ارتباك.. ضعف.. تحيز، ثلاث صفات تلخص أداء رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم، في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية.. فالرجل الذي طالما هدد وتوعد المخالفين، تحول عند بدء التصويت إلي أسد بلا أنياب، رافضا التدخل لإنقاذ الناخبين من فخ الأحزاب الإسلامية الذي نصبوه أمام اللجان ليوقعوهم فريسة سهلة لدعايتهم الدينية الفجة التي تحارب المنافسين بسلاح التكفير فقط. «ابراهيم» خرج من المرحلة الأولي تلاحقه الاتهامات بالتحيز للإخوان، حتي أنه جمد كل الشكاوي التي قدمت ضد مرشحيهم بدعوي أنها مخالفات بسيطة، ورفض التدخل لإنقاذ عملية الفرز من براثن مندوبي «الحرية والعدالة» الذين تولوا أعمال الفرز في مخالفة صارخة بل وفضيحة قانونية، بل إن قضاة اللجنة أنفسهم استعانوا بمندوبي الإخوان لمساعدتهم في الفرز في الوقت الذي رفضوا فيه السماح لمندوبي بقية الأحزاب بحضور الفرز من الأساس. وحسب تصريحات سابقة لرئيس اللجنة، اعترف بوجود أخطاء في 10% من اللجان الفرعية ولكنها غير مؤثرة علي النتيجة، مؤكدا أن تلك الاخطاء لن تتكرر في المستقبل، ولكن ما حدث في الإعادة أثبت أن الإصرار علي تكرار أخطاء الماضي وأنها فعلا أدمنت الأخطاء لتؤكد تحيزها للإخوان. حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أكد أن أداء اللجنة العليا للانتخابات كان مهتزا وضعيفا للغاية، واتهمها بارتكاب أخطاء فادحة أثرت بشكل كبير علي النتيجة النهائية للانتخابات، وقال إن رئيس اللجنة صم أذنه عن شكاوي المرشحين من انتشار مندوبي حزب الحريه والعدالة والأحزاب السلفية أمام اللجان، وتسبب في تغيير دفة النتيجة لصالح مرشحيها. وأضاف: كان هناك موظفون ينتمون الي تلك الأحزاب يديرون العملية الانتخابية داخل اللجان الفرعيه وكان معظمهم أمناء في تلك اللجان وأثروا علي الناخبين وارتكبوا ممارسات سيئة، وكان هناك عدد كبير منهم لم يتخذ قرار بانتخاب حزب معين وهو ما حقق الأفضلية لحزب الإخوان..مشيرا إلي أن تلاعبا حدث في الفرز ساهم في تغيير النتيجة اكثر من مرة، نتيجه أن رئيس اللجنة العليا كان مرتبكا ومهزوزا، وقال: ظني أنه تعمد مساندة «الحرية والعدالة» وتواطأ مع مرشحيه. وأشار الي أن لجان الفرز في الدائرة الثامنة بالقاهرة كان بها أكثر من 100 عضو من جماعة الإخوان ولم يسمح رئيس اللجنة سوي بمندوب واحد لبقية الأحزاب حتي أنه استخدم اجهزة الكمبيوتر الخاصة بمندوبي الإخوان لوضع النتائج وتجميع الأرقام عليها. وقال إن حزب الإخوان استوطن مكان الحزب الوطني، وقياداته يقدمون نفس تبريرات الحزب المنحل عند اتهامهم بتزوير الانتخابات بمساعدة اللجنة العليا للانتخابات التي عبثت عمدا بإرادة الناخبين. فيما أكد الناشط الحقوقي نجاد البرعي أن اللجنة العليا للانتخابات لاتصلح لإدارة العملية الانتخابية علي الإطلاق وأن إمكاناتها المادية والبشرية ضعيفة للغاية ولم تمكنها من السيطرة علي مقاليد الأمور..وقال: الناس صوتوا لصالح أحزاب معينة واللجنة غيرت الفرز نهائيا. وشكك البرعي في نتائج الانتخابات لأن كمية الانتقادات والملاحظات التي رصدت كانت أثناء الفرز فالشعب مارس الديمقراطية وخرج الي صناديق الانتخاب ليعبر عن رأيه ولكن اللجنة العليا أجهضت التجربة الديمقراطية ورئيسها فشل بشكل كامل في تطبيق القانون. محمد زارع مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أكد أن المرحلة الأولي كشفت عن ارتباك واضح في أداء اللجنة العليا.. وقال: رصدنا عددا كبيرا من السلبيات والتجاوزات التي كانت سببا في عدم نزاهة الانتخابات السابقة في عهد مبارك. واتهم زارع رئيس اللجنة بأنه بدا ضعيفا جدا وغير قادر علي تطبيق القانون، مشيرا إلي غياب المحاسبة عن الدعاية المخالفة وعمليات التصويت الموجهة التي صدر أغلبها من «الحرية والعدالة». فيما أكد أن هناك تعليمات صادرة من المجلس العسكري بضرورة مرور الانتخابات والسكوت عن أي تجاوزات.. مشيرا إلي أن الانتخابات لم تتم بشكل عادل بين الأحزاب. ابراهيم زهران رئيس حزب التحرير اتهم اللجنة العليا صراحة بمساندة مرشحي الحرية والعدالة قائلا: هناك صفقة ما بين الإخوان والمجلس العسكري بمشاركة اللجنة العليا للانتخابات، وهذه بوادرها ونتائجها ستتضح بعد إجراء الانتخابات. وطالب زهران اللجنة بالاحتفاظ بمسافة متساوية مع مرشحي باقي الأحزاب ومداراة هذا التحيز الفج بشكل عام وهو ما أثر علي النتيجة النهائية للانتخابات. وأكد أن أداء اللجنة تفاوت حسب الضغط الجماهيري وكلما زاد عدد الناخبين زادت الأخطاء وهو ما أدي الي ارتباك واضح وغير مفهوم في الأداء. فيما قال أحمد بهاء الدين شعبان, رئيس الحزب الاشتراكي المصري, إن الانتهاكات كانت فادحة وتسببت في تغيير النتيجة.. مشيرا إلي أن اللجنة العليا لم تقف كحائط صد أمام تلك الانتهاكات بل شاركت فيها برفضها تفعيل القانون علي المخالفين خاصة من حزبي الحرية والعدالة والنور اللذين كان يتوجب إلغاء قوائمهما نظرا للتجاوزات الصارخة.. وهناك شكاوي قدمت الي اللجنة من الاستمارات الدوارة فضلا عن مخالفات الفرز الأصوات التي لم يتم التحقيق فيها. وأشار الي أن اكثر ما تغاضت عنه اللجنة هو التمويل الفاجر من مرشحي الحرية والعدالة والنور، فرغم أنهما حزبان ناشئان إلا أنهما أنفقا بشكل باهظ تعدي سقف الدعاية المسموح، ولم يعرف أحد مصدر هذه الأموال..ولابد من أن تعلن تلك الأحزاب مصادر تمويلها ومن يمولها من الخارج فورا. وأشار إلي أن تحيز اللجنة للإسلاميين امتد الي أصوات المصريين في الخارج، فالإخوان مثلا أداروا الانتخابات في سفارتنا بالسعودية ولكن اللجنة لم تتدخل علي الإطلاق لوقف تلك المهازل وهو ما يضع علامات استفهام علي موقف رئيس اللجنة ومستقبله السياسي في ظل هذا التحيز الفج. وطالب شعبان رئيس اللجنة بالالتزام بتطبيق القانون في المرحلتين المقبلتين وأن يهتم بعملية الفرز والسماح بمندوب واحد فقط من كل حزب في ظل تزايد الشكوك حول نتائج الانتخابات غير المرضية للجميع علي الإطلاق.