فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية فى فرنسا اليوم والترقب يحبس الأنفاس    القاهرة تسجل 36، درجات الحرارة اليوم الأحد 7-7-2024 في مصر    واقعة غريبة، رجل يعض ثعبانا حتى الموت    للمرة 227 خلال 14 عامًا.. انقطاع الكهرباء في جميع أنحاء نيجيريا    قمامة وإشغالات.. محافظ القليوبية بجولة مسائية: تفعيل سياسية الثواب والعقاب ومحاسبة المتقاعسين (صور)    نشرة «المصري اليوم» الصباحية: أسعار الذهب اليوم الأحد 7 يوليو 2024 للبيع والشراء.. تعليق ناري من شريف إكرامي على وفاة أحمد رفعت    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»:«تليف في القلب».. تفاصيل جديدة عن وفاة أحمد رفعت.. «التعليم»: إعادة امتحان الكيمياء للثانوية العامة ب«لجنة الدقهلية» في هذه الحالة    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه.. اليوم الأحد 7 يوليو    مواعيد مباريات نصف نهائي كوبا أمريكا سنة 2024    يورو 2024| مواجهات نصف النهائي.. مواعيد المباريات والقنوات الناقلة    حادث مروع.. غرق 5 لاعبين من فريق مغربي شهير    التعادل يحسم الوقت الأصلى لمباراة أوروجواى ضد البرازيل فى كوبا أمريكا    استشهاد 13 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين في غزة    "أطلع هُنا" رابط نتائج البكالوريا سوريا حسب رقم الاكتتاب عبر موقع وزارة التربية السورية moed gov sy    ذكرى استشهاد البطل أحمد المنسى في كاريكاتير اليوم السابع    أمن قنا يحرر طفلًا بعد ساعات من اختطافه ويضبط الجناة    واشنطن بوست: فريق بايدن لم يتمكن من احتواء أزمة فشله خلال المناظرة مع ترامب    تركي آل الشيخ: «الفيل الأزرق 3» هيروح في حته تانية ونتفاوض على جزء رابع    اهتمام الرئيس السيسي أكسب الحوار الوطني ثقلا مجتمعيا وسياسيا.. والهدف خدمة الشعب المصري    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة بلدات في الضفة الغربية    «كان شايل جبل على كتفه».. رسالة مؤثرة من شقيق أحمد رفعت بعد وفاته    ضياء السيد: رفعت صاحب شخصية قوية منذ صغره وكنا نستعد لعودته للملاعب وتفاجئ بانضمامه للمنتخب مع كيروش    3 ناجين و2 مفقودين.. القصة الكاملة لكارثة غرق 5 لاعبين من اتحاد طنجة المغربي    وزير التموين: الدعم يعد الملف الرئيسي ولا بد من وضع إجراءات لتنقية البيانات    عاجل - مع بداية العام الهجري شاهد خطوات استبدال كسوة الكعبة 1446    جوري بكر تعلق على انتقادات فتح شاطئ لعمال الساحل الشمالي.. ماذا قالت؟    خالد الجندي: هجرة الرسول تمثل القدرة على اتخاذ قرار.. ونتج عنها ميلاد أمة    «زي النهارده».. اليوم العالمي للشيكولاتة 7 يوليو 2009    وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة يشهدان الاحتفال بالعام الهجري الجديد    رئيس كفر الدوار يتابع التزام المحال التجارية بمواعيد الغلق    نشوى مصطفى تتعرض لحادث بسيارتها.. وتعلق: "ربنا نجانى برحمته ولطفه"    كوبا أمريكا 2024| تشكيل منتخب البرازيل لمواجهة أوروجواي    رئيس مودرن سبورت: الحديث عن مستحقات أحمد رفعت «سابق لأوانه»    مقتل شخصين إثر قصف روسي على مبانٍ في خيرسون الأوكرانية    ماذا يريد الشعب من الحكومة؟    جريمة موثقة أضرت بالتعليم.. نقابة المحامين تعلق على واقعة الغش الجماعي بالدقهلية    بحضور حسام حبيب.. جهات التحقيق تعاين الاستوديو محل الاعتداء على شيرين عبد الوهاب    جمال شعبان يكشف مفاجأة عن سبب وفاة أحمد رفعت    سحر القهوة: تاريخها، فوائدها، وأثرها الثقافي في العالم    جمال علام: وفاة أحمد رفعت صادمة لجميع المنظومة.. وأجهزة صدمات القلب موجودة    بالأسماء، ترشيحات نقابة الصحفيين لممثليها في عضوية الأعلى للإعلام والوطنية للصحافة    آخر فرصة للتقديم.. وظائف خالية بجامعة الفيوم (المستندات والشروط)    وزير التموين: التسعيرة الجبرية ليست حلا.. ونعمل على زيادة الدعم في الموازنة المقبلة    الأكاديمية العسكرية المصرية تحتفل بتخرج الدفعة الأولى (ب) من المعينين بالجهات القضائية بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية الحربية    حظك اليوم برج القوس الأحد 7-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    استدعاء شيرين عبدالوهاب للتحقيق في بلاغها ضد حسام حبيب بضربها    الكلية العسكرية التكنولوجية تستقبل وفدًا من جامعة العلوم للدفاع الوطنية الصينية    اليوم غرة محرم.. العام الهجري الجديد 1446    لليوم ال 274.. الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعيةوينسف المبانى بالشجاعية و"غوتيريش" يحذر من حرب شاملة    وفاة مسن ضربه أبناء شقيقه بعصا على رأسه في الغربية    نادر شوقي يفجر مفاجأة بشأن وفاة أحمد رفعت    عاجل.. رئيس مودرن سبورت يكشف تفاصيل عقد أحمد رفعت وقيمة راتبه المستحق لأسرته    احذروا.. تناول هذه الإضافات في الآيس كريم قد يشكل خطراً على الصحة    «الطرق والمستشفيات والتعليم والقمامة».. ملفات على طاولة محافظ المنوفية بعد تجديد الثقة    سبّ وضرب في اللايف.. كواليس خناقة داخل مستشفى بأكتوبر    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غسان شربل يكتب : معركة موقع لبنان
نشر في الوفد يوم 22 - 02 - 2016

لاحظت أن فؤاد بطرس وزير خارجية لبنان السابق، الهادئ والمتحفظ، ضغط مرات عدة بيده على جبهته وكأنه يطالب ذاكرته بالاستيقاظ التام والإنصاف الكامل. شعرت بشيء من الحرج. قلت له: «أخشى أن أكون أزعجتك بالأسئلة». أجاب: «لا أبداً لكن حين يتحدث مسؤول سابق مثلي عليه أن يكون أميناً ودقيقاً. لا يحق لنا أن نخطئ بحق الحقيقة والبلد والأشخاص».
عاد إلى بالي مشهد فؤاد بطرس، رحمه الله، حين رأيت وزير خارجية لبنان الحالي جبران باسيل يتخذ في الاجتماعين العربي والإسلامي الموقف المؤسف من مسألة الاعتداء على المقرات الديبلوماسية السعودية في إيران. كان على الوزير أن يأخذ في الاعتبار البديهيات التي يجب أن تحكم الموقف اللبناني. وهي أن لبنان بلد عربي درج على الإفادة من الدعم السعودي السياسي والمالي كلما عصفت به الأزمات أو الأخطار. وكان عليه أن يفكر بمصالح مئات آلاف اللبنانيين العاملين في السعودية والخليج. وأن يتوقع كوزير للخارجية أن لا تتبنى السلطات الإيرانية نفسها ممارسة من هذا النوع. وكانت الحصافة تقضي أن لا يعتبر نفسه أقرب إلى إيران من وزير خارجية العراق الذي أيّد قرار الإدانة. تمنّيت يومها لو أن الوزير باسيل قرأ يوم جلس في مكتب فؤاد بطرس مذكرات الأخير وحواراته.
لا أريد المبالغة في تحميل باسيل المسؤولية. إنه وزير في حكومة تشبه سفينة مثقوبة تعاند للبقاء على قيد الحياة في جمهورية سائبة مقطوعة الرأس. كان عليه ببساطة قبل الذهاب أن يصوغ مع رئيس الحكومة تمام سلام موقفاً يراعي هويّة لبنان ويحفظ مصالح اللبنانيين. لكن الحكومة حكومات والجمهورية جمهوريات. وإذا كانت تحكّمت بموقف الوزير رغبته في الحفاظ على الحظوظ الرئاسية لعمّه العماد ميشال عون فإن رصاصته أصابت هذه الحظوظ قبل أن تصيب غيرها.
كان موقف باسيل من قماشة المواقف التي تفوق قدرة لبنان على الاحتمال. فالوزير يعرف بالتأكيد الدور الذي لعبته السعودية في إنهاء الحرب في لبنان عبر اتفاق الطائف. ويعرف مساهماتها في تجنيبه الاختناقات المالية. ويعرف أن خصوصية هذه العلاقة دفعت السعودية إلى الإعلان عن مساعدة غير مسبوقة للجيش اللبناني وقوى الأمن. وكان يفترض بالوزير أن يعرف أيضاً أن السعودية تشعر اليوم بأنها مستهدفة بمحاولات تطويق واستنزاف ترمي إلى تهديد موقعها ودورها واستقرارها ما دفعها إلى مغادرة سياسة الصبر إلى سياسة الرد والقرار.
أعرف «أن القصة أكبر من باسيل». أكتب بعدما سمعت كلاماً صعباً من رجل عاقل محب للبنان. قال: «كنا نعتبر لبنان شرفة عربية ومصدر إلهام في التعايش وقبول الآخر والانفتاح. للأسف لقد تغير لبنان».
وأضاف: «لنكن واقعيين. هناك معركة حول موقع لبنان الإقليمي ترشّح هذا البلد لخسارات كبيرة. يقف الخليجيون اليوم على عتبة اليأس من قدرة لبنان على الاحتفاظ بموقعه كبلد عربي يعيش تحت سقف الإجماع العربي محتفظاً بعلاقاته مع معسكر الاعتدال العربي».
ورأى «أن معركة موقع لبنان بدأت قبل اندلاع الحريق السوري. يمكن إيراد محطات عدة في هذه المعركة. اغتيال رفيق الحريري لم يكن حدثاً عابراً وله علاقة بدوره في تثبيت موقع لبنان العربي. حرب 2006 محطة أخرى كانت ترمي في جانب منها إلى التغلب على آثار الانسحاب السوري من لبنان وتكريس «حزب الله» وكيلاً للدورين الإيراني والسوري في لبنان. منع الحكومات التي شكّلت بعد الانسحاب السوري من الحكم والاستقرار كان جزءاً من معركة الموقع».
وقال: «حاولت السعودية إنقاذ سورية ولبنان من الانزلاق إلى موقع مناقض لطبيعتهما ومصالحهما. هذه كانت الفكرة الحقيقية وراء ما عرف بال «سين سين» أي السعودية وسورية. كان الغرض إعادة التوازن إلى سياسة سورية الإقليمية بعدما أخذها بشار الأسد وبتأثير من «حزب الله» إلى موقع التطابق مع السياسة الإيرانية في الإقليم. وكان الغرض أيضاً تصحيح العلاقات السورية - اللبنانية وحفظ الموقع العربي للبنان. تنبّهت إيران إلى هذه المحاولة وتولّى «حزب الله» بموافقة سورية إحباطها».
وأضاف: «كانت السين سين فرصة لنظام الأسد وكانت فرصة للبنان لكنها ضاعت. الآن تغيّر لبنان وتغيّر الخليجيون أيضاً. إنهم ليسوا جمعية خيرية خصوصاً حين ينخرط لبنانيون في سياسة استهداف السعودية ومحاولات تطويقها ويتابعون مصادرة القرار اللبناني لترسيخ موقع لبنان في الهلال الإيراني. قرار السعودية مراجعة علاقاتها مع لبنان هو ترجمة لسياسة جديدة تقوم على مواجهة محاولات تكريس الأمر الواقع الإيراني في أكثر من عاصمة عربية. على اللبنانيين أن يختاروا ولكل خيار ثمن».
أعرف «أن القصة أكبر من باسيل وأكبر من لبنان لأنها تتعلق بمستقبل التوازنات في الإقليم». لكن موقفه كان الشرارة التي استدعت الموقفين السعودي والخليجي وأدّت إلى تظهير المعركة الدائرة حول موقع لبنان. واضح أن لبنان يقف على أبواب معركة داخلية صعبة. يضاعف من التعقيد أن الحل في سورية لن يكون بالضربة القاضية. وأنه سيكون روسياً لا إيرانياً. ومطالبة موسكو الأسد بالاستماع إلى نصائحها كثيرة الدلالات. لا عودة إلى سورية السابقة. فهل تصرّ إيران على الحصول على التعويض في لبنان؟ معركة موقع لبنان لن تكون سهلة أبداً وقد تعزّز الافتراق بين «الأقاليم» اللبنانية.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.