لم يتوقع أكثر المتشائمين أن تتحول مسيرة "الغضب النبيل"، إلى ساحة قتال أطفأ لهيبها ضوء الشموع التي كان يحملها أعضاء الاتحاد القبطي المصري، وشباب الأقباط، ويتبدل الضوء الخافت إلى ألسنة لهب متصاعدة على امتداد كورنيش ماسبيرو. قرابة السابعة مساء كان شباب الأقباط وقيادات أعضاء الاتحاد القبطي المصري، ينظمون وقفة احتجاجية خاصمت صمتها، وانطلقت الهتافات المتصاعدة ضد المجلس العسكري، إلى جانب هتاف "مسلم ومسيحي إيد واحدة "، وعقب د.إيهاب رمزي منسق الاتحاد على الوقفة، قائلا "ستنتهي في الثامنة مساء"، نافيا الدخول في اعتصام أمام مبنى التليفزيون، مطالبا بضرورة استيعاب رسالة الأقباط. لم يلبث رمزي إنهاء حديثه حتى سرت شائعة داخل أوساط المتظاهرين أن المسيرة القادمة من شبرا، تعرضت للرشق بالحجارة من جانب بعض المواطنين، وقتها لاحت سيارات تحمل الصلبان وأعلام مصر، وبعض الكهنة ليتأكد وصول مسيرة اتحاد شباب ماسبيرو القادمة من دوران شبرا، بالتزامن توجه مجموعة من شباب الأقباط إلى أفراد الشرطة العسكرية المتواجدين على الرصيف المقابل للمتظاهرين ، وشرعوا في إلقاء الحجارة عليهم ، وسط محاولات من منظمي المظاهرة لمنع التراشق لكنها باءت بالفشل. رد فعل أفراد الشرطة العسكرية كان في إطلاق الأعيرة النارية في الهواء، وتصاعدت الاشتباكات بين الجانبين لتتحول منطقة كورنيش ماسبيرو إلى ساحة لم يخمد لهيبها بعد. انقسم الأقباط إلى فريقين أحدهما لاذ بالفرار، وأختبأ داخل بعض العقارات المجاورة، فيما واصل فريق آخر مقاومة أفراد الشرطة العسكرية التي كثفت من أعيرتها النارية في محاولة لتفريق المتظاهرين، بعدها واصل شباب الأقباط عمليات الرشق بالحجارة، من الشارع المؤدي إلى هيلتون رمسيس ، وامتداد كورنيش ماسبيرو، وأقام جنود الأمن المركزي جدارا عازلا بين قوات الشرطة والعسكرية والمتظاهرين من ناحية شارع هيلتون رمسيس، بينما استمر الفريق الآخر في مواصلة عمليات الكر والفر التي تمخضت عن سقوط جرحى وقتلي من الجانبين. وانتقلت المناوشات إلى جنود الأمن المركزي، بعد إحراق مدرعة خاصة بالقوات المسلحة، وبعض السيارات المتواجدة في شارع ماسبيرو، وامتلأ كوبري 6أكتوبر بالمواطنين في مشهد يذكر بأيام الغضب الأولى لثورة يناير. مع تزايد عدد المصابين بحالات الاختناق عقب إطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع، دعا عدد من شباب الأقباط إلى نقل التظاهر إلى ميدان التحرير، ليسدل الستار على الشموع التي أطفأتها موجات الدخان المتصاعد.