عشق قراءات القرآن الكريم العشر، أجراها الله في دمه، حتى حفظها، وعلّمها لمئات الطلاب من مصر وخارجها، فضّل الزهد والعفة عن المال، فرفعه الله مكانًا عليًا، إنه العلامة عبد الحكيم عبد اللطيف، شيخ عموم المقارئ المصرية. سعى عبد اللطيف، خلال حياته، إلى نشر السلام والدعوة إلى الحب، ونبذ العنف والتطرف والإرهاب، فقال: "أهل القرآن لا يعرفون التطرف ولا التكفير ولا التفجير، بل هم دعاة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة". رحل عبد اللطيف، اليوم الجمعة، لتفقد مصر شيخ من أهم قرائها، ومعلم من أعظم محفظي القرآن، ومقدم برنامج "اقرءوا القرآن" ليعلم المسلمين التجويد عبر أثير إذاعة القرآن الكريم. ولد عبد اللطيف في الدمرداش أمام مسجد المحمدي، يوم 17 سبتمبر 1936، وبعث به والده إلى مكتب المحمدي لتحفيظ القرآن، وعمره أربع سنوات، فأتهمه وعمره نحو 12 أو 13 سنة. التحق عبد اللطيف بالمعهد الديني الابتدائي بالأزهر، وبعد أن انتظم في الدراسة أصر والده على أن ينتقل إلى معهد القراءات بالأزهر، نحو عام 1950، وكان لا يدرِّس بالمعهد إلا من قرأ القراءات العشر، وناظمة الزهر في العد، والعقيلة في الرسم، مع حصوله على العالمية في القراءات. درس عبد اللطيف إجازة التجويد بحفص، وعشق القراءات، وأجراها الله في دمه، وهذا سبب تلقيه لها عن مشايخ خارج المعهد، ثم انتقل إلى مرحلة عالية القراءات، وهي تتضمن دراسة الشاطبية والدرة، ثم درس تخصص القراءات. عُين عبد اللطيف في التعليم الابتدائي في الإسكندرية، فبقي فيها سنة واحدة، ثم انتقل إلى التدريس في التعليم الابتدائي بالقاهرة، وعلَّم بالمعهد الإعدادي والثانوي بالفيوم، ثم انتقل إلى التعليم بمعهد القراءات بالقاهرة، وتتلمذ عليه كثيرون من المصريين وغيرهم، ثم وصل إلى مدرس أول بالمعهد. انتقل عبد اللطيف إلى تفتيش المعاهد الأزهرية بالإدارة العامة، ثم رقي إلى مفتش أول عام، إلى أن أحيل على المعاش سنة 1997، وعين شيخًا لعدة مقارئ ، أولاً مسجد الهجيني بشبرا، ومسجد عين الحياة الذي كان يخطب فيه الشيخ عبد الحميد كشك، ثم مقرأة مسجد الشعراني، ثم شيخًا لمقرأة مسجد السيدة نفيسة ، ومقرأة مسجد السيدة سكينة، ثم شيخًا لمقرأة الأزهر، وكان وكيلاً للجنة تصحيح المصاحف بالأزهر. عرضت عليه مشيخة المقارئ أيام الشيخ رزق حبة، فقال: "لا أكون شيخًا لها والشيخ رزق حبة موجود"، وبعد وفاة الشيخ رزق نزل عنها رسميًّا، فتقلدها تلميذه الشيخ أحمد عيسى المعصراوي. تقلد عبد اللطيف عدة مناصب، منها: الموجه الأول لعلوم القرآن والقراءات بالإدارة المركزية لشؤون القرآن الكريم بالأزهر الشريف، وشيخ مقرأة الجامع الأزهر، وشيخ جمعية أهل القرآن بالأزهر الشريف، وعضو لجنة تصحيح المصاحف بمجمع البحوث الإسلامية، وعضو لجنة المسابقات السنوية بالإذاعة والتلفزيون وإذاعة القرآن الكريم . لعبد اللطيف العديد من المؤلفات العلمية، منها إكمال كتاب الكوكب الدري الذي لم يكمله الشيخ قمحاوي، وشرح منظومة قراءة الكسائي للشيخ الضباع، سماها "حديقة الرائي". قدم عبد اللطيف عدة برامج في إذاعة القرآن الكريم، منها: برنامج اقرؤوا القرآن في التجويد التطبيقي، وثماني حلقات في التجويد العلمي، وشرع في تسجيل متن الشاطبية، وهو على نية شرحها للإذاعة، وشرح حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف.