي الربع تون في اللحن الشرقي، أما الآن مع دخول التكنولوجيا فالآلة يتم تسيكها بالكمبيوتر". ولفت نور إلى أنه لا يزال يتم تصنيع الآلآت الشرقية بشارع محمد علي كالعود والطبل والقانون، واصفا الشارع بأنه أصل تصنيع تلك الآت خاصة "العود" الذي يتم تصديره بالخارج لأنه الوحيد الذي يعتمد على صناعته بمصر، مؤكدا أن مصر والعراق افضل بلدين في صناعة العود. واستكمل بأن مصر تستورد الكثير من الات الموسيقية كالطبل والجيتار وغيره فبدأ استيراد الكثير منه بعد أن غزت الصين وغيرها السوق المصري مشيرًا أن الصين لديها مهارة في تصنيع أي شئ حتى لو لم تؤمن به كالفانوس مثلا لذا قامت بصناعة الطبل البلاستيك وغيره. وأضاف "عم محمد" صانع عود بأحد الورش بشارع محمد علي، أن الشارع انطفى رونقه وغاب "روقانه" وجماله القديم وذلك بعد افتتاح الكثير من المحال التجارية به ليتحول الشارع كجيرانه من شوارع العتبة وشارع عبد العزيز مكتظة بالناس والمحال بعد أن كان مثال للهدوء. وتابع صانع العود، أن نسبة الإقبال على شراء العود لم تعد كالسابق وذلك بسبب "الدي جي" وحب الشباب للرتم السريع في الموسيقى لذا يتجهون للجيتار أكثر، بعد أن كان العود يتربع على عرش الآلآت الموسيقية قديماً، ولكن لا يزال يعمل بصناعته لأنه في نفس الوقت لا يمكن الإستغناء عنه بجانب شهرة الشارع بورش صناعة العود. شاهد الفيديو...