تنسيق الجامعات 2024.. تعرف على أقسام تمريض حلوان لطلاب الثانوية    البابا تواضروس يتحدث في عظته الأسبوعية عن مؤهلات الخدمة    متحدث الري: إنشاء مركزا للتنبؤ بالفيضان في جنوب السودان بدعم مصري كامل    نشأت الديهي: هناك انفراجة في أزمة انقطاع الكهرباء    بوليفيا.. الرئيس السابق يحذّر من قيام الجيش بانقلاب عسكري على رئيس البلاد    يورو 2024.. مدرب رومانيا مستاء من اتهامات التلاعب أمام سلوفاكيا    يورو 2024| تركيا يفوز بصعوبة على التشيك المنقوص في الوقت القاتل.. ويتأهل لدور ال16    السيطرة على حريق نشب داخل ورشة أخشاب في بولاق الدكرور    بينهم طفل وشاب سعودي.. مصرع 3 أشخاص غرقا في مطروح والساحل الشمالي    «30 يونيو.. ثورة بناء وطن».. ندوة في قصر ثقافة قنا للاحتفال بثورة 30 يونيو    محافظ بني سويف يكلف التأمين الصحي بتوجيه فريق طبي لفحص سيدة من ذوي الهمم    مصدر يكشف ليلا كورة.. تفاصيل جديدة في مفاوضات الأهلي لضم مدافع قطر    مسئول أمريكى يؤكد بأن الجميع لا يريد حربا بين إسرائيل وحزب الله    بالأسماء.. مصرع وإصابة 9 أشخاص إثر اصطدام سيارتين بالطريق الزراعى بالبحيرة    نقابة الصحفيين تتقدم بطلبات للنائب العام حول أوضاع الصحفيين في الحبس    الخارجية الهولندية تستدعي السفير الإسرائيلي بسبب اتهامات بالتجسس على الجنائية الدولية    على أنغام أغنية "ستو أنا".. أحمد سعد يحتفل مع نيكول سابا بعيد ميلادها رفقة زوجها    "يا دمعي"، أغنية جديدة ل رامي جمال بتصميم كليب مختلف (فيديو)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    تفاصيل عرض برشلونة لخطف جوهرة الدوري الإسباني    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    أزمة جديدة تواجه شيرين عبد الوهاب بعد تسريب 'كل الحاجات'    حزب المؤتمر: ثورة 30 يونيو نقطة انطلاق لمستقبل أفضل لمصر    مجلة الجيش الإسرائيلي تروج مزاعم عن نية مصر امتلاك سلاح نووي    لاعبا "شباب الفيوم" يشاركان في البطولة الأفريقية البارالمبية للدراجات    ثلاثي مصري في نهائي فردي الناشئات ببطولة العالم للخماسي الحديث بالإسكندرية    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    نجاح كبير للشركة المتحدة فى الدراما.. 125 عملا بمشاركة 12 ألف فنان و23 ألف عامل "فيديو"    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    بدء اجتماع «سياحة النواب» لمناقشة أزمة الحجاج المصريين    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    المشدد 5 سنوات لمتهم بجريمة بشعة في الخصوص    إسلام جمال يرزق بمولود.. اعرف اسمه    الأم لم تلقِ ابنها في المياه بسبب طليقها.. «أمن الجيزة» يكشف حقيقة واقعة العثور على جثمان ب«نيل الوراق»    أخبار الأهلي: الأهلي يراقب.. اجتماع بين مسؤولي فيفا وريال مدريد بسبب كأس العالم للأندية 2025    الكشف على 2450 مواطنًا وتقديم الخدمات مجانًا بقافلة القومى للبحوث فى أطفيح    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    تسليم 1155 جهازًا تعويضيًا وسماعة طبية لذوي الهمم بكفر الشيخ    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    «موسم تتويج الزمالك».. ماجد سامي يكشف واقعة مثيرة في مؤجلات الأهلي    محافظ كفر الشيخ يوافق على تخصيص قطعة أرض لإقامة مصنع لتدوير المواد الصلبة    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    «ابعدوا عن المراجعة».. خبير تربوي ينصح طلاب الثانوية العامة لتجنب التوتر    ميناء دمياط يستقبل سفينة وعلى متنها 2269 طن قمح    الرئيس الكيني يصف الاحتجاجات في بلاده ب"الخيانة" ويأمر الجيش بالانتشار لوقف مظاهرات    ظاهرة النينو.. أسباب ارتفاع درجات الحرارة وموعد انتهاء الموجة الحارة    وزيرة التخطيط تبحث فرص التعاون والاستثمار مع 50 شركة بريطانية    النقل تعلن وصول 16 عربة ثالثة مكيفة جديدة و4 ماكينات لصيانة السكة لميناء الإسكندرية    بدء جلسة البرلمان بمناقشة تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية    ضربة جديدة لحكومة نتنياهو.. مئات الجنود يرفضون الخدمة العسكرية في غزة    تردد قنوات الأطفال 2024.. اعرف آخر تحديث وكيفية ضبطها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن تأجيل المشروع الديمقراطي؟!
نشر في الوفد يوم 03 - 01 - 2012

كتبت في تسعينات هذه الصحيفة، داعيا إلى تأجيل المشروع الديمقراطي! كان رد الزملاء الكتاب بالرفض التام، إيمانا منهم برومانسية الديمقراطية المثالية.
وكان أشدَّهم رفضا زميل عائد من قندهار، مقدما لنا إعجابه بالجوانب «الإيجابية» للطالبانية، مخففا من سلبياتها، كإغلاق مدارس البنات. والتشدد المتزمت في تطبيق الحدود. ثم التدخل في الحرية الاجتماعية والشخصية، كفرض اللحية. الشارب. ولباس الرجال تحت الركبة.
لست ضد الديمقراطية. لكن خوفي عليها. ومنها، هو الذي دعاني إلى اقتراح تأجيلها. ها هي ديمقراطية الاقتراع (غزوة الصناديق) أوصلت إلى عتبة الحكم والسلطة قوى دينية ليست لها تجربة ديمقراطية. أو خبرة في الحكم والسلطة.
2012 عام الخيبات. أو الانتصارات. أعترف بأني لست متفائلا. لا يعني ذلك أني متشائم. إنما أعتبر نفسي واقعيا. الواقعية رؤية غير متفائلة. لأنها تقييم عقلاني مُتّزن للحاضر. وقلق على المستقبل، من خلال تحليل المعطيات المتاحة الآن. من المشهدين السياسي والاجتماعي.
قبلت على مَضَض «التطمينات» التي أطلقتها القوى الدينية المنتخبة، مؤكدة التزامها بالحريات السياسية. لكن العبرة بالتطبيق الديمقراطي. الشواهد المبكرة لا توحي بالثقة في الوعد. تحدثت في الأسبوع الماضي عن انقلاب الحزب الديني (حماس) على السلطة الشرعية.
في مصر. المغرب. تونس، خاضت الأحزاب الدينية الانتخابات، على أساس ديني بحت، من دون أن تقدم رؤية موضوعية لقضية التنمية الأكثر إلحاحا: كيف ستعالج البطالة. الكثافة السكانية الهائلة. تخطيط المشروع الإنمائي والاقتصادي...
الأدهى والأمر أن القوى الدينية الفائزة تلح على إشراك قوى ليبرالية وحتى يسارية في الحكم معها! في المغرب، ابتلع الطُعم حزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي). تردد حزب الاستقلال. ورفض الاتحاد الاشتراكي المشاركة.
في تونس، احتفظ حزب النهضة المُحاكي لحزب الإخوان في مصر بوزارات السيادة. وأسند إلى شريكيه الليبراليين منصبي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان. أما في مصر، فالإخوان يريدون توزير الليبراليين، فيما يجب عليهم ضم السلفيين الأقرب إليهم.
تلقت القوى الدينية في الدول الثلاث تفويضا شعبيا قويا. فلماذا لا تريد أن تحكم؟ لأنها لا تريد أن تتحمل وحدها مسؤولية الفشل المرجح. تريد أن تحرق معها قوى ليبرالية، أصلا، هشة. ومأزومة، نتيجة لإخفاقها الانتخابي.
خلافا لكل هذا الاستحسان للديمقراطية التوافقية، أقول إنها خطر كبير على المشروع الديمقراطي. حَزْمُ الديني. والليبرالي. واليساري في حزمة حكومية توافقية، من شأنه تغييب المعارضة التي تنتقد. تحاسب. تطلع الشعب على أخطاء الحكم. فشلت حكومتا السنيورة وسعد الحريري التوافقيتان مع «حزب الله» و«أمل» والجنرال عون. قوى 14 آذار المعارضة اليوم لحكومة حزب الله، أكثر قوة. وحيوية، في كشفها عورات الحكم الداخلية والخارجية.
أقول: لا للحكومة الوفاقية في العراق. سوريا. مصر. لندع الأحزاب الطائفية والدينية تحكم وحدها، طالما أنها تملك أغلبية برلمانية. المعارضة الليبرالية سوف تكشف. وتعرّي أخطاء الحكم، حيث ينفذ المالكي الانقلاب البطيء على الديمقراطية، إلى درجة أن شريكه الحكومي مقتدى الصدر بات يطالب بانتخابات جديدة، هربا من فساد الحكم، وحيث وزراء الكتلة (العراقية) انسحبوا من الحكومة الفاشلة.
في سوريا، تخطئ المبادرة العربية (القَطَرية) في محاولة إجراء حوار ومصالحة بين المعارضة وبشار، على أساس إقامة حكومة توافقية. لماذا هذا الحرص على نظام طائفي/ عائلي فقد شرعيته منذ أن مارس ذبح شعبه؟ لندع التدويل يأخذ مجراه. العودة إلى تثبيت النظام سيمكنه من الاستمرار في غواية القتل والاعتقال.
منذ جمهوريتي أفلاطون وأرسطو، إلى الجمهوريتين الفرنسية والأميركية، كانت الديمقراطية شكلا ملازما لها. وحدها، الجمهورية العربية مسحت الديمقراطية. ابتذلتها بأشكال مظهرية أو توافقية. وبقوالب تعسفية وأمنية قَوَّضَت الحرية السياسية.
عاد صلاح البيطار إلى سوريا الأسد، من مصر السادات (1978). سأل البيطار عن الديمقراطية. أجاب الأب: يا أستاذ صلاح. ها أمامك مجلس الشعب. ها هو الحزب القائد وأحزاب الجبهة التقدمية (البلغارية) مؤتلفة في صيغة حكومية (توافقية).
حك البيطار ذقنه بسبّابته كعادته في حيرته. غادر سوريا محبطا. عندما نشر مظلة ليبرالية/ دينية تدعم إضراب النقابات المستقلة (المحامون. المهندسون. الصيادلة...) بات في مرمى الهدف. اغتيل البيطار في باريس (1980). وعد الأب النقابات المضربة بالديمقراطية. عندما حلت الإضراب، تم ضربها وتأميمها. واعتقل عشرات المضربين سنين طويلة. فلماذا يمنح العرب نظام الابن الفرصة لضرب الانتفاضة، بدعوتها إلى الحوار والمصالحة معه؟!
في مصر، لم يبلغ الصدام، بَعْدُ، الذروة، على الرغم من كل هذه الفوضى المريقة للدموع والدماء. جيش مصر الوطني غير جيش سوريا الطائفي. المشير طنطاوي ليس «القديسي» أركان حرب داود راجحة وزير الدفاع. جيش مصر انحاز إلى الانتفاضة. أزاح الرئيس السابق.
لكن ارتكب أخطاء. لم يؤجل المشروع الديمقراطي. لم يوسع مساحة المرحلة الانتقالية، ليمنح شباب الانتفاضة، والقوى الليبرالية الجديدة الفرصة الكافية، لالتقاط الأنفاس، وتشكيل إحدى مؤسسات الديمقراطية (الأحزاب).
تحت ضغط قوى مستعجلة سياسية ودينية، وشارعية فوضوية، أجرى المشير طنطاوي (بكل طيبة) انتخابات ديمقراطية. ففازت القوى الدينية الأكثر خبرة في إغواء الشارع وكسبه بجمعيات خيرية تطعم الجائع ليلة. وتعالج المريض يوما. لكن لا تفتح مدرسة. لا تشق طريقا. لا تقدم عملا. غدا، سوف نرى هذه القوى كيف تعمل كحكومة.
حدث الصدام غير المناسب في الوقت غير المناسب. شباب الانتفاضة يريدون إسقاط المجلس العسكري! لمن يسلمون مصر في المرحلة الانتقالية، وهم عاجزون عن حكمها.
منبوذون من شعبها؟ مع ذلك، فالصدام الأشد ضراوة قد يحدث بين المؤسسة العسكرية، والمرجعية الإخوانية/ السلفية البرلمانية، على الرغم من تأكيد المشير أنه سيسلم القوى الدينية الحكم والسلطة.
سَنُّ الدستور سيكون المحك والاختبار للديمقراطية الدينية. إذا أصرت الأحزاب الدينية على سن الدستور، وفق الشعار التلفيقي الغامض، والمتناقض (دستور مدني ذي مرجعية دينية)، فالمجلس العسكري، على الرغم من الضربات الإعلامية والسياسية التي تكال له، ربما يكون قادرا على تأجيل المشروع الديمقراطي، بحل البرلمان/الأعجوبة الذي تحمل فيه القوى الدينية تفويضا شعبيا شبه مطلق، لكن مضادا للحريات السياسية والاجتماعية.
لعل المجلس العسكري قادر على ركوب المغامرة، معتمدا على القوى الليبرالية والشبابية. تمديد المرحلة الانتقالية سوف يمكن مختلف القوى من إعادة تشكيل المشهد السياسي والانتخابي، بموضوعية ديمقراطية أعمق وأكثر توازنا، وفي حد أدنى من التكافؤ بين قوى الانتفاضة والقوى الدينية، داخل البرلمان، على الأقل.
مصر يجب أن تكون مثالا لجمهورية عربية ديمقراطية، تتناوب على حكمها قوى دينية أو ليبرالية، من خلال «ديمقراطية الاقتراع»، وليس من خلال «غزوة الصناديق». عندئذ، لن يكون هناك خوف من قوى دينية تحتكر الحكم، وتتمترس داخل السلطة. ولن يكون هناك قلق من قوى شبابية ما زالت تؤثر التبوُّل في ميدان التحرير على التعبير بسلمية حضارية عن آمالها تحت القبة البرلمانية.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.