دخول شحنة أسمدة مصنوعة من دم الخنازير إلى البلاد رغم قرار إعدامها مافيا الفساد لاتزال تحتل مراكز قيادية عليا بوزارة الزراعة يحرص الوزراء على إطلاق التصريحات الرنانة التي تبشر الجماهير بالإنجازات وتركز التصريحات لوزراء ما بعد ثورة يناير على «أنهم سيتعقبون الفساد وأنهم لن يترددوا في تقديم الفاسدين والمنحرفين للعدالة مهما كانت مناصبهم». وتمضي الأيام وتبدأ مافيا الفساد في التحرك بعد أن تطمئن إلي أن تصريحات الوزير مجرد عبارات طنانة هدفها تجميل وجه الوزير لدي الجماهير. والاستثناء من هذه القاعدة لا يمثل نسبة كبيرة من الوزراء. وزارة الزراعة احتلت المرتبة الأولى في عهد مبارك باعتبارها الوزارة الأكثر فساداً، والتي استوطن الفساد في مواقعها القيادية العليا، من هنا توقفت طويلاً أمام تصريحات وزير الزراعة الجديد، بعد أن ثبت بالسلوك العملي للوزراء السابقين أن تصريحاتهم عن مطاردة الفساد لم تكن إلا صدي علي الصعيد العملي. وحتي لا أظلم الوزير الجديد، ولا أصدر حكماً علي مدي صدق تصريحاته فإنني أضع أمامه قضية فساد صارخ وفاضح تناولتها أكثر من مرة وبكل التفاصيل المدعومة بأدلة مادية حاسمة، وأنتظر رد فعل الوزير الجديد ومدي جدية التصريحات التي تبشرنا بمحاربة الفساد. السيد وزير الزراعة.. سأوجز لك وقائع الفساد التي نشرت تفاصيلها في أكثر من عدد ولأكثر من ثلاثة شهور، ورغم أنني أعلم أن ما كتبت وكل ما يتعلق بقضية الفساد هذه موجود بملفات مكتب الوزير فإنني أوجز القضية. القضية يا سيادة الوزير تتعلق بشحنة أسمدة مصنعة من دماء وأحشاء الخنازير، قررت اللجنة العليا للأسمدة والمبيدات إعدامها أو إعادة تصديرها، وتقاعس كبار المسئولين بالوزارة والمسئولين عن تنفيذ هذا القرار عن اتخاذ الإجراءات الطبيعية في مثل هذه الحالة، وكتبت أنبه إلي خطورة عدم تنفيذ قرار اللجنة العليا، وتوقعت تسريب الشحنة للأسواق استغلالاً لعدم اتخاذ المسئولين بالوزارة الإجراءات القانونية المناسبة. بعد نشر هذا التحذير؛ شكل الوزير الأسبق لجنة فنية من الوزارة اصطحب قوة من الشرطة المختصة لتنفيذ قرار اللجنة العليا بإعدام الشحنة أو إعادة تصديرها، وفوجئت اللجنة بأن الشحنة لا وجود لها بالمخزن الذي تم التحفظ عليها فيه حسب الأوراق الرسمية الموجودة بالوزارة. والأغرب أن أمين المخزن المذكور قرر كتابة أن الشركة المستوردة للشحنة استأجرت بالفعل مساحة من هذا المخزن التابع لبنك التنمية الزراعية لكنها لم تقم بإيداع هذه الشحنة بالمخزن. ورغم ثبوت جريمتي «التزوير» و«التبديد» فقد واصلت القيادات العليا المسئولة بالوزارة، التقاعس والتهرب من اتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالة. وانتهزت هذه القيادات فترات التعديل الوزارى فاستصدرت قراراً جديداً من نفس اللجنة العليا للأسمدة والمبيدات بالإفراج عن هذه الشحنة؟! وقاد الدكتور محمد عمارة بصفته الوظيفية حملة استصدار هذا القرار الشاذ، وسارع بعد صدور القرار الفاسد بمخاطبة ميناء الإسكندرية بالإفراج عن هذه الشحنة رغم علمه بأن الشحنة لا وجود لها بميناء الإسكندرية، بل إن الشحنة لا وجود لها أصلاً في أي مكان؟! وأن الشحنة تم تبديدها. وبذلك تكون القضية قد اكتسبت أبعاداً جديدة لفساد متشعب. 1- جريمة التزوير في أوراق رسمية ودليلها المادي خطاب مسئول الوزارة الذي أكد أنه تحفظ علي الشحنة المرفوضة بالمخازن. وتقرير اللجنة الفنية وقائد حملة الشرطة الذي يفيد بعدم وجود الشحنة بالمخازن المذكورة بل تقرير أمين المخزن الذي أفاد أن الشحنة المذكورة لم يتم تخزينها أصلا بالمخازن. 2- جريمة تبديد شحنة متحفظ عليها وصادر قرار اللجنة العليا بإعدامها أو إعادة تصديرها. 3- جريمة التستر علي عملية فساد كبري وفاجرة باستصدار قرار فاسد من نفس اللجنة التي قررت إعدام الشحنة يقضي بالإفراج عنها؟! 4- جريمة تضليل العدالة بمخاطبة جهة لا علاقة لها بالشحنة وهي ميناء الإسكندرية حتي يتم استخدام هذا الخطاب لتضليل جهات التحقيق إذا تم كشف الأمر. السيد وزير الزراعة.. هذه نقاط موجزة لجريمة إدخال أسمدة ممنوعة ومرفوضة من اللجنة المختصة لانها مصنعة من دم وأحشاء الخنازير. ومثل هذه الجريمة لا تقتصر فقط علي المخالفات القانونية الجسيمة والفاضحة بل تتجاوز ذلك كله إلي كونها جريمة بشعة بحق المواطن المصري الذي يعاني مشكلات صحية بالغة الخطورة نتيجة استخدام مبيدات أو أسمدة غير مصرح بها. وقد اشتهرت وزارة الزراعة طوال عهد مبارك بهذا النوع من الجرائم التي دمرت صحة الملايين من المواطنين وكلفت الدولة المليارات لمواجهة هذه الأمراض المدمرة. هذه الوقائع بكل تفاصيلها لدينا المستندات القاطعة والأدلة المادية التي تثبت صحة كل كلمة. السيد الوزير هذه القضية هي اختبار عملي لجدية التصريحات التي تؤكد فيها أنك ستطارد الفساد. وهذه فرصتك لتثبت أن وزارة الزراعة التي استوطن الفساد فيها طوال عقود حتي عرفت بانها «الراعي الرسمي للفساد» الوزارة في عهدك قد تطهرت من هذه الوصمة.. وبانتظار تصرف عملي يا سيادة الوزير.