لن نخسر شيئاً لو تم إلغاء مجلس الشورى إذا استمر على وضعه الحالى بدون صلاحيات دستورية تؤهله للقيام بدور الغرفة الثانية للبرلمان بعد مجلس الشعب لضمان دقة التشريعات التى تصدر وتحقيق الرقابة الجادة على أعمال الحكومة ومحاسبتها على التقصير بعد أيام تنتهى الجولة الأخيرة لانتخابات مجلس الشعب، وتبدأ اللجنة العليا للانتخابات اجراء انتخابات مجلس الشورى على مرحلتين فقط بدلاًمن ثلاث مراحل، وخرجت أصوات تطالب بإلغاء مجلس الشورى وتعتبره ضيف شرف على الساحة السياسية منذ انشائه فى عام 1980. كما أيدت أصوات أخرى استمراره بحجة أن هناك دولاً تطبق نظام المجلسين والأخذ بالحل الوسط سيكون أفضل فى المرحلة الحالية التى تمر بها البلاد وهو تجميد مجلس الشورى وليس إلغاءه، حتى لو اقتضى ذلك تعديل الإعلان الدستورى لتوفير الوقت الذى تستغرقه عملية إجراء الانتخابات لإعداد الدستور الجديد وإجراء الانتخابات الرئاسية لتسريع عملية نقل السلطة الى الحكومة المنتخبة وعودة «العسكر» الى الثكنات لتأكيد مدنية الدولة. تعاقب على مجلس الشورى خلال الثلاثين عاماً الماضية «4» رؤساء مجلس هم الدكتور صبحى عبدالحكيم من نوفمبر 80 الى أكتوبر 86 وأداره بطريقة أكاديمية،والدكتور على لطفى من نوفمبر 86 الى ابريل 89 وأداره بطريقة اقتصادية، والدكتور مصطفى كمال حلمى من يونية 89 الى يونية 2004 وأداره بطريقة الأخلاق الحميدة،وصفوت الشريف من يونية 2004 الى فبراير 2011 وأداره بالإكراه وبالمخالفة للدستور!! ولم يزد دور المجلس فى أى محطة من هذه المحطات الأربع عن إعداد تقارير تشبه التقارير التى تعدها المجالس القومية المتخصصة ولم يؤخذ بها، كما قام بإجراء مناقشات لبعض القوانين لم يعتد مجلس الشعب الممثل الوحيد للسلطة التشريعية بآرائه فيها!! وإذا أصر «العسكرى» واللجنة العليا للانتخابات على اجراء الانتخابات الجديدة فى الوقت الحالى لانتاج مجلس بنفس مواصفات المجالس السابقة،فإن ذلك يعتبر إهداراً للمال العام،ومضيعة للوقت الذى تحتاجه قضايا أهم تتعلق بالمستقبل الحقيقى للوطن، كما ستتسبب هذه الانتخابات التى تجرى بعد أيام من انتخابات مجلس الشعب فى زيادة مساحة التوتر بين التيارات السياسية، خاصة فى ظل مواصلة الإسلاميين لممارسة الدعاية الطائفية التى طبقتها فى انتخابات مجلس الشعب، كما ستؤدى هذه الانتخابات الى إرهاق الناخبين الذين شاركوا فى انتخابات مجلس الشعب، ويستعدون للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية،والاستفتاء على الدستور مما يخلق الشعور بالضيق من كثرة مرات التوجه الى اللجان لأداء الواجب الانتخابى، بالاضافة الى تعطيل مرافق الدولة، وتعطيل الدراسة، وتشتيت جهود الأمن، وضياع وقت القضاة المشرفين على الانتخابات مما يعطل الفصل فى القضايا المنظورة أمام المحاكم. وقد تعاد الانتخابات مرة أخرى إذا مس الدستور الجديد اختصاص مجلسى الشعب أو الشورى، وندخل فى دوامة جديدة قد تستغرق وقتاً طويلاً تتعطل فيها الحياة. إن تجميد مجلس الشورى وإلغاء الانتخابات المقبلة يعطى الفرصة للمجلس العسكرى الحاكم ورجال السياسة والقانون والأحزاب والمجتمع المدنى للتفكير فى زيادة مساحة سلطات مجلس الشورى، ومنحه صلاحيات تجعله شريكاً فاعلاً لمجلس الشعب فى السلطة التشريعية إذا كان هناك ضرورة سياسية لتطبيق نظام المجلسين، أو إلغاء هذا المجلس نهائياًإذا تم الاتفاق فى الدستور الجديد على الاكتفاء بمجلس الشعب فقط ونتخلص من الأعباء التى كانت تتحملها ميزانية الدولة فى الاحتفاظ بمجلس هش لا يقدم شيئاً سوى الحصانة البرلمانية لأعضائه، ويكبد الخزانة العامة أكثر من «300» مليون جنيه سنوياً للإنفاق على بدلات ومكافآت النواب والجهاز الإدارى بخلاف عائد الأملاك التى يحتفظ بها هذا المجلس باعتباره الوريث الوحيد للاتحاد الاشتراكى وملكيته للصحف القومية وتبعية المجلس الأعلى للصحافة ومجلس حقوق الإنسان له، بالاضافة الى شغله موقعاً استراتيجياً فى وسط العاصمة يمكن استغلاله فى أشياء مفيدة.