كشف تقرير لحلف شمال الأطلسي (ناتو) عن العيوب التي شابت الحملة العسكرية التي ساهمت في الإطاحة بنظام القذافي، وعلى رأسها عجز الحلف عن تنفيذ مثل تلك الحملات دون الاعتماد الكبير على الولاياتالمتحدة، وهو ما يهدد فكرة التدخل في سورية. ومن بين العيوب، حسب صحيفة نيويورك تايمز، الصعوبة في تبادل أعضاء الحلف للمعلومات الاستخبارية، والافتقار إلى المخططين المختصين والمحللين والاعتماد الكلي على طائرات الاستطلاع الأمريكية. وتشير الصحيفة إلى أن نتائج التقرير تقوض الفكرة بأن التدخل في ليبيا شكل عملية نموذجية يمكن للناتو أن ينفذها ضمن حملة أكثر تعقيدا في سوريا دون التعويل بنسب متفاوتة على الجيش الأمريكي. فرغم المساعدة الأمريكية، كان لدى الناتو 40% فقط من الطائرات المطلوبة لاعتراض الاتصالات الإلكترونية، وهو ما قوض فعالية العملية العسكرية، كما جاء في التقرير المؤلف من 37 صفحة. وتنقل الصحيفة عن مسئولين أمريكيين لم تسمهم قولهم إن تصعيد العملية في سورية ربما يشكل تحديا أكبر من الحملة التي دامت سبعة أشهر في ليبيا وأسفرت عن الإطاحة بالقذافي، مشيرين إلى أن سوريا تمتلك جيشا أقوى، ومنظومة دفاعات جوية روسية الصنع تتطلب -وفق مسئولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)- أسابيع من الطلعات الجوية لتدميرها. ويقول دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى اطلع على التقرير -الذي انتهى العمل به في أواخر فبراير- إن التدخل في سورية يتطلب اعتمادا كليا على القدرات الأمريكية. ويتفق التقرير -الذي ينتظر أن يقره وزراء الناتو في اجتماعهم في بروكسل هذا الأسبوع- مع التقييمات الأولية بأن الطائرات الكندية والأوروبية هي التي نفذت معظم العمليات القتالية لحماية المدنيين الليبيين، في حين قدمت الولاياتالمتحدة الدعم العسكري اللازم لإنجاز المهمة. غير أن التقرير وأكثر من 300 وثيقة حصلت نيويورك تايمز على نسخ منها تقدم تفاصيل جديدة بشأن أوجه النقص في التخطيط والكوادر وتنفيذ المهمات القتالية. فيشير تقرير الناتو إلى أن المعلومات الاستخبارية بشأن الأهداف في ليبيا كانت تستقى من قواعد بيانات لدول منفردة، وأنه لا تنقل تلك المعلومات سريعا إلى أعضاء الحلف والشركاء لأسباب تتعلق "بالسرية أو بالإجراءات". وكانت قيادة الناتو في إيطاليا تعاني من نقص شديد في المستشارين القانونيين والمحللين ومخططي الشؤون اللوجستية والمتخصصين في اختيار الأهداف. غير أن التقرير -تقول الصحيفة- لم يلتفت إلى القضايا المثيرة للجدل التي تبعت الحملة العسكرية، منها الأسئلة بشأن القتلى المدنيين الذين سقطوا بسبب قصف الناتو، وهو ما وثقه باحثون مستقلون والأمم المتحدة على السواء. ويسلط أيضا الضوء على قضية هامة للحلف تعود إلى حروب البلقان في تسعينيات القرن الماضي، وهي أن الولاياتالمتحدة ظهرت "تلقائيا" العضو المتخصص بالناتو في التزويد بالذخائر الموجهة وبالغالبية العظمى من الطائرات المتخصصة التي تنفذ المهمات الاستطلاعية والرقابة الجوية. ورغم الانتقادات التي تضمنها التقرير، يرى العديد من المسئولين الأمريكيين وحلفائهم فيه جانبا مضيئا، حيث لعب التقرير دورا هاما في موافقة الحلف في فبراير/شباط على امتلاك أنظمة مراقبة جوية أرضية متخصصة لتعقب واستهداف القوات البرية المعادية. كما أثارت تقييمات التقرير المبادرة الفرنسية بدعم من إدارة أوباما لإقامة محور لطائرات استطلاع للحلف، بما في ذلك طائرات بريداتور وجلوبل هوك المسيرة في قاعدة صقلية الجوية بإيطاليا. واتفق وزراء الدفاع الأوروبيون الشهر الماضي على اقتراح طموح لتوسيع نطاق أسطول الحلف من طائرات التزود بالوقود، وهو إجراء آخر مدعوم أميركيا سيطرحه مسئولو الناتو في اجتماعهم بشيكاغو. غير أن نيويورك تايمز تقول إن تطبيق معظم توصيات التقرير، خاصة تلك التي تتعلق بشراء طائرات باهظة الثمن وعتاد فني، ربما يتطلب سنوات.