أسقف بوليڤيا للأقباط الأرثوذكس يمنح 18 شخصا سر المعمودية والميرون    رسميًا الآن عيار 21 بعد ارتفاع كبير.. سعر الذهب اليوم الجمعة 11-10-2024 بالصاغة    "كارت أصفر" للتجار.. كيف تأثرت أسعار السلع بمبادرة حياة كريمة؟    وزيرا دفاع أمريكا وبريطانيا يبحثان هاتفيا تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وأوكرانيا    أخبار الأهلي : صلاح وتريزيجيه يقودان منتخب مصر للفوز على موريتانيا    مدرب موريتانيا: الأمل مازال موجودًا.. وكان يجب إلغاء الهدف الثاني لمنتخب مصر    الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس في مصر الفترة المقبلة    الإعدام شنقا لقاتل "عامل النظافة" داخل مدرسة بكفر الشيخ    بث مباشر.. حفل افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في دورته ال32    هآرتس: 130 من جنود الاحتياط الإسرائيليين وقعوا على عريضة يرفضون فيها العودة للقتال    شولتس: المساعدات العسكرية الجديدة لكييف بمثابة إشارة إلى بوتين    تراجع الدولار عن أعلى مستوياته في شهرين    تظلمات بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة (رابط)    محافظ البنك المركزي يشارك بالاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة "بريكس"    تشكيل ألمانيا الرسمي أمام البوسنة والهرسك في دوري الأمم الأوروبية    محافظ البنك المركزي يشارك في الاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة بريكس بموسكو    ليس بوابة خلفية لنقل الأصول.. محمود فوزى يوضح دور صندوق مصر السيادى    فرص عمل متاحة في مشروع محطة الضبعة النووية (رابط التقديم)    تضم 9 تخصصات طبية.. انطلاق قافلة طبية بمستشفى أبورديس المركزي بجنوب سيناء غدا    الأهلي يفوز على الزمالك 30-21 في دوري المحترفين لكرة اليد    روسيا: أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون استفزازًا خطيرًا    تراجع أسعار النفط رغم التوترات في الشرق الأوسط    إصابة شخص سقط من قطار بمحطة الجيزة    وائل جمعة ينصح حسام حسن بتغيير طريقة لعب المنتخب    درة تنشر أحدث جلسة تصوير على حمام السباحة .. والجمهور يعلق    «اتعامل معاهم وأنت متطمن».. 5 أبراج تجعلك تشعر بالثقة تجاههم    أفلام الجوائز فى مهرجان الجونة    الأفلام القصيرة بمهرجان البحر الأحمر تكشف عن فكر جيل جديد للسينما العربية    شاهد بالبث المباشر تونس اليوم.. مشاهدة تونس × جزر القمر Tunisia vs Comoros بث مباشر دون "تشفير" | كأس أمم إفريقيا 2026    "ألف قائد محلي" تجري المقابلات الشخصية مع شباب الإسكندرية غدًا    «فلسطين للأمن القومي»: نتنياهو يعتبر اغتيالات قادة حزب الله نصرا سياسيا له    افتتاح مسجد عزبة جابر بقرية الكاشف الجديد في دمياط    حملة "100 يوم صحة" قدمت أكثر من 112 مليون خدمة مجانية خلال 71 يومًا    بالصور- ضبط مخزن زيت طعام مجهول في سرس الليان    «الداخلية» توجه قوافل بالمحافظات مزودة بوحدات إلكترونية لتقديم خدمات الأحوال المدنية    دار الأوبرا المصرية تتصدر محركات البحث قبل انطلاق مهرجان الموسيقى العربية بساعتين    تتراوح من الاكتئاب إلى الانفصام، أعراض وعلامات المرض النفسي لدى الأطفال والبالغين    طلاب جامعة المنوفية ينجحون في تحرير 4744 مواطنا من الأمية    وزير قطاع الأعمال:ضرورة تسريع تنفيذ المشروعات وتعزيز التكامل بين الشركات    ضمن جهود مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان.. الصحة تنظم دورات تدريبية حول الإسعافات الأولية من خلال فروع الهيئة بالمحافظات    بالصور- محافظ بورسعيد يفتتح مسجدا جديدا بمنطقة كربة عايد    الأنبا توماس يشارك في ورشة العمل "القادة الدينيين وبداية جديدة لبناء الإنسان"    دويدار يؤكد.. ثنائي الأهلي سيكونوا كبش فداء عند خسارة مبارياته القادمة    دار الإفتاء توضح فضل زيارة مقامات آل البيت    سكالوني: ظروف مباراة فنزويلا لم تكن مناسبة    حزب الاتحاد ينظم ندوة بعنوان «إفريقيا عمق استراتيجي لمصر ومصير مشترك»    الأردن يدين استهداف الاحتلال الإسرائيلى لقوات اليونيفيل جنوب لبنان    الصعيد في عيون حياة كريمة.. مدينة إسنا تحصل على دعم كبير برعاية مجلس الوزراء    وكيل صحة سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزي ووحدات الرعاية الصحية    فضل الدعاء للأب المتوفي في يوم الجمعة: مناجاةٌ بالرحمة والمغفرة    بالتزامن مع الاحتفال بذكرى بنصر أكتوبر.. تنسيقية شباب الأحزاب تعلن عن استراتيجيتها الجديدة    تعرف علي حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    الصحة: إغلاق عيادة جلدية يديرها أجانب مخالفة لاشتراطات التراخيص في مدينة نصر    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة سيارات النقل بالأقصر    خطبة الجمعة اليوم.. تتحدث عن السماحة في البيع والشراء والمعاملات    مشادة كلامية.. حبس فتاة قتلت صديقتها طعنا داخل كمباوند شهير في أكتوبر    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء باقى زكى يوسف: فكرة إزالة خط بارليف.. جاءتنى من عند ربنا
نشر في الوفد يوم 17 - 06 - 2016


إيه يا باقى؟ دورك فى الكلام لم يأت بعد.
أنت نمت وإلا إيه؟ فرد المقدم - حينذاك - «باقى زكى يوسف» بقوله: لا يا أفندم بعد إذن سيادتك أنا لدى ما أقوله تعليقاً على شرح باقى قادة الفرقة. وقبل أن يأذن له قائد الفرقة سواء بالرفض أو بالقبول، ارتفع من بعيد صوت قائد عمليات الفرقة 19 المتمركزة دفاعياً غرب القناة وهو اللواء طلعت مسلم فيما بعد قائلاً: «طيب نسمعه يا أفندم»!
فقال قائد الفرقة: اتفضل يا باقى عايز تقول إيه؟
كان هذا الاجتماع فى ليلة من ليالى شهر مايو 1969، وكانت الفرقة 19 تستعد - طبقاً لتعليمات القيادة العامة للقوات المسلحة وقتها لاتخاذ مواقعها لاتخاذ مواقعها الهجومية، وفتح ثغرات فى جسم خط بارليف. والعبور للضفة الشرقية من القناة.
وكان الضابط - برتبة مقدم وقتها - باقى زكى يوسف أحد قادة الفرقة، ومسئولا عن المركبات فيها. حالة من الصمت انتابت الجميع قليلاً، الساعة اقتربت من الثانية عشرة ليلاً. الضوء فى الخندق باهت فنحن فى مواجهة العدو، الاجتماع سرى للغاية، والتعليمات واضحة وصريحة وبعض فنجاين القهوة والشاى مازالت عالقة، ودخان السجائر يصعد حول الضوء الخافت ليبتلع معه الأمل فى العبور فى ظل تحصينات العدو بخط بارليف على طول خط القناة، فى الاجتماع تحدث قائد الفرقة وشرح طبيعة المهمة، ثم تحدث القادة كل قائد فى تخصصه من الاستطلاع للعمليات مروراً بسلاح المهندسين، ثم رفع الضابط «باقى زكى» يده ليتكلم بصفته قائد سلاح المركبات فى الفرقة، وهو المنوط به أن يوفر المركبات التى ستنقل المعدات لتنفيذ المهمة.
لكن أى مهمة ؟ والخسائر ستكون نسبتها على الأقل خسائر بشرية تقدر ب20٪ من القوات. وكل ثغرة طبقاً لما تحدث به قادة أفرع الفرقة ستكون فى حاجة ل12 ساعة على الأقل، ثم كيف سيتم ذلك وقائد الاستطلاع أكد أن للعدو أكثر من قوات متمركزة فى أكثر من موقع، ستواجه أى محاولة للعبور مدعومة بالدبابات والطائرات، فى ظل المدة الزمنية التى سيستغرقها فتح الثغرات بالطرق العادية وهى القنابل والصواريخ.
قال قائد الفرقة: عندك إيه باقى؟ اتفضل، قال: يا أفندم أنا استمعت لشرح ومهام العملية من السادة قادة الاستطلاع والعمليات والمهندسين، وأنا اتحدث بصفتى قائد المركبات فى الفرقة والتى سيكون دورها فى العملية هو نقل المعدات ورفع المخلفات التى ستحدثها عمليات الفتحات فى جسم خط بارليف.
رد القائد: تمام.. لذلك قلت لك انتظر فى نهاية الاجتماع.
هنا التقط المقدم باقى زكى خط الكلام، وأعاد فى جمل مختصرة رؤية كل قائد سلاح فى الفرقة من حيث الوقت الزمنى والخسائر المتوقعة وكل التفاصيل المشابهة.. وأثناء ذلك الشرح وجد نفسه بدون ترتيب ولا تفكير ولا إنذار مسبق يقول: بس يا فندم فيه حل تانى؟ نظر القائد والقادة إليه.. وهو يواصل كلام.. «أيوه يا أفندم .. فيه حل تانى والميه تحتنا يا أفندم ..نظر الجميع فى دهشة وهز القائد رأسه ليواصل «باقى» كلامه «طلمبات ماسة كابسة تثبت على زوارق خفيفة قوية تسحب المية من القناة وتضخها بقوة اندفاع كبيرة عن طريق «بشابير» على الساتر الترابى، فينهار وتجرف المية الرمل بمساعدة درجة الميل فى الساتر فتسقط الرمال بقوة إلى قاع القناة.
وسكت الضابط الشاب وقتها عند هذه النقطة، والصمت خيم على المكان، القائد مذهول من الفكرة والقادة ذهبت عقولهم معها إلى «سكة» أخرى. والساعة اقتربت من الواحدة والنصف ليلاً.
وضوء القمر بدأ يتسرب إلى المخبأ الذى يستقبل الاجتماع، والضابط «باقى» مازال صامتاً.
قال له قائد الفرقة والأمل بدأ يشرف على وجهه والبسمة التى لم تعرف وجهة من سنوات عادت فى خجل وقلق وأمل ثم قال: واحدة.. واحدة.. علينا كدة.. وعيد من الأول.
وأعاد الضابط «باقى» قوله وفكرته - التى جاءت حسب قوله من عند ربنا - أكثر من مرة حتى وصلت إلى الرئيس جمال عبدالناصر مروراً بقادة العمليات وسلاح المهندسين ورئاسة الأركان ووزير الدفاع وقتها.. لتكون هذه الفكرة هى السلاح الذى قهر خط بارليف فى ست ساعات دون أى خسائر بشرية تذكر.
اليوم ونحن نحتفل بذكرى العاشر من رمضان أكتوبر 1973 ذهبت إلى اللواء متقاعد «باقى زكى يوسف» صاحب هذه الفكرة. فى الهاتف ونحن نحدد الموعد قال «مفيش كلام إلا فى الفكرة والحرب» قلت: تمام، يسكن فى ضاحية مصر الجديدة الشقة بالدور الأول، سألت عنه رجلا فى الأربعين من عمره قال: آه طبعاً.. أنا أوصلك لحد عنده، ثم قال - وهو فيما يبدو بواب فى المنطقة - يا سلام ده باقى بيه ده بطل ونوصلك ليه على دماغنا، ثم وصل بنا إلى مدخل العمارة، قلت له: اتفضل معانا، قال: هو لا يعرفنى.. لكن مين فينا ميعرفش الراجل ده عمل إيه للبلد ثم تركنى وذهب إلى حال سبيله.
طرقت الباب.. ففتح لى وهو يبتسم، وجاءت زوجته الفاضلة وألقت التحية، جلسنا وقبل الكلام أعاد على ذهنى قوله: مفيش كلام إلا فى المهمة فقط.. اتفقنا، قلت: نعم وإلى نص الحوار:
نعود إلى البداية كيف كانت؟
أنا مواليد 1931 ودرست فى كلية الهندسة جامعة عين شمس قسم ميكانيكا سنة 1954. والتحقت بالقوات المسلحة فى ديسمبر 1954 وعملت فى القوات المسلحة فى جميع الرتب والمواقع المختلفة حتى رتبة اللواء فى 1984، وأثناء خدمتى كان بناء السد العالى بدأ العمل فيه، وطلب وقتها من القوات المسلحة ضباط مهندسون فى تخصصات مختلفة وخصوصاً المحركات والمعدات.
وهل كنت تعمل وقتها فى هذه التخصصات؟
- كانت شغلتى فى الأول محركات، حيث كنت كبير مهندسي ورش رئيسية للمحركات، وكان حظى أننى دخلت فى الطقم الذى وقع عليه الاختيار للسفر إلى السد العالى.
وما هى المهام التى كلفت بها للمشاركة فى بناء السد؟
- أول وظيفة كانت ورش محركات السد العالى، وبدأت مدير «جراج» الشرق ويعمل به ما يقرب من ألفي عامل ومهندس بالإضافة إلى 80 خبيرا روسيا وكان بيعمل هذا الجراج 24 ساعة يومياً.
وماذا كانت تعمل المعدات والآلات فى هذا الجراج؟
- كانت مهمتها نقل الحجر والصخور والرمال وتجريف المواقع المحددة والمتفق عليها فى الخطة. وفى أوائل يونية 1967 ثم جاءت النكسة فى 5 يونية.
هل كانت نكسة أم هزيمة؟
- أنا رأيى هى ليست نكسة، ولكنها كانت «كمينا» دوليا دبر بليل لمصر، حتى يتم تحجيم مصر من نجاحها وطموحها وتوجهها العروبى فى ذلك الوقت بعد اليمن والجزائر. ومن هنا تم تسليح إسرائيل بمعدات عسكرية متقدمة جداً. وبدأ الغرب والقوى الدولية توفر لإسرائيل المناخ العسكرى الجيد للحرب ضدنا. وقواتنا التى كانت فى سيناء أثناء 67 لم يكن بينها سهولة اتصال، بل تم التشويش على القوات تماماً، لدرجة أن البعض منهم قال عن 67 إنها نصر فاق كل أحلامى.
ثم احتلوا سيناء ووصلوا إلى حافة القناة من الشرق؟
- تماماً هذا ما حدث وبذلك أصبحت سيناء كلها مع العدو، وفكر العدو وقتها فى إقامة ساتر ترابى (خط بارليف) حتى يحتمى فيه، وبدأ العدو يستفيد من الكثبان الرملية بالإضافة إلى ناتج حفر قناة السويس وبالإضافة إلى ناتج التطهير .
وما هى مهامك بالضبط كرئيس لفرع المركبات الفرقة؟
- شغلتى أننى أقوم بصيانة وإصلاح العربات والمعدات الموجودة فى الفرقة، وأنا أمر فى طريقي لعمل الصيانة يومياً كانت عينى تذهب إلى الضفة الشرقية، وكان الساتر الترابى يلفت انتباهى كلما مررت عليه ذهاباً وإياباً.
وما الذى كان لافتاً فيه وقتها؟
- استمرار العمل على ارتفاعه من جانب العدو، شركات عالمية شغالة فيه، وأراهم يقربونه من المياه ويقومون بعمل ميل فيه. ويحطوا معدات ويحصنوا النقاط فيه، ونحن فى الغرب قواتنا على وضعها دفاعية، والمشهد ده كان يجعلنى اسأل نفسى وأقول: لو هذا الساتر فى أسوان.
بمعنى؟
- بمعنى أننى كنت أقول بينى وبين نفسى إن هذا الساتر لو فى أسوان كنا شيلناه شيل، فنحن فى أسوان رفعنا جبالا من الرمل، لأنني عندما قمنا ببناء السد، قمنا برفع جبال كاملة من الرمل المحيط بالسد بتجريف جسم السد، إذن الرمل كان الناتج كله منه يذهب إلى الناحية الشرقية، لأن الناحية الغربية هى أراض زراعية، فالناحية الشرقية كانت عبارة عن كثبان رملية طبيعية وصناعية وهكذا.
وكيف استفاد العدو من كل هذه الرمال؟
- قام بتوصيلها ببعضها البعض، ويزيد من ارتفاعها وجاء بشركات متخصصة عالمية، وحصنوا نقاطا قوية، ومصاطب دبابات، وحقول ألغام، وأسلاك شائكة وكل ما تتصور، من تحصينات، ومعدات عسكرية متنوعة ومتقدمة، وبذلك تحول هذا الساتر الترابى بمعداته ونقاطه الحصينة إلى نقطة قوة فى استراتيجية الحرب بالنسبة للعدو وحجم المعدات التى زرعت به حولته إلى قلعة من القلاع المحصنة من بورسعيد للسويس.
إذن كان هذا هو المشهد (أو مسرح العمليات كما يقال) على شط القناة عندما عدت من أسوان أليس كذلك؟
- تماماً.. هذا هو المشهد بالضبط.. وأنا عندما عدت من أسوان اتجهت إلى الورش التى كنت فيها قبل الانضمام لفريق العمل فى السد العالى، ثم وجدت نفسى رئيس فرع مركبات الفرقة 19.
خلال الجلسة التى جمعتك بقادة الفرقة ودار فيها ما دار.. ما الذى حدث بعدها؟
- الذى حدث أن جميع القادة بعدما قلت ما لدى عن فكرة إزالة الساتر الترابى، الكل سكت، وخيم الصمت على الجميع.. ويومها لحظت البسمة تعود على وجه قائد الفرقة، وكأنه كان يبحث عن ابن «تايه» ووجده.
وماذا قال لك بعدها؟
- انتهى الاجتماع وعلى الفور اتصل بالقيادة الأعلى للفرقة - رغم أن الوقت كان متأخراً - والقيادة الأعلى اتصلت بالقيادة بالقاهرة، ثم جاء الصباح وأنا فى طريقى للقاهرة لقيادة الأركان فى العمليات، وبعد دقائق كنت فى قيادة سلاح المهندسين وبعدها عدت إلى قيادة العمليات، وتم الاستماع لما طرحته فى اجتماع الفرقة، ثم عدت للجبهة مرة ثانية. وأيام مرت، بل استطيع أن أقول ما هى إلا ساعات وتلقيت اتصالاً من قائد الفرقة، وطلب منى كتابة الفكرة باختصار، على أن تكون جاهزة بعد ساعات، لأن قيادة الجيش هيجتمعوا مع الرئيس عبدالناصر وهذا أمر أسعدنى كثيراً. وشهور بعد شهور، تحولت الفكرة إلى واقع وبدأ سلاح المهندسين يعمل على تحقيق الهدف من الفكرة. وجاء يوم السادس من أكتوبر لتتحقق الفكرة التى جاءت لى من عند الله، بدون تفكير منى، أو اجتهاد، هى فكرة جاءت من عند الله، حتى يتحقق الحلم وننتصر ونستعيد الأرض ونهزم العدو هزيمة لن ينساها عبر السنين.
وعند الهزيمة وعند النصر توقف بنا الكلام وأغلقت جهاز التسجيل، ولملمت أوراق الحوار، ونزلت على درجات سلم العمارة، وفى الطريق من العمارة حتى السيارة قال لى زميلى المصور «يا أخى الواحد نازل من عند اللواء باقى ونفسه يحارب»! فقلت له: لأنه من جيل صنع النصر، وأعاد الأرض.. جيل يعرف يعنى إيه وطنية ويعنى إيه وطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.