حديثي هذا أحمل فيه قلمي علي الإنصاف الذي عاهدت لا أحيد ولا أمالئ أحدا علي أحد وأقصد فيه جادة الصواب ما استطعت سبيلاً غير أني أؤكد أنني لست شيعة للإخوان أو عصبي الهوي، هذه هي المرة الأولي التي تقترب فيها الفصائل الإسلامية من سدة الحكم بعد انحسار الخلافة الإسلامية عن البلاد بنهاية الدولة العثمانية، ولا ينكر إلا مكابر أن أولاد البنا هم أكثر الفصائل الدينية والسياسية تنظيماً وسلوكاً يرقي إلي حد الانضباط العسكري لمرجعيتها وربما هذا - في قناعتي - هو سر تماسكها وصلابتها علي مر الأنظمة المتعاقبة بمواجهتها القمعية غير المشروعة، وأنا لا أريد أن أذهب إلي ما ذهب إليه الذاهبون من إشكالية أن الإخوان قفزوا من فوق رؤوس الغاضبين بالميدان أو من علي أكتافهم فهذه قضية مازال الناس ينقسمون فيها ويتشيعون وأحسب أن الخوض فيها غلو لا طائل منه إلا الالتفاف إلي الوراء، أما ما أنشده وأهيب به أن تضع هذه الفصائل علي عاتقها وفي صدارة أولوياتها أن تحدد المسافة بينها وبين شركائنا في هذا الوطن مطمئنة إياهم إلي حقيقة زيف الفتن والافتراءات التي تبثها الفضائيات والأقلام ذات التوجه التخريبي المنظم حتي لا تنفذ السموم التي تقذفها الصهيونية العالمية في فضائنا النقي بعد كشف الغمة ونقطع السبيل علي مروجي الفتنة الطائفية إحدي الأوراق القميئة التي يستغلها أعداؤنا من الاستعمار القديم والجديد إلي غير رجعة، ولعل إسلامنا قديم في رعاية وكفالة حقوق أهل الذمم وهو أول الشرائع السماوية التي أرست حقوق الحيوان والنبات والجماد والإنسان دون لون أو عرق كاملة غير منقوصة والأمثلة أكبر من أن تحصي، أما الأمر الثاني وهو عظيم الخطورة ذلك المشروع الصهيوني الأمريكي الأوربي المشترك الذي يهدف إلي إغراق المنطقة العربية والوطن العربي بعد وصول الإسلاميين في البلدان العربية إلي سدة الحكم في صراع إسلامي طائفي ما بين السنة والشيعة للوصول إلي غاية مؤداها عزل إيران علي العالم الإسلامي والعربي ولا تزال نصائح المستشرقين وعلي رأسهم الألد خصاماً وبغضاً للإسلام والمسلمين «برنارد لويس» تدوي في أرجاء البيت الأبيض بمواجهة الشعوب للشعوب بالفتنة المذهبية وهو ما ينذر بكوارث لا تحمد عقباها في شبه الجزيرة العربية ولعل أولي بذورها قد نبتت في اليمن والبحرين، فعلينا أن نفطن إلي هذا الأمر الجلل وألا نركز في علاقتنا بإيران علي مذاهب أو نشكك في تركيا الواعدة علي خلفية التجربة العثمانية القديمة، فالمصالح الاستراتيجية والعلاقات الدولية لا تعرف إلا لغة المصالح ويسقط من قاموسها خانة الديانة أو المذهبية، وعساي أذكر بأن رسول الله صلي الله عليه وسلم يعلمنا حينما استعمل عبد الله بن أريقط دليلاً له يعرف دروب مكة وشعابها في رحلته مهاجراً من مكة إلي المدينة وهو يهودي. هذه وجهة نظري أبسطها ----------- * محام