تعد صناعة الغزل والنسيج من أعرق المهن التى يعتمد عليها الاقتصاد المصرى، ويعمل بها مليون و200 ألف عامل، أى يمثلون 30% من حجم العمالة فى مصر، ومع هذا تواجه عدداً لا يحصى من الإشكاليات الكبرى، وأبرزها: نقص آليات التدريب والتأهيل المهنى، والتحفيز على الإبداع والابتكار، وعدم جدوى الشهادات الفنية العليا والمتوسطة فى سوق العمل، إضافة إلى عدم استثمار، أو توظيف المقومات التكنولوجية والتقنيات الحديثة فى تنمية مهارات قوة العمل، وضعف أساليب التطوير والتحديث بسبب قلة الموارد المالية، ومشاكل التعثر.. ومن منطلق التوسع لتنمية مستدامة صناعياً واقتصادياً واجتماعياً - كان لزاماً وضع استراتيجيات ل «إنقاذ صناعة الغزل والنسيج»، التى تعد أكبر قطاع صناعى فى مصر.. وبالتالى بناء القدرات المتكاملة للأيدى العاملة الماهرة فى قطاع صناعة الغزل النسيج – وفق رؤى تنموية واضحة وجادة – ضرورة ملحة - بما يهدف إلى صقل المهارات، وزيادة كفاءة وإنتاجية العامل المصرى، وتطوير الحرف المختلفة، ورفع جودة مخرجاتها، مع وجود بنية تشريعية تحمى وتصون الحق فى العمل، وفتح آفاق جديدة للتسويق داخلياً وخارجياً، خصوصاً مع انخفاض معدل التنمية.. وذلك لما يلعبه قطاع صناعة النسيج، من دور هام فى دفع عجلة النمو الاقتصادى بشكل عام، بما يساهم فى عملية التنمية والإصلاح الاقتصادى. مؤخراً، قال فايز عز الدين، رئيس غرفة التجارة الكندية فى مصر: «إن اتحاد الغرف التجارية الكندى قرر منح الصندوق الاجتماعى للتنمية مبلغ 6 ملايين دولار، بغرض التدريب الفنى والمهنى ل 10 آلاف موظف من العاملين بقطاع النسيج فى مصر». وعن أحدث تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، كشف إهدار 404 ملايين جنيه بنسبة 11%، من الأصول الثابتة والمشروعات تحت التنفيذ البالغة 3 مليارات و689 مليون جنيه فى قطاع الغزل والنسيج. مشيراً إلى أن قيمة الإهدار بهذا القطاع بلغت 13% من جملة الطاقات البشرية العاطلة والأموال غير المستغلة بشركات القطاع العام. وطبقاً للبيانات والمعلومات المتداولة، يبلغ عدد مراكز تدريب العمالة المصرية فى مجال التأهيل المهنى الحكومية والخاصة، والتابعة لشركات قطاع الأعمال العام ما يعادل 806 القطاع الخاص، أى تمثل صناعة النسيج ما لا يقل عن 30% من قوة العمل، و25% من الصادرات الصناعية، وبلغ متوسط دخل العامل شهرياً ما بين 700 و800 جنيه، بينما بلغت خسائر هذه الصناعة ما يقرب من 4 مليارات جنيه، وفقاً لاتحاد الصناعات المصرية. عمال مصر.. دعامة التنمية بداية، قال الدكتور يحيى الزنانيرى، نائب رئيس قسم المنسوجات للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية: إن العمالة لديها استعداد وقدرة على التطوير، لو أتيحت لها فرصة التدريب على التكنولوجيا الحديثة، وربط الأجر بالإنتاج، وإعطاءهم حقوقهم وتعريفهم واجباتهم، مع أهمية إعادة النظر فى قوانين العمل، ودعم القطاعات الإنتاجية، للحفاظ على الصناعة الوطنية، ووقف نزيف الاحتياطى الأجنبى. وهناك مشاكل تواجه منتجى الصناعات النسجية، وأهمها التمويل، والتدريب الذى يتواءم مع المتغيرات التكنولوجية، وتأخر صرف المكافآت للعاملين، وعدم جدوى الشهادات الفنية العليا والمتوسطة، وتعثر عدد كبير من المصانع عن الإنتاج خلال فترات طويلة، وهو ما يتطلب بحث احتياجات هذه الصناعة الهامة، وحل مشاكلها بشكل سريع وعاجل، لأن أساسيات الإنتاج هى العمالة الماهرة والماكينات والخامات، بما يحقق الوصول إلى منتج بجودة عالية وتكلفة منخفضة والمنافسة فى الأسواق العالمية. منهجية التغيير والتطوير وبخصوص قدرة العامل على النجاة بصناعة النسيج، يوضح الدكتور مجدى طلبة، رئيس المجلس التصديرى السابق للملابس الجاهزة: أهمية إعداد خطط وبرامج تنموية طموحة فى مجال التعليم الفنى وتدريب العنصر البشرى، بالاستعانة بتجارب الدول المجاورة مثل المغرب وتونس، وأيضاً الدول الأسيوية والأوروبية فى إنجاح القطاعات الإنتاجية، بغرض تحسين الأداء وزيادة الدخل القومى، باعتباره صانع التنمية وهدفها، وهذا يتحقق من خلال برامج التدريب، التى تشرف عليها وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة القوى العاملة، والهيئات المعنية بالتدريب الفنى والصناعى، للأيدى العاملة بالقطاع من أجل بناء الخبرات المتكاملة، وإرسال العاملين للخارج للتأهيل الفنى والمهنى، وصقل المهارات، وتهيئة ظروف العمل المناسبة، لإعادة النهوض بقطاع الغزل والنسيج، حتى تتحقق عنصر الجودة، واستحداث معدلات لقياس الأداء، مع أهمية زيادة التعاون بين القطاعين العام والخاص، من أجل تبادل الخبرات، والمساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة، وإصلاح قوانين العمل التى بها تشوهات ولابد من تعديلها، بما يساهم فى نهضة الوطن. ومن بين ما يجرم به الخبراء أن دول شمال أفريقيا وعلى رأسها مصر تعانى من تدنى مستوى التدريب والوظائف وعدم استقرارها، بين الفئة العمرية «18 - 64 عاماً»، مقارنة بسوق العمل فى معظم دول العالم سريعة النمو وتشجع على الاستثمار وخلق فرصة عمل، وفقاً لأحدث دراسة للبنك الدولى للفترة «2010 إلى 2050» كما تدعو الكفاءات العلمية فى هذا المجال إلى ضرورة تطوير أنظمة التعليم الفنى والتدريب المهنى من حيث السياسات والأهداف والبنية المؤسسية، وبرامج وأساليب التعليم والتدريب.. وغيرها، وذلك لسد الفجوة بين متطلبات أسواق العمل ومخرجات المدارس والمعاهد الفنية ومراكز التدريب، بما يؤدى إلى خفض نسبة البطالة، واكتساب المهارات العملية، وتعزيز قدرة العامل على الإبداع والابتكار، ويلبى الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية، وفى ضوء ذلك يتوقع خبراء البنك الدولى وصول قوة العمل فى مصر إلى 43 مليون عامل، وزيادة حجم الصادرات فى قطاع الغزل والنسيج إلى 36 مليار جنيه. الأجور أولاً «حال عمال الغزل والنسيج بعد ثورة يناير أسوأ مما كان».. هذا ما قاله ناجى رشاد، القيادى العمالى، عضو اللجنة المؤقتة لإدارة اتحاد العمال سابقاً. ويرى «رشاد»: ضرورة النظر إلى شئون آلاف عمال الغزل والنسيج الكادحين ومشاكلهم التى تمس «لقمة العيش»، بما يضمن معايير عمل آدمية، وإصلاح حقيقى لشئونهم الاقتصادية والاجتماعية والنقابية، لأنه من غير المعقول استمرار حالة التهميش والظلم الذى يعانى منها العمال. ومن المعروف أن العامل يمثل أهم أضلاع مثلث الإنتاج، ويليه المعدات، وبيئة العمل، وعندما يكون العمل مناسباً لقدرات العامل وأهدافه وحدود إمكانياته، تكون مخاطر العمل تحت السيطرة الكاملة، ويكون الوصول إلى الأهداف المنشودة للعمل مصدراً مهماً للرضا واحترام الذات. وبما أن العمال كانوا فى صدارة من أشعلوا جذوة ثورتى 25 يناير و30 يونية منهم يطمحون لتطبيق شعار الثورة «عيش – حرية – عدالة إجتماعية – كرامة إنسانية مصانة»، حتى لا يشعر العامل فى المصانع أو الورش الإنتاجية بأن كرامته مهانة داخل بلده، بسبب السعى لتوفير ما يفى بالاحتياجات الأساسية للمعيشة، كما أن كافة القوانين والدساتير المصرية تنص على ضرورة وضع حد أدنى للأجور، مع وجود مجلس قومى للأجور، يمكن له بحث جميع مشاكل العمالة المنسية. مؤشرات وأرقام * يستحوذ قطاع صناعة الغزل والنسيج على 35% من حجم العمالة المصرية * 13% من الطاقات البشرية «عاطلة» والأموال «غير مستغلة» بشركات قطاع الأعمال * 11 ألفاً و149 منشأة تعمل فى صناعة النسيج.. و58 ألفاً و521 منشأة بقطاع الملابس الجاهزة * 806 مراكز تأهيل فنى «عام – خاص».. و20 مركزاً لتدريب «القيادات العليا». * ويبلغ حجم استثمارات القطاع 50 مليار جنيه * تبلغ نسبة مساهمة القطاع فى الناتج الصناعى 26.4% * تركز المصانع والورش غير الرسمية فى القاهرة الكبرى والإسكندرية والغربية.