صناعة السياحة لا تكاد تنجو من أزمة حتي تلاحقها أخري.. في تسعينيات القرن الماضي واجهت هجمة الإرهاب الذي كان سببا رئيسيا في فزع السائحين وهروبهم الي مقاصد سياحية أخري، واليوم تقع ضحية لشعارات المتاجرة الانتخابية بالدين وفتاوي تحريم السياحة ووضع قيود علي السائحين. آخر تجليات هذه الهجمة الدينية علي السياحة جاء عبرز توزيع منشورات مؤخرا علي بعض السائحين في شرم الشيخ تطالبهم بالاحتشام وهو ما أكده وزير السياحة نفسه لقناة المحور مما يهدد بقتل السياحة بالضربة القاضية. المنشورات تم توزيعها في شرم الشيخ في الوقت الذهبي لاستعادة السياحة خاصة أن هذه الفترة من العام تشهد نسبة إقبال عالية جدا تقارب 100٪ لرغبة الكثير من السياح في قضاء أعياد الكريسماس في مصر مما أدي الي استثمار إسرائيل هذه المنشورات واغتنام الفرصة وبدأت تقديم عروضها للسائحين للذهاب الي ايلات بدواعي الأمان التام الذي لا يجدونه في سيناء، حسب ادعاءاتها. كما سعت مؤخرا لاستقطاب جزء كبير من الطيران العارض والسياحة الروسية والتي سبق وأعلنت عن إيقاف رحلاتها الجوية الي مصر منذ 24 نوفمبر الماضي. خبراء السياحة اتهموا الدعاية الدينية التي نشطت في المرحلة الأولي للانتخابات من أجل حصد المقاعد البرلمانية بالإضرار عمدا بالسياحة والتراجع الكبير في حركة السياحة الوافدة الي مصر بعدما تنفست الصعداء خلال يونيو ويوليو واغسطس من 80٪ الي 20٪. وتكبد المنشآت الفندية والاقتصاد المصري كله خسائر كبيرة واضطر المستثمرون الي طرح الأزمة خلال زيارة منير فخري عبدالنور وزير السياحة الي شرم الشيخ هذا الاسبوع مطالبين بالتدخل الحكومي لإنقاذ صناعة السياحة واعتبارها خطا أحمر لا يجب تجاوزه مثل قناة السويس والتصدي لمحاولات الاعتداء عليها، وأعرب خبراء السياحة عن تخوفهم من تبدد الجهود التي يبذلها وزير السياحة والقطاع الخاص من جهد لجذب السائحين وتكثيف الحملات الدعائية لمصر والاشتراك في المعارض الدولية عقب ثورة يناير وتأكيداتهم علي أن المقصد السياحي آمن بدليل عدم تعرض أي سائح لأي اعتداء بعدالثورة والإصرار علي عودة السياحة النيلية في الموعد المحدد لها في يناير المقبل واستمرار تكثيف حملات التنشيط السياحي سواء للأسواق التقليدية أو المستحدثة وفتح أسواق جديدة وكلها عوامل تؤدي الي عودة السياح مرة أخري ولكن علي ما يبدو أن أن هذه الحملات والجهود تتحطم علي أيدي أناس يطعنون في مشروعية السياحة أصلا رغم أنها تعد المصدر الأول للدخل القومي من العملات الأجنبية وأنها واحدة من أهم دعائم الاقتصاد المصري إذ يعمل بها أكثر من أربعة ملايين عامل وتحقيق دخل لا يقل عن 12.5 مليار دولار في السنة وأنها تعد صناعة الأمل لمستقبل مصر ويعقد الكثيرون الآمال عليها لتكون أحد أهم الروافد الاقتصادية التي يتم تنميتها بشكل سريع لتتضاعف إيراداتها خلال خمس سنوات علي الأكثر وفقا لمخطط وزارة السياحة بالوصول الي 30 مليون سائح بحلول عام 2017.