أصبحت أحوال المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية بالقليوبية سيئة، تحتاج إلى إعادة صياغة، وتغيير شامل فى منظومة الأداء، لأن يد الإهمال والفساد لم تترك أى شىء إلا وطالته بل وانتشرت فيه وتوغلت بكافة أركانه. الأحوال ببساطة داخل مستشفيات المحافظة تعبر عن اللامبالاة والاستهتار بالمال العام وبأرواح البشر بل ويعبر مأساة ضحيتها أولا وأخيرا هو المواطن الفقير المريض الذى لا يبحث سوى عن برشامة رخيصة للشفاء، ولكنه أصبح الآن لايجدها؛ فالأطباء غير موجودين والتمريض صار بالممارسة قادرا على التشخيص وصرف العلاج بل وكتابة التقارير الطبية. جولة الوفد فى مستشفيات المحافظة رصدت الواقع المر الذى صار عنوانا واضحا فى بنها عاصمة المحافظة . يقول أسامة درويش - أحد أبناء مدينة بنها - إلى متى سيستمر سوء الأوضاع الصحية مثارا لتساؤلات أبناء المدينة فالإهمال لم يترك أى شىء فى المستشفيات الموجودة بها وجولة واحدة لأى مسئول ستكشف له الواقع المر؛ ففى مستشفى التأمين الصحى وبنها العام والحميات نجد مترادفا واحدا هو الإهمال فى الإنشاءات وأكوام القمامة والوضع المتردى والخدمة الطبية المتدنية بالرغم من ملاصقتها لمبنى مديرية الصحة واقترابها من مكتب وكيل وزارة الصحة.
انتقد الناشط السياسى سامى عبد الوهاب وعضو المجلس المحلى ببنها سابقا سوء الأوضاع بمستشفى التأمين الصحى ببنها وتساءل عن أسباب تأخر حل قضية المبنى الجديد للمستشفى والتى توقفت أعمال إنشائه بسبب فروق الأسعار مع المقاول. وأشار إلي الإهمال الصارخ فى المال العام وإهدار أموال الدولة بعد إنفاق أكثر من 40 مليون جنيه على المبنى الجديد، الذى صار جثة هامدة فى العراء عرضة للتلف فى الوقت الذى يعانى فيه المبنى القديم من صعوبة أداء الخدمة فيه لقلة عدد الأسرة وضيق مساحة المبنى لدرجة جعلت المسئولين عن المستشفى يقومون بتحويل الحالات إلى بنها العام والجامعى، إضافة الى تحصيل رسوم تحسين خدمة رغم غياب الخدمة وتعطل المصاعد وسوء التعامل مع المرضى. وقال عبد الوهاب متسائلا من المسئول عن هذا الإهمال؟ بعد إن تحول المبنى إلى مأوى للكلاب والقطط الضالة، متهما هيئة التأمين الصحي بالتسبب في إهدار المال العام نتيجة توقف العمل في إنشاء مستشفي التأمين الصحي ببنها والذي بدأ العمل به في عام 2002 ولم يكتمل حتي الآن . وأضاف أن آمال وأحلام مواطني القليوبية عموما وبنها خصوصا تبخرت بعد توقف العمل بالمبنى الذي يضم 400 سرير وغرفة عمليات وشبكة غازات ووحدة عناية مركزة وتكييفا مركزيا بكل دور ووحدة غسيل كلوي وجراحة مخ وأعصاب ومقرا إداريا وسكنا للأطباء وحضانة للأطفال وقسما للآشعة المقطعية.
وأضاف أنه تم إسناد المبني إلي مقاول مقابل 40 مليون جنيه في بداية عام 2002 علي أن يتم الانتهاء من المبني أواخر عام 2003، وتوقف العمل في المبني بحجة أن الحديد والأسمنت ارتفعت أسعارهما وطالبت الجهة المنفذة زيادة المبلغ بعد فترة توقفت ووافقت الهيئة علي الزيادة التي طلبتها الجهة المنفذة لاستكمال المبني مرة أخري.
وقال "بدأ العمل وطلبت الهيئة دفع الشرط الجزائى للتأخير والذي قدر بنحو مليوني جنيه في الوقت الذي حصل فيه المقاول علي مليون جنيه، وتوقف المقاول عن العمل مرة أخري وانتقل الموضوع برمته إلي المحاكم والنيابة العامة وتم إرساء إكمال المبني علي مجلس الدفاع الوطني وذلك لطلب شهادة صلاحية للمبني من أي جهة هندسية عليا تفيد صحة وسلامة المبني. فما الحل هل تذهب 40 مليون جنيه في الأرض لمبني اقترب أن يصدر له قرار إزالة قبل أن يسلم وأصبح مأوي للكلاب الضالة والقطط والفئران والحشرات. كما أن المعدات التي تم التعاقد عليها أكلها الصدأ وانتهت فترة صلاحيتها فمن يتحمل هذا الخراب والدمار ومن يحاسب من؟. وأشار محمد عبد الفتاح موظف إلي أن أكبر عدد ممكن من المرضي يتم تحويله إلي مستشفيات الجامعة والحميات والمستشفي التعليمي ومستشفي النيل بشبرا وتأمين مدينة نصر وأنه ببساطة يجب علي المريض أن يدور كعب داير لكي يجد له سريرا يأويه، والمستفيد الوحيد هو أصحاب المستشفيات الخاصة ومعامل الآشعة والتحاليل حيث وصل سعر الليلة الواحدة في المستشفيات الخاصة الي 1000 جنيه بالإضافة إلي إسناد الاشعة إلي معامل خاصة بالاسم . أما عن بنها الجامعى، فيقول على مجاهد عضو المجلس المحلى بمركز بنها سابقا، الخدمة المقدمة سيئة والمصاعد دائمة التعطيل وأجهزة الأشعة المقطعية دائمة التعطيل أيضا وبفعل فاعل واسألوا القائمين عن المستشفى عن أسباب ذلك وسوء توزيع للأقسام؛ فالعظام فى الدور السابع وقسم النساء فى الدور السادس بعيدين عن الاستقبال والأشعة ولا توجد محرقة بالمستشفى ولكم أن تتخيلوا كيف يتم التخلص من النفايات وتساءل مجاهد عن أسباب الإغلاق المتكرر لقسم الاستقبال وغياب الأساتذه عن متابعة المرضى وترك الأمر فى يد أطباء الامتياز.
وانتقد تامر بسيونى نائب رئيس لجنة شباب الوفد بالقليوبية سوء الأوضاع فى مستشفيات شبرا ، وقال "سبق أن ناقشنا أكثر من مرة من خلال طلبات إحاطة مأساة المواطنين بمدينه شبرا وعدم وجود محارق للنفايات واللجوء لإحدى محارق شبين القناطر بالإضافة إلى عدم وجود استقبال بمستشفى بهتيم وتزويغ الأطباء ووجود أطباء امتياز فقط وانعدام الخدمة ليلا وقيام التمريض بتقديم الخدمة وصرف العلاج وكتابة التقارير.
وأشار بسيونى إلى استغلال الأطباء للمصالح الشخصية وتحويل مستشفى بهتيم إلى عزبة لخدمة الأطباء العاملين بها وفتح غرف العمليات الخاصة بعياداتهم مقابل الاتفاق السرى مع الإدارة وعدم حصول المواطنين على إيصالات بالخدمات المقدمة. وانتقد أحمد بدراوى المسلمى سوء أحوال قسم الغسيل الكلوى بمستشفى شبين القناطر وأكد أن قسم الغسيل الكلوى مهدد بالتوقف لنقص الأجهزة وخاصة فى ضوء ارتفاع نسبة الإصابة بالفشل الكلوى فى نطاق قرى المركز والمدينة وفى العبور انتقد سعيد عمارة عدم وجود مستشفى حكومى، حيث إن المركز الطبى الموجود بالمدينة يغلق أبوابه مبكرا ويترك المرضى فريسة للمستشفيات الخاصة، والحال نفسه ينطبق على كفر شكر التى وصلت بها سوء الأوضاع إلى إضراب أطقم التمريض أكثر من مرة. وقال أحمد الخولى – موظف - إن المستوى العام للخدمة الصحية غير مرضٍ والضمير البشرى منعدم وانتشار التزويغ من الأطباء والغياب المستمر أثر على الأداء داخل المستشفيات. وكان تقرير لجامعة بنها قد كشف ارتفاع نسبة الدرن الرئوى فى قرية كفر سعد بمركز بنها وتم إخفاء التقرير حتى لا يغضب مسئولى الصحة. هذا هو الواقع المر الذى يحياه أبناء المحافظة؛ مستشفيات غائبة ومرض يفتك بأجسادهم حتى صار الموت أقرب من الشفاء وصار الموت هو الملاذ الوحيد للهروب من الألم.