ولد سيدنا أحمد البدوي رضي الله عنه في عام 596 ه بمدينة فاس بالمغرب والتي كانت تسمى مراكش وكان أجداده الشرفاء انتقلوا أيام الحَجاج إلى أرض المغرب لما كثر القتل في الأشراف، ولما بلغ سبع سنين سمع أبوه قائلا يقول له في منامه :يا علي انتقل من هذه البلاد إلى مكة. وانتقل بعائلته وتوفي بمكة بعد فترة قصيرة ، قال الشريف السيد حسن أخو السيد أحمد:توفي والدنا رحمه الله تعالى فأقمت أنا وإخوتي وكان أحمد أصغرنا سنا وأشجعنا قلبا وأحفظنا لكتاب الله تعالى ، وكان لكثرة تلثمه سميناه بالبدوي وكان أشجع فتيان مكة، أحب الفروسية والخيل والمنازلة واشتهر بشجاعته وسماه فرسان مكة أبو الفتيان لشدة شبهه بالإمام على كرم الله وجهه في فتوته وأخلاقه وشجاعته. ثم اتخذ من جبل أبي قبيس بمكةالمكرمة خلوة لعبادته ومناجاة ربه وخرج من خلوته مرتحلا إلى العراق عام633 ه لزيارة مقامي الإمامين الرفاعي والجيلاني رضي الله عنهما ثم عاد إلي مكة سنة 635 حتى أتاه الأمر بالانتقال إلى طندتا واستقبله أهلها بالحب والترحاب ولما وصل إلى طندتا دخل إلى دار بن شحيط شيخ البلد فصعد إلى سطح غرفته، وأقام فوق السطح نحو اثنتي عشرة سنة، وكان يمكث الأربعين يوما فأكثر لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ذكر ذلك الحافظ ابن حجر، ومن هنا كان الناس يقولون فلان من أصحاب السطح، ويقولون سيدي أحمد السطوحي. فقد عاش علي السطح لايظله سقف و لا يحجبه شئ عن السماء حتى سموه السطوحى وهي إشارة ظاهرية إلى معنى باطني جميل يسميه أهل الطريق عيسوي المقام وكان يربي المريدين والسالكين حتى يستقيموا فيرسلهم للدعوة في ربوع مصر والشام والعراق واليمن ومكة والمغرب وكان أهل عصره يلقبونه بحر العلوم وله كرامات لا تعد فهو بحر بلا قرار وتعتمد طريقته علي كثرة الذكر والعبادات والمجاهدات والقيام والأوراد . وعاصر من الحكام الملك الكامل والعادل والصالح أيوب وشجرة الدر والمعز أيبك والمنصور وقطز والظاهر بييبرس. وكان الظاهر بيبرس يحبه ويزوره ويعتقد في ولايته وبركته . وحضر معركة المنصورة ومريديه التي انتهت بهزيمة الصليبيين بلا رجعة في المنصورة وقد ظهرت له كرامات شهيرة بإتيانه بالأسرى في قيودهم . فتغنت مصر كلها بذلك وصار تراثا للشعب المصري على الآن لا ينكره إلا جاهل. الله الله يا بدوي جاب الأسري وقد اثبت هذه الكرامة الإمام الشعراني في ترجمته عن السيدأحمد البدوي رضي الله عنه واثبتها الإمام السيوطي كذلك ، ولقب بعدها بلقب (جياب الاسير). وتكررت هذه الكرامة للسيد أحمد البدوي (جياب الاسير) بعد انتقاله إلى جوار ربه ، حيث يذكرالمحدث العدل أبي المحاسن يوسف: ...ومما بلغني من جماعة من أهل بيروت قالوا أسرتنا الفرنج وكنا اثني عشر رجلا، فأقمنا في بلاد الفرنج يستخدموننا في الأعمال الشاقة حتى كدنا نموت، فألهمنا الله تعالى يوما أننا قلنا يا سيدي أحمد يا بدوي إن الناس يقولون إنك تأتي بالأسرى إلى بلادهم سألناك بالنبي صلى الله عليه وسلم أن تردنا إلى بلادنا قالوا ففي ذلك اليوم نزلنا مركبا ليس فيها أحد وقذفنا. فلم يشعر بنا الفرنج حتى سرنا في البحر نحو ميلين، فخرجوا وراءنا، فلم يدركونا إلى أن وصلنا بلادنا ببركة سيدي أحمد البدوي.اه. ومن أقوال الإمام الجليل السيد أحمد البدوي رضي الله عنه: أشفق علي اليتيم وأكس العريان وأطعم الجوعان وأكرم الغرباء والضيفان عسي أن تكون عند الله من المقبولين ، ولا تشمت بمصيبة أحد ولا تنطق بغيبة ولا نميمة ولا تؤذ من يؤذيك وأعف عمن ظلمك و أعط من حرمك واحسن إلي من أساء إليك. وقال رضي الله عنه وارضاه :علامات الولي12 أن يكون عارفا بالله . ومراعيا لله . متمسكا بسنة نبيه . وأن يكون دائم الطهارة . راضيا عن الله موقنا بما وعده الله. يائسا مما في أيدي الناس . وأن يتحمل أذى الناس . ومبادرا لأوامر الله . وأن يكون شفوقا علي خلق الله .ومتواضعا للناس . وأن يكون عالما بأن الشيطان عدو له. ومن وصايا ه أيضا ما أوصى به ولده و خليفته سيدى عبد العال : أوصيك بتقوى الله في السر والعلانية . ملازمة السنة والجماعة في كل وقت .