تحقيق الفرائض يجب أن يسيق الجدل في السنن والنوافل. وأتعجب في الحقيقة من انشغال بعض ضباط الشرطة باللحية قبل تحقيقهم لفريضة حفظ أمن الوطن والمواطنين. فقد أوجبت مقاصد الشريعة حفظ النفس والمال والعرض، وهي واجبات رجل الشرطة، فكيف ينشغل عنها الضباط، والواقع يقول أن الأرواح والأموال والأعراض غير مصانة في هذا الوطن, أحترم الحريات الشخصية، وخاصة حين يكون لها أصل شرعي، لكن الفرائض محل الإجماع يجب أن تسبق السنن أو حتى الواجبات محل الخلاف. كما أتعجب كذلك من السيد وزير الداخلية الذي جعل اللحية معركته، وأعلن الحرب عليها ولم نر منه نفس الحماس في تطهير الوزارة من رجال حبيب العادلي، ولم نر منه حتى الآن جوابا على السؤال المحوري: من يحرك البلطجة والبلطجية ويصنع الفوضى ويقتل المصريين؟! ولم نر منه حتى الآن خطة إعادة هيكلة الشرطة لتحقق الأمن وفقا لمعايير الحريات الشخصية وحقوق الانسان. يا أيها السادة لا تلهونا بمعارك جانبية ولا تشغلونا بقضايا ثانوية عن قضايانا الرئيسية. فالفرائض قبل النوافل، والجوهر قبل الشكل. والأولويات في هذا الوقت ينبغي ألا نسمح بالالتفاف عليها أو الإلهاء عنها بغيرها. حين كتبت هذا التعليق على معركة اللحية في وزارة الداخلية تلقيت هجوما عنيفا (بعضه يتجاوز أخلاقيات الاسلام) من عدد غير قليل من الذي انتقدوا ما كتبت. وأؤكد أنني لم أقلل من حكم اللحية الذي أشرت إلى أنه بين الواجب والسنة والمندوب. وأؤكد أنني بفضل الله تربيت على تعظيم شعائر الله ولو كانت غير واجبة. ولكنني تناولت أولويات المعركة مع وزارة الداخلية ووزيرها في المرحلة الحالية والتي لا زلت أؤكد أنها يجب أن تكون حول: تطهير وزارة الداخلية من كل رجال حبيب العادلي ومنهجهم الفاسد، إعادة هيكلة الوزارة على نحو يصون حرية وكرامة الإنسان، وقف البلطجة وكشف من يحميها داخل الوزارة، تحقيق أمن الوطن والمواطنين وحفظ النفس والمال والعرض. قلت ولا زلت أقول أن هذه هي الفرائض التي يجب أن نجاهد أولا في سبيل تحقيقها، وتكون هي فريضة الوقت. وعندما قال لي البعض: لماذا لا نحقق هذا وذاك معا؟ قلت في الوطن الآن آلاف القضايا الواجبة وآلاف الجرائم المنكرة التي لا نستطيع أن نخوض معاركها في وقت واحد. ومن ثم يجب أن نحدد أولوياتنا، وبالتالي تحدثت عن ترتيب الأولويات، لأني فهمت من ديني أن حفظ النفس أولى عند الله من حفظ الكعبة مع أن حفظ كليهما واجب. أتمنى على إخواني ألا يحرفوا الكلم عن موضعه أو يقتطعوا الكلام من سياقه، وأن يعذر بعضنا بعضا إن إختلفنا، وأن نلتزم جميعا أخلاق الاسلام وآدابه في الخلاف. وفقنا الله جميعا لخير ما يحب ويرضى.