أمتدت ثورات الربيع العربى من الغرب إلى الشرق فى كافة أرجاء الدول العربيه بدءاً من دولة تونس مروراً بمصر ثم ليبيا ثم سوريا واليمن والبحرين مع نشوب المظاهرات والدعوات الإصلاحيه والتغيير فى الأردن والمغرب وإذا كانت الثورات العربيه قد أعطتنا الأمل فى مستقبل أفضل لنا ولأولادنا وأصبح مستقبلن ا – يرسم بإرادة الشعوب العربيه ذاتها التى ظلت تحت قمع وتهديد وإذعان الحكم العربى وإننا – ولأول مره – سنستطيع أن نتنفس الحريه ونمارس حقوقنا التى حرمت منها أجيال متتاليه من العرب على أيدى محتل غاشم أو مستبد ظالم .. وأصبح بإمكان الشعوب العربيه التعاون مع بعضها البعض لمواجهة الأثار السلبيه التى نتجت عن الثورات الشعبيه فى الدول العربيه والتى لا تقارن بالمكاسب السياسيه والإجتماعيه والإنسانيه و الحريات التى حصلت عليها الشعوب العربيه بالإضافه إلى المكاسب الإقتصاديه المتوقعه مستقبلياً .. ورغم هذا التفاؤل المستقبلى بمستقبل الشعوب العربيه إقتصادياً .. إلا أنه يوجد تحديات إقتصاديه تفرض وجودها بقوه على الأمد القصير منها إرتباك الوضع السياسى الحالى فى بلدان الربيع العربى .. وتراجع الإستثمارات .. فقد تراجعت الإستثمارات الوافده فى منطقتنا العربيه فى عام 2011 بنسبة 83% لتصل إلى حوالى 4.8 مليار دولار مقابل أكثر من 20 مليار دولار فى عام 2010 كما حدث تراجع حاد فى نمو المصارف فى المناطق التى شهدت إضطرابات وثورات .. وطبقاً لبيانات حديثه لصندوق النقد الدولى فإن الإقتصاد المصرى سيحقق معدل نموبواقع 1.21 % خلال العام الجارى مقابل 5.14% فى العام الماضى .. كما أن الإقتصاد التونسى سيجمد معدل النمو فى العام الجارى عند 0.07% أما الإقتصاديون السوريون واليمنيون فيتوقعون إنكماش الإقتصاد السورى واليمنى فى العام الجارى ليصبح 2.02 % لسوريا و 2.42% فى اليمن وقد تجاوزت التكاليف الإقتصاديه لثورات الربيع العربى 55 مليار دولار أى مايزيد عن 330 مليار جنيه مصرى ويظهر ذلك جلياً وبوضوح فى إنخفاض الإحتياطى النقدى فى دول ثورات الربيع العربى فعلى سبيل المثال إنخفض الإحتياطى النقدى فى مصر من 37 مليار دولار فى ديسمبر 2010 ليصبح 24 مليار دولار فى أغسطس 2011 .. وتبعاً للإضطرابات الإقتصاديه والتدهور الإقتصادى لدول الربيع العربى إستتبع ذلك تدهورا فى مجالات أخرى مثل خفض النمو الإقتصادى وإرتفاع التضخم والبطاله وزيادة المديونيه العامه وإنخفاض قيمة العمله وإنخفاض التصنيف الإئتمانى للدول العربيه وإلى جانب التحديات الناجمه عن الثورات العربيه فإن هناك تحديات أخرى تواجه الإقتصاديات العربيه فالعالم يعيش منذ عام 2008 أزمات ماليه عالميه متكرره تؤدى إلى تباطؤ النمو الإقتصادى وزيادة التضخم وإفلاس البنوك .. وقد أدركت حكومات مجموعة العشرين أهمية التوحيد أو على الأقل تنسيق العمل تحت راية البنك المركزى .. وكذلك أدركت دول الإتحاد الأوروبى ذلك وما قد يهددها من إفلاس اليونان وإيطاليا . ونجدها قد سارعت فى تمويل عجز الموازنه فى اليونان وإيطاليا – بمبالغ طائله . إذن فالثورات العربيه خلقت تحديات بالغة القسوه للإقتصاد العربى ويبقى الحل فى تعاون عربى إقتصادى موحد . وفى إنشاء صندوق تمويل عربى تدعمه الدول العربيه الغنيه على غرار مشروع مارشال الذى أقامته الولاياتالمتحدهالأمريكيه لإعادة إعمار أوروبا بعد إنتهاء الحرب العالميه الثانيه ويتولى هذا الصندوق العربى إعادة الإعمار ورعاية المشاريع التنمويه والإقتصاديه فى الدول العربيه . بالإضافه إلى تعاون تجارى بين الدول العربيه . وتذليل العقبات التى تقف كحجر عثره أمام التبادل التجارى ... بما يحقق مصلحة الدول العربيه جميعاً .. ولعل ثورات الربيع العربى أوجدت الظروف الملائمه لإقامة تعاون عربى حيث أن الإراده الشعبيه العربيه اليوم لديها الرغبه فى التعاون والتكامل العربى ولعل البنيه الأساسيه لإنجاح هذا المشروع العربى موجوده فيوجد صندوق النقد العربى وهو يقوم مقام صندوق النقد الدولى . ويوجد الصندوق العربى للإنماء الإقتصادى والإجتماعى وهو يقوم بدور البنك الدولى بما فيه تشجيع القطاع العام والخاص والمطلوب هو تفعيل هذه الأدوات والبنيه الأساسيه من خلال قيام الدول العربيه الغنيه بضخ أموال داخل هذه الصناديق لتمويل المشروعات الإنمائيه العربيه ويكون لهذا المشروع العربى مجالات محدده يتم الإستثمار فيها . لعل أهمها : تحقيق الإستقرار بالنسبه للعملات العربيه وتوفير الأمن الغذائى العربى من خلال الإستفاده من الأرض السودانيه وإمكانيات السودان فى هذا المجال التى يمثل حالياً ( سلة الغذاء العربى ) و إستغلال الموارد البشريه الموجوده لدى مصر والإستفاده من الأراضى المصريه القابله للزراعه وتنمية الصناعات العربيه فى كافة الدول العربيه وكذلك التمويل فى مجال البحوث والتطوير وإيجاد الأساليب العربيه التى تستطيع إنتاج سلع مختلفه وكذلك تمويل مشروعات الطاقه .. بما يعود بالنفع والمصلحه على كافة الدول العربيه وإعلاء الشأن العربى عالمياً ويتم ذلك من خلال جامعة الدول العربيه التى تشرف على هذه الصناديق وتحت رقابة عربية مشتركه .. خاصة وإن أمين جامعة الدول العربيه حالياً هو الدكتور / نبيل العربى الذى يملك من الأدوات والخبره ما يؤهله لتفعيل هذه الصناديق والبدء فى مشروع المارشال العربى أو مشروع النهضه العربيه . ----------- محاسب قانونى وباحث إقتصادى