انتهت الجولة الأولي من الانتخابات البرلمانية، وبقيت جولتان ثانية في منتصف الشهر الجاري وثالثة وأخيرة في أوائل شهر يناير 2012، وكان اللافت في نتائج الجولة الأولي اكتساب التيار الإسلامي بجناحيه الإخوان والسلفيين معظم مقاعد القائمة والفردي بنسبة 70٪ (40٪ للإخوان)، و(30٪ للسلفيين، فيما حازت الكتلة 20٪ وحاز الوفد والوسط النسبة الباقية 6٪ الوفد 5٪ الوسط. وبعيداً عن لغة الأرقام وحساب عدد المقاعد فإن هناك العديد من الملاحظات علي الجولة الأولي للانتخابات البرلمانية يمكن تلخيصها في الآتي: 1- أولاً: كان اللافت للنظر صعود السلفيين المفاجئ ممثلين في حزب النور لينافسوا الإخوان - حزب الحرية والعدالة - في معظم مقاعد تسع محافظات التي أجريت فيها الانتخابات، وإذا كان صعود الإخوان متوقعاً بحكم الخبرة والتجربة لممارسة العمل السياسي منذ 1928 وتلقي العديد من الضربات الأمنية خصوصاً أيام عبدالناصر ومبارك، فإن اللافت حقا هو نجاح السلفيين الكبير رغم حداثة حزبهم السياسي - النور -والذي حصل علي ترخيص بعد الثورة، وفي كل الأحوال انتهت الجولة الأولي بفوز التيار الديني الإسلامي علي حساب بقية الأحزاب الليبرالية والقومية واليسارية. - ثانياً: من مفاجآت الجولة الأولي للانتخابات النتيجة الكبيرة التي حققتها أحزاب الكتلة المصرية - 14 حزباً - حيث حصلت علي نسبة 20٪، وتتصدر الكتلة أحزاب التجمع والمصريون الأحرار والحزب المصري الديمقراطي، ويرجع تفوق الكتلة - حسب مراقبين - إلي تكتل أصوات الليبراليين والقوميين واليساريين إضافة إلي تصويت الأقباط لصالح الكتلة وتحديداً لحزب المصريين الأحرار لمؤسسة نجيب ساويرس. ثالثاً - يلاحظ الدعم المالي الكبير الذي تم تقديمه خلال الانتخابات، كما يؤكد خبراء سياسيون، إلي التيار الإسلامي من قطر للإخوان ومن السعودية للسلفيين، إلي جانب الدعم الذي قدمته الكنيسة، وقد تردد أنها قدمت قوائم بينها للناخبين الأقباط لكي يصوتوا لصالح الكتلة المصرية، وفي كل الأحوال يبدو أن الانتخابات البرلمانية تحولت من منافسة سياسية إلي منافسة دينية، وكأنها امتداد لمعركة الاستفتاء علي الدستور والانتخابات التي جرت في مارس الماضي حيث صوت الإسلاميون بنعم وصوت الأقباط ب «لا»، وهنا الخطورة علي الوطن، لان الانتخابات عمل سياسي ينبغي ان يبقي محصوراً في إطاره، ولا صالح لأحد بالمرة لتحويل الانتخابات الي استقطاب طائفي - ديني بين المسلمين والأقباط. رابعاً: نتيجة المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية، ليست مقياساً لبقية مراحل الانتخابات، حيث تبقي كل الاحتمالات مفتوحة، من استمرار تصدر الإسلاميين المشهد الانتخابي الي تحرك الكتلة الي المركز الأولي أو الثالث إلي صعود الوفد إلي صدارة المشهد الانتخابي سواء منفرداً أو مع الوسط، لأن نتيجة المرحلة الأولي دفعت بقية الأحزاب الي مراجعة حساباتها وحملاتها الانتخابية، كما تبقي المفاجآت واردة أيضاً، مثل انسحاب حزب الوسط كما ذكر الدكتور محمد محسوب عضو الهيئة العليا لحزب الوسط احتجاجاً علي الانتهاكات التي حدثت خلال العملية الانتخابية. باختصار.. كل الاحتمالات واردة في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات، والمهم التوافق علي مدنية الدولة بين كل الاحزاب بعد الانتخابات، حتي لا تختفي هوية الدولة المدنية وتحل محلها هوية الدولة الدينية، والمهم أيضا أن يكون البرلمان المقبل موزاييك سياسي بين الإسلاميين والليبراليين واليساريين والقوميين وأن يضع الجميع شعار مصر فوق الجميع ليكون منهاجاً للعمل داخل الوزارة الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية وداخل برلمان 2011. كذلك يجب أن تعيد ائتلافات الثورة حساباتها لتشكل حزباً سياسياً وليكن «حزب 25 يناير» للمنافسة بقوة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حتي لا يتكرر ما حدث في الانتخابات البرلمانية الحالية، حيث شاركت في الانتخابات ولم تحقق شيئاً، مع أنها صاحبة السبق في التحول الديمقراطي وسقوط نظام مبارك بعد حكم استمر 30 عاما، وبالتالي يجب أن تكون ائتلافات الثورة جزءا من المشهد السياسي وجزءا من البرلمان بدلا من اكتفائها بميدان التحرير فقط.