منذ سنوات طويلة، وهناك حالة ترد وانحراف متعمد للدراما والسينما بشكل يمثل خطورة بالغة على المجتمع والأجيال القادمة، تجار الفن وخاصة الدراما يعتمدون على مصطلح وهمى وهو أن الفن مرآة المجتمع وانعكاس لواقعه، مع أن المرأة نفسها أصبح منها الآن ما يحمل الوجه، ولكن لا يخفى ملامحه وهكذا لا بد أن تحمل الدراما والسينما والفن بشكل عام الواقع وتنقهه وتقدم دراما تحمل قيمة ومضموناً إيجابياً يدفع للعمل والانتماء والنجاح بكفاح وليس بالبلطجة والاتجار بالسلاح والآثار والمخدرات. دراما رمضان هذا العام قدمت نموذجاً أكثر من سيئ للدراما صدرت ثقافة الشر والقتل والعنف عن طريق الأسطورة محمد رمضان، الذى يفتخر بأن الشباب تقلده فى شكله ولبسه مع تناسى أنه صدر ثقافة البلطجة، وأنه ما زال الألمانى وعبده موتة قدوة العشوائيات والجيل الضائع الذى يقلده فى كل شىء حتى جريمته اللاأخلاقية بإجبار أحمد عبدالله محمود ارتداء قميص نوم كرد فعل على جريمة لا أخلاقية أيضًا بعد تصويره زوجته تكررت الجريمة فى الفيوم، لأن من ارتكبها تأثر بمحمد رمضان، وغيره من الأعمال تحول أبطال المسلسلات إما لقتلة وتجار مخدرات وسلاح وآثار يركبون أحدث السيارات ويلبسون أفخم الملابس ويعيشون فى قصور وفيلات وتحيط بهم النساء والخمر والساقطات ويثيرون غرائز الشباب المطحون بهذا الثراء الفاحش الذى جاءهم بسهولة شديدة، حتى رجال الشرطة فى بعض الأعمال إما أنهم منحرفون أو يعملون لصالح تجار المخدرات والسلاح لا يوجد قدوة أو بطل إنسانى يحفز الشباب على العمل والصبر والانتماء، وكأن هناك مؤامرة متعمدة على تدمير ما تبقى من وجدان وسلوك الشارع المصرى بما تحمله من ألفاظ ومشاهد عنف وقتل وبصورة فيها تمثيل بالجريمة. الكاتب محمود أبوزيد، الذى قدم أفلام العار والكيف وحلق حوش وغيرها من الأعمال المهمة أكد أن ما شاهدناه فى دراما رمضان الآن للأسف لا يسر عدواً ولا حبيباً، وشىء مؤسف للغاية ولم أكن أتصور أن تصل لهذا المستوى وهذه التفاهة والسفالة والانحدار، ألفاظ خارجة ومشاهد قتل وعنف وتجارة محرمات لم تمر علينا من قبل، خاصة أننى عملت رقيباً لسنوات طويلة، لكن ما يحدث الآن من تشويه متعمد من الدراما والسينما لواقع المجتمع بحجة أنه موجود يعكس انعدام الضمير الفنى والأعمال إما مليئة بالنكد والمرض النفسى والقتل والعنف جعلت الفن يتحول لآفة تقضى على ما تبقى من المجتمع وخطير يهدد الجيل القادم. وأشار أبوزيد إلى أن هذه الأزمة ليس لها حل، لأنه لم يعد هناك ضمير ولا مسئولية، وأصبحت محتويات الدراما تتجه بالإفساد ما تبقى من المجتمع أو يتم تصحيح مسارها لإصلاحه، لكن للأسف كل الظروف تآمرت على الفن بما فيها الدولة التى أصبحت شبه دولة لا تفعل شيئاً فى الفن أو غيره. الكاتب مجدى صابر، يقول للأسف هناك شبه اتفاق هذا العام من ضياع الدراما على تصدير ثقافة الشر والقتل وإفساد ما تبقى من هذا الجيل، ونسأل صابر كيف نعرض أكثر من 30 مسلسلًا لم نر فيها نموذجًا جيدًا يحمل قيمة ويقدم رسالة تحت المجتمع والشباب على العمل والعطاء والانتماء، وأضاف: الدراما هذا العام استسلمت للمنافسة فى الشكل على حساب المضمون والقيمة وأخذت فى طريقها اعتباراً واحداً، وهو استخدام كل المشبهات للمنافسة وقدمت صورة سيئة للواقع بحجة أنه موجود وأسوأ ما تقدمه الدراما وهذا صحيح لحد كبير ولكن، والكلام لصابر، الدراما دورها هنا تنقيح الواقع وإزالة الشوائب الذى تصيب وجدان الجمهور وليس مطلوباً من الدراما أن تقدم الواقع بكل صوره السلبية والتركيز عليها فقط من أجل صنع مواقف أكشن وقتل وتجارة مخدرات وآثار وسلاح بشكل مبالغ فيه أبطال يركبون السيارات الفاخرة ويعيشون فى القصور والملابس الأنيقة كل شىء يؤكد أن هناك مساحة كبيرة بين طبقات الشعب المصرى لا يمكن أن تلتقى فى يوم من الأيام وتحرض على العنف والقتل والسرقة وارتكاب كل الجرائم من أجل الثراء والعيش فى رفاهية بدون مجهود، وتناست الدراما القدوة والقيمة التى تحث على العطاء والانتماء وتقديم نموذج مشرف من أناء مصر. وهذا جرس إنذار أخير لا بد أن تتحرك الدولة لوقف هذا الانحدار والانحطاط والمستوى المتردى لما نراه من نماذج فى بعض المسلسلات الدرامية. المخرج مسعد فودة، نقيب السينمائيين، يقول: حذرنا منذ سنوات بأن هناك مؤامرة على تدمير صناعة السينما والدراما، وهناك من يساعد على انحدارها لهذا المستوى الغريب واللا أخلاقى لينزع آخر ما تبقى لمصر من قوة ناعمة تؤثر فى وجدان وسلوكيات المجتمع وتهذيبه بشكل يدعو للارتقاء بالمجتمع. وأوضح «فودة» أن الفن والإبداع طوال عمره سلاح لمصر فى مواجهة الإرهاب والتطرف ومقاومة الظواهر الضارة فى المجتمع، لكن فى الفترة الأخيرة أصبح سلاحاً تحارب به مصر ويدعو لتدمير قيمها ومبادئها وريادتها وإبداعها الذى كان يعكس قيمة هذا الوطن، وقال: للأسف الدولة تخلت عن دورها ونفضت يدها من حماية صناعة السينما، الأمر الذى جعل منتجيها يقدمون أفلاماً رديئة ورخيصة تدمر ثقافة المجتمع وسلوكيات هذا الجيل خوفًا من الفرصة وانتقلت هذه الآفة فى السينما للدراما، وهناك مؤامرة للقضاء عليها وأياد خارجية تحاول العبث فيها وانحدارها لهذا المستوى المتردى من قتل وعنف وسلوك غير سوى، وذلك بسبب تخلى الدولة أيضًا عن دورها فى صناعة دراما كانت هى الوحيدة القادرة على صناعتها سواء فى شكل دراما دينية أو تاريخية أو شخصية مهمة من شخصيات مؤثرة فى المجتمع، ولا بد من عودة الدولة وفرض هيبتها لتصحيح المسار سينما ودراما بما يتماشى مع طبيعة وظروف المرحلة التى نعيشها، التى نادى الرئيس السيسى نفسه بأن يواكب الفن هذه الظروف، لكن للأسف ما يصنعه الرئيس أصبح يفوق ما يصنعه الفن.