تستعد أسبانيا التي تعاني من نسبة بطالة قياسية والمهددة بالانكماش، الاحد الى انتخاب اليمين الذي وعد البلاد نزولا عند ضغط قوي من الاسواق المالية، بمزيد من التضحيات الكبرى من اجل النهوض بالاقتصاد. ويتوقع ان يقود زعيم الحزب الشعبي ماريانو راخوي (56 سنة) الحكومة بعد الانتخابات التشريعية مستفيدا من اقتراع عقابي على الاشتراكيين الذين يتولون الحكم منذ 2004، من ناخبين نفد صبرهم من ازمة بلا نهاية خلفت في سياقها نحو خمسة ملايين عاطل عن العمل. ولم تترك الحملة الانتخابية التي لم تشهد تشويقا، اي فرصة للمرشح الاشتراكي الفيردو بيريث روبلكابا (60 سنة) وزير الداخلية السابقة في حكومة خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو. وتوقعت اخر الاستطلاعات فوز اليمين بالاغلبية المطلقة في البرلمان بفارق تاريخي. لكن لا يتوقع ان يفلت الاسبان المستائين من حكومة فرضت عليهم اجراءات تقشفية ثقيلة، خلال الاشهر القادمة من خطة تقشف جديدة. واعلن راخوي الذي ينص برنامجه على اجراءات ادخار للنهوض بالاموال العامة، الخميس "سيتعين علينا القيام باقتطاعات في كل الميزانيات" باستثناء رواتب التقاعد. وسيتعين على ماريونو راخوي الخاضع لضعط قوي جدا من الاسواق، في حين اضطرت اسبانيا الخميس الى دفع أسعار فوائد قياسية مقابل الحصول على تمويل، التحرك سريعا جدا ليطمئن في حين تفتتح الفترة الدقيقة لتسليم السلطة. واعتبر محللون في بنكيتر ان "من المرجح جدا ان تعلن الحكومة المنبثقة عن صناديق الاقتراع مجموعة اصلاحات اساسية تهدف الى إعادة المصداقية للاقتصاد، اعتبارا من الاسبوع المقبل". غير ان هذه الاجراءات التي سيطلق عليها اسم "اصلاح سوق العمل واصلاح ضريبي وتطهير النظام المالي" لن تنفذ الا عندما يبدا مجلسا البرلمان العمل في 13 ديسمبر ثم تنصيب رئيس الحكومة اعتبارا من 2012. وقد اثارت اجراءات التقشف المعلنة اعتبارا من مايو 2010 مثل خفض رواتب الموظفين وتجميد معاشات التقاعد او تاخير سن التقاعد من 65 الى 67 سنة، استياء شعبيا غير معهود في البلاد. وقبل ثلاثة ايام من الاقتراع ظل المدرسون والطلبة والعاملون في قطاع الصحة في حالة تعبئة في مدريد وبرشلونة ضد اخر قرارت خفض الميزانية التي اتخذها اليمين في هذين الاقليمين حيث يتمتع بالأغلبية. غير ان العديد من الناخبين يبدون محبطين اكثر من مقتنعين بينما يتفشى الفقر وبات العديد من الاسبان يفكرون كيف سيصلون الى نهاية الشهر. وفي هذا الوقت تبقى الافاق مظلمة مع عدم تسجيل نمو في الفصل الثالث من السنة ونسبة بطالة 21,53% (45,8% بين فئات الشباب) وخطر العودة الى الانكماش. ولخص فيديريكو كريس (43 سنة) احد سكان مدريد يعمل في شركة ايريبيا الجوية ان "الوضع خطير ومقلق بالنسبة لكافة الاسبان، الناس العاديون والطلبة والعمال، الكل لا يهنأ له عيش". واكد التاجر البرتو خاراي (38 سنة) في ساحة كاياو بقلب مدريد ان "هذه الانتخابات مهزلة، لان الحزبين الابرز كلاهما كاذب، لا تهمهما الا المصارف والشركات الكبرى". ولم يستطع الاشتراكيون الذين تولوا السلطة عندما كان الوضع الاقتصادي بافضل احواله بسبب الفورة العقارية، مقاومة الازمة المالية العالمية التي اندلعت في خريف 2008 واضطر خوسيه لويس رودريغث ثاباتيرو الى التراجع وتنظيم انتخابات مبكرة بينما كانت متوقعة في مارس 2012. وقال المحلل السياسي انطون لوسادا ان "هذه الازمة تأتي على من يحكم، سواء كان من اليمين او اليسار لأن الحكم خلال السنوات الأربع الماضية في أوروبا يعني إعلان الاخبار السيئة يوميا الى الجميع". ودعي نحو 36 مليون اسباني الى صناديق الاقتراع الاحد لانتخاب 350 نائبا و208 سيناتورا. وفضلا عن الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي يخوض الحملة عشرون حزبا اقليميا ووطنيا بينما لا يتمتع العديد منهم باي فرصة لدخول البرلمان نظرا للنظام الانتخابي المعقد الذي يساعد اكبر الاحزاب والأحزاب الإقليمية.