بدأوا مسيرتهم بالهتافات والأناشيد وإلقاء الخطب، بدأوها من حديقة خاصة في وول ستريت في شهر سبتمبر من العام الحالى ووعدوا بالاستمرار فيها على مدار السنوات المقبلة. جذبوا الانتباه إليهم من جميع أنحاء العالم وانضم إليهم زملاؤهم المحتجون في واشنطن العاصمة وبورت لاند وفي عدة مدن أخرى بجميع أنحاء البلاد. إنهم محتجو "احتلوا وول ستريت"، الذين دقوا جرس الإنذار لصانعي السياسة الأمريكية بشأن انعدام المساواة في البلاد. وقال دوج تشالمرز، الاستاذ الفخرى في العلوم السياسية من جامعة كولومبيا، لوكالة ((شينخوا)) للأنباء "إن كل ما يقومون به هو التعبير عن انفسهم وجعل أصواتهم مسموعة". وأضاف إنهم "غاضبون بسبب انعدام المساواة وحصانة الاثرياء". عدم المساواة الاقتصادية تؤجج مشاعر الغضب وقال الباحث "أعتقد أن حركة احتلوا وول ستريت لاتزال متميزة فى جذب الانتباه إلى القضية الاساسية وهي مسألة التفاوت في الدخل التى خرجت عن السيطرة، ولم يشتتوا مجهودهم فى الدعاية لأفكار مناهضة الحرب، ومناهضة الحكومة، أو قضايا الطبقة العاملة، التي حفزت معظم الحركات". واستطرد قائلا إن "تزايد الاهتمام في الصحافة الجادة فيما يتعلق بالزيادة المثيرة في الدخل لنسبة الواحد في المائة الأعلى دخلا يعد أمرا مذهلا". وتظهر الأرقام أنه في الفترة ما بين عامي 1979 و2006 ارتفع معدل الدخل السنوي للطبقة المتوسطة من الأمريكيين بعد الضرائب بنسبة 21 في المائة، في حين تشير الأرقام إلى أن الزيادة كانت 11 في المائة للأشخاص الأكثر فقرا و256 في المائة لنسبة ال1 فى المائة الأكثر غنى . وقد زاد نصيب الدخل الإجمالي للطبقة العليا التي تمثل 1 في المائة من قرابة 8 في المائة في الستينات إلى اكثر من 20 في المائة اليوم. ويزيد التفاوت في الدخل في الولاياتالمتحدة عنه فى أية دولة صناعية متقدمة أخرى. وقال روبرت سي ليبرمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، إن مثل هذا التفاوت يكشف عدم التوازن في الاقتصاد. واضاف ليبرمان "إن مستوى التفاوت الاقتصادي هذا، لم تشهده الولاياتالمتحدة منذ عشية الكساد الكبير، مما يدل على اقتصاد سياسي يزداد فيه تركيز المنح المالية بين نخبة ضئيلة في الوقت الذي يتحمل مخاطره طبقة متوسطة عرضة للخطر بشكل ملحوظ ولا تلقى أية حماية". وفي الوقت الذي يشكو فيه الناس من أنه فى حين تم مد سلك للألياف الضوئية تبلغ تكلفته 300 مليون دولار بين بورصة شيكاغو التجارية وبورصة نيويورك لتوفير تعاملات مالية آلية فائقة السرعة، فإن قطارات الركاب بين المدينتين تعمل بأسرع بالكاد مما كانت عليه في الخمسينات. وفي الوقت الذي يزداد فيه الاغنياء ثراء، مستمتعين بقوة متنامية، تعانى الطبقة الوسطى والفقراء من ركود الأجور والدين الوطني وتدهور البنية التحتية. وتمخض انعدام المساوة عن استقطاب سياسي وانعدام الثقة والاستياء بين الذين يملكون والذين لايملكون وإيذاء النظام السياسي الديمقراطي بسبب زيادة "صوت المال".كما أثار غضب المحتجين وأدى إلى نزولهم إلى الشوارع. الفشل السياسي ويلقي بعض المحللين باللوم فى التفاوت على القوي الاقتصادية ، التى تشتمل على ثورة المعلومات والعولمة. وقد وسع التحول من اقتصاد تهيمن عليه الصناعة إلى آخر خاضع لهيمنة قطاع الخدمات من فجوة الثروة بين النخبة والعاملين فى الصناعات الأرخص. ويعترض البعض الأخر ، قائلين إن القوى الاقتصادية تعتبر عوامل هامة ولكنها ليست الحاسمة في ذلك. ففي أوروبا، التي عانت من تغييرات مشابهة، يقل التفاوت بكثير، على حد قولهم. ويقول جورج باكر، الكاتب في مجلة "نيويوركر" إن "العامل الرئيسي هو السياسة والسياسة العامة: متمثلة في معدلات الضرائب، وخيار الانفاق، وقوانين العمل، واللوائح، وقواعد تمويل الحملات ". ومنذ أواخر السبعينيات، أدى عدد من التغييرات الهامة فى السياسات إلى أن تميل قواعد اللعبة باتجاه الأغنياء.