أطاحت حكومة الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء المكلف بأحلام الشباب، جاء الجنزوري بوزراء ينتمون إلي الجيل الأقرب إلي جيل مدرسة النظام السابق ، وأعمارهم تتراوح ما قبل وبعد الستين عامًا، بل إن بعضهم ينتمي إلي بواقي فلول النظام السابق، والبعض الآخر له باع كبير في التكريس لهذا النظام، مثل الدكتور سعد نصار محافظ الفيوم السابق والساعد الأيمن للدكتور يوسف والي أمين الحزب الوطني المنحل ووزير الزراعة الأسبق. وينطبق الكلام ذاته علي وزراء جدد جاء بهم الجنزوري وتجاهل جيل الشباب المنتمي إلي ثورة 25 يناير وزراء التربية والتعليم والإعلام والثقافة، وغيرهم. وعلي عكس التوقعات جاءت الحكومة الجديدة بوعود قطعها رئيسها الدكتور «الجنزوري» منها إنشاء وزارة خاصة للشباب تستمر في بث روح 25 يناير، وتستوعب شباب الثورة، ويختار لها وزيرًا ينتمي إلي جيل الثورة، ولكن فجأة تم إلغاء فكرة الوزارة نهائيًا. كما وعد الجنزوري بإنشاء وزارة قريبة من روح جيل 25 يناير وهي وزارة شئون المصابين، وبعد ساعات فوجئنا برئيس الوزراء المكلف يلغي الوزارة والاكتفاء بمجلس أعلي لشئون المصابين، مما أثار الدهشة في نفوس آلاف المصابين والضحايا. واكتفي الجنزوري بإضافة ثلاث حقائب جديدة وهي التأمينات والشئون الاجتماعية، والآثار إلي جانب حقيبة الاستثمار وقطاع الأعمال. وفي الحقيقة فإن تلك الحقائب كانت موجودة بالفعل في الحكومات السابقة، ولكن حدث إلغاء وتبديل وتعديل ودمج في بعض الحقائب الوزارية. وقام رئيس الوزراء المكلف باستبدال اسم حقيبة التضامن الاجتماعي إلي التموين والتجارة الداخلية، وهي وزارة قديمة ثار حولها الجدل، وانشئت خلال الحرب العالمية الثانية لضمان تأمين وصول الامدادات الغذائية للمواطنين طوال فترة الحرب التي استمرت 6 سنوات. وهذه الوزارة أكثر الوزارات في الدمج والإلغاء والتعديل والتبديل، وهذه المرة تقع ضمن بند إعادة الاسم فقط، مع المحافظة علي الوزير السابق الدكتور جودة عبدالخالق. وحرص الجنزوري علي الحفاظ علي عدد الحقائب الوزارية كما هي واستفاد من الغاء منصبي نائبي رئيس الوزراء واستبدلهما بحقائب وزارية عادية. كما حرص علي ابقاء وزيرين من عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد مثل المهندس حسن يونس الذي تولي الخدمة في 2001 والدكتورة فايزة أبو النجا التي جاءت مع حكومة أحمد نظيف منتصف عام 2004 كما جاء بوزراء قدامي ثارت حولهم انتقادات واسعة من العاملين والمواطنين مثل الاسكان والقوي العاملة والسياحة والنقل والري والاتصالات والبترول. ورغم ذلك بقي وزراء تبين أن أحداً لم يعترض علي بقائهم مثل الخارجية والتموين والانتاج الحربي والصناعة والاوقاف. ولجأ «الجنزوري» الي الاستعانة بوزراء جدد يشغلون 15 حقيبة وزارية مقابل 13 حقيبة لوزراء سابقين لتجد نسبة التغيير في الحكومة ما يقارب 60٪ وهي نسبة مخيبة للآمال حيث كانت التوقعات تشير الي ارتفاع نسبة التغيير الي أكثر من 90٪ لتتوازي مع رغبات شباب الثورة وهذا لم يحدث!. كما لجأ الجنزوري الي المجيء بوزراء لم نجد أحدًا منهم ينتمي الي جيل شباب الثورة وبعضهم تجاوز سن السبعين عاماً وأقلهم تخطي الخمسين وهو ما يدل علي ابتعاد الحكومة الوليدة عن جيل الشباب واتجاهها نحو جيل آخر يعد امتداداً لنظام الحكومة السابقة في اختيار الوزراء بطرق تقليدية لا تراعي أن «الدنيا تغيرت». كان المعتقد أن الحكومة الوليدة التي جاءت مخيبة للآمال وتسببت في صدمة للشارع أن تنتهي بسرعة خصوصاً أن نسبة التغيير بها ليست ضخمة ولكن رغم ذلك واجهت الحكومة ولادة متعثرة كالعادة ولم ينجح المكان الهادئ البعيد عن زحمة وثوار منطقة التحرير بوسط القاهرة في إنجاح عملية الولادة ولم يستطع طاقم مدرب من وزارة التخطيط في استدعاء المرشحين بسرعة البرق في سرعة إنهاء التشكيل. وتعد ولادة هذا التشكيل الاطول في تشكيل حكومة جديدة حيث استغرقت أكثر من أسبوع. ولكن الدكتور كمال الجنزوري له بعض العذر حيث اكتشف ان المرشحين الجدد يرفضون المنصب وهو ما أدي الي كثرة مقابلاته حتي يعثر علي مرشح يقبل المنصب في هذا الوقت العصيب من عمر البلاد. كما ان هناك مشكلة أخري واجهت الجنزوري وتتعلق بكثرة المترددين عن القبول والذين طلبوا مهلة للتفكير وكان قرارهم أقرب الي الرفض من القبول. ساعات قليلة وتؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلي العسكري ويذهب كل وزير الي مكتبه لتبدأ حلقة جديدة من العمل الوطني من المأمول أن يلقي القبول من ثوار التحرير حتي لا تتكرر أحداث الفوضي التي سادت طوال الاسابيع الماضية