"حكمت المحكمة.. بمنع أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الساقط من الترشح لعضوية مجلسى الشعب والشورى"، عبارة سحرية نطق بها المستشار حاتم محمد داود، رئيس محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، نزلت برداً وسلاماً على قوى الشعب المصري حتى أنهم وصفوها بأنها أروع حكم تاريخي بعد الثورة ، ربما لا تقل روعته عن حكم الإدانة المنتظر في نهاية محاكمة المخلوع وعصابة الثلاثين عاماُ. حكمٌ قال عنه الحقوقيون "إنه الحكم الذي يستحق أن يدخل موسوعة التاريخ" وصفق له السياسيون بالقول "إنه الحكم الذي طال انتظار الشعب المصري له" ، أما الشباب الناشطين على صفحات الفيس بوك وتويتر زادت سعادتهم بكسب أرض للحرية جديدة معتبرين "إنه الحكم الذي عجز المجلس العسكري أن يتخذ قراراً مثله..ويقضي على موافقة اللجنة العليا للانتخابات بترشح الفلول"، أما الشارع الذى أنتج الشهداء والناطق الرسمي الوحيد للثورة تنفس الصعداء متمتماً "إنه الحكم الذي سيعيد الأمور إلى نصابها وسيمنع الفلول من العودة مرة ثانية إلى الحياة السياسية". الحكم صدر وسط سعادة غامرة في الشارع المصري الذى يستعد لانتخابات أول برلمان ثوري في غضون أيام، والمحتقن جراء وثيقة الدكتور على السلمي "للإملاءات" الدستورية، والذى أعلنت قواه السياسية والوطنية عزمها النزول يوم الجمعة القادمة 18 نوفمبر الى ميدان التحرير ؛ لتحقيق مطلب نقل السلطة التى يماطل المجلس العسكري في التخلي عنها، وقد أقسم أن يحقق ما عزم عليه أو يلحق بقطار شهداء جمعة الغضب الأولي. لكمة قاضية الحكم جاء بعد نظر في الدعوى التى تقدم بها المحامي محمود حمدي للمرشح السعيد البدراوي باستبعاد جميع المرشحين الذين كانوا أعضاء بالحزب الوطني أو أعضاء مجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل، وطلبت المحكمة إدخال كلا من رئيس المجلس العسكري بصفته و رئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفته في الدعوي وهو ما تم بالفعل. الحكم كما صرح مصدر في النيابة الإدارية ل"التغيير" مثل لكمة قاضية ليس للفلول وحدهم بل ولكل الأحزاب التي رشحتهم على قوائمها، وفي حال رفض المحكمة الإدارية العليا قبول الطعن عليه، واتجهت إلى تهدئة الشارع الذى يغلي غضباً من ملفات فساد النظام الساقط وفلوله، يعتبر ملزماً ويجب تطبيقه في جميع الدوائر الانتخابية وهو ما يؤدي في النهاية إلى تأجيل الانتخابات التشريعية لتلحق بأختها الرئاسية وتستقل قطار الاحتمالات. . الفلول مناورة العسكري وكانت اللجنة العليا للانتخابات عقدت اجتماعاً مهماً بعد قرار المحكمة الادارية بالمنصورة، برئاسة المستشار عبدالمعز ابراهيم رئيس اللجنة وبحثت فيه تأجيل المرحلة الأولي لانتخابات مجلس الشعب في ضوء حكم الادارية العليا اليوم بخصوص استبعاد فلول المنحل من قوائم المرشحين. من جهته أبدي المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، شكوكه حيال تباطئ المجلس الأعلى للقوات المسلحة في عزل فلول المنحل ل "أهداف سياسية معينة"، ودعا الى تطبيق العزل السياسي حتى لا يتم تاجيل الإنتخابات وقال: "لا يوجد سبب مقنع لتأخر خروجه إلى النور، وخاصة في هذه الظروف الحالية لإبعاد كل من شارك في صنع الفساد إبان النظام السابق والمتمثلين في أعضاء المنحل". وقال أن الحكم الصادر بخصوص إستبعاد بعض المرشحين الذين كانوا ينتمون للحزب المنحل هو حكم خاص بثلاثة أو أربعة أشخاص فقط. وأشار إلى أنه يحق قانونيا للمستبعدين بالطعن على إستبعاد ترشيحهم ، لأنهم بشخصهم لا يمثلون كيان الحزب الوطني المنحل ، في حين كان حكم المحكمة الإدارية العليا السابق بحل الحزب الوطني ومصادرة أمواله دون التطرق أو إدانة أحد أعضائه بعينه بتهمة معينة. وأضاف الجمل بأن الحكم فيما يتعلق بمنطوقه ، ليس له أثر إلا فيما يتعلق بالخصوم في الدعوة ، وبالتالي فإنه من الناحية القانونية يجب الإعتراف بأن أعضاء الوطني المنحل لا تنطبق عليهم نفس الأحكام التي طالت من حزبهم. اللجنة العليا للإنتخابات تستبعد تعميم إبعاد الفلول على جميع الدوائر وكشف الجمل عن رغبة المجلس العسكري في تحقيق التوازن بين الإسلاميين بوجه عام الذين سيسيطرون علي البرلمان المنتخب من الشعب وبين الفلول، حيث يرى المجلس أنه لا داعي لتجريم أعضاء المنحل طالما لم تنسب لهم أي اتهامات بالفساد كقيادات النظام الساقط". واستبعد أن يقوم المجلس العسكري بمساندة الحكم الصادر باستبعاد الفلول ، والذي يمثل أحد أهم مطالب القوى السياسية في مصر "إلا إذا واجه ضغط حقيقي". الانتخابات ستتم رغم الطعن من جهته قال المحامي ممدوح اسماعيل، نائب رئيس حزب الأصالة، أن الحكم الذى أصدرته المحكمة الادارية في المنصورة يتسق مع الحكم الصادر من الإدارية العليا بحل الحزب الوطني ومصادرة ممتلكاته. وأضاف اسماعيل ل"التغيير" :" كان من الطبيعي إصدار هذا الحكم على أعضاء المنحل لأنهم من أفسدوا تحت لافتة الحزب الوطني الحاكم"، موضحاً أن :" المجلس العسكري تعمد عدم تطبيق قانون العزل السياسي على أعضاء المنحل لخلق حالة من الإضطراب وسعيا وراء إفشال العملية السياسية كما يجري لها الآن". وأكد أن:" الطعن على حكم منع اعضاء المنحل من الترشح للإنتخابات لديه طريق طويلة أعتقد أنه سيتم أثنائها إجراء الإنتخابات". موضحاً:" لكن الاشكال هو بعد اتمام العملية الانتخابية وتشكيل مجلس الشعب". وحول تأجيل الانتخابات في حال قبول الطعن على قرار استبعاد أعضاء المنحل من الترشح قال النائب السابق لرئيس محكمة النقض المستشار أحمد مكي ل"التغيير" :" المحكمة الادارية العليا ستفصل اليوم في قبول او عدم قبول الطعن على قرار منع أعضاء الوطني السابقين من الترشح للإنتخابات"، موضحاً:" ما يترتب عليه اعادة النظر في القوائم في حال قبول الطعن وهو ما سيأجل الانتخابات بالفعل". وشهد شاهد من أهلها ويواجه فلول الحزب الوطني "المنحل" علي مستوي الجمهورية مأزقاً شديدا، ويتعرضون لتضييق الخناق عليهم لمنعهم من الترشح في أول انتخابات برلمانية بعد الثورة، وتوالت الطعون القضائية ضدهم بعد حكم المحكمة الادارية بالمنصورة باستبعاد أحد مرشحيهم. المفاجأة كانت حينما تبرأ عضو اللجنة المركزية السابق في الحزب الوطني المنحل أحمد فضالي من أعضاء حزبه المنحل مؤيدا حكم المحكمة باستبعادهم من الترشح وحرمانهم من تمثيل الشعب. وقال فضالي مؤسس حزب السلام الاجتماعي:" اؤيد قرار عزل كل الذين كانوا أعضاء في الحزب الوطني"، موضحاً:" هؤلاء أفسدوا البلد ويستحقون ذلك الحكم وتقدمنا بطلب لتفسير الحكم وجاري حصولنا عليه". وشدد على انه ليس من الفلول لأنه استقال من الحزب المنحل عام 2002 وشرع عام 2010 في تأسيس حزب السلام الاجتماعي. يشار إلى ان أحمد فضالي قد تم نشر تصوير فيديو التقط له في موقعة الجمل، لكنه عاد بعد ذلك ونفاه بشدة معتبرا ذلك تحريضا ضده في مستهل الانتخابات التشريعية . لا وصاية علي الشعب وكان العشرات من أنصار هرماس رضوان أحد فلول المنحل، قد تجمعوا أمام محكمة القضاء الاداري بالمنصورة وهتفوا "لا وصاية علي الشعب" ، ولم تصدر المحكمة حكمها في طلب استبعاد كل من توفيق عكاشة وحسن المير وحاتم حسني ووحيد فودة وهيام عامر ومسعد لطفي وإلهامي عجينة وفؤاد محمد ومحمد علام وولاء الحسيني وعيد فودة وابراهيم الفضالي وفاروق البيلي وعادل سراج وعادل المغازي وحسن حماد وخالد حماد وعبدالعزيز إسماعيل ومحمد عنتر. وفي الشرقية فقد قررت محكمة القضاء الاداري تأجيل نظر الطعن ضد ترشح أعضاء المنحل في الانتخابات الي يوم الجمعة المقبل 18 نوفمبر الجاري، وسط حالة من الترقب والقلق، لأن معظم المرشحين السابقين للوطني المنحل من ذوي الشهرة والنفوذ وينتمون الي عائلات وعصبيات. وفي محافظة قنا شهدت محكمة القضاء الاداري رفع دعوي قضائية ضد 17 من أعضاء المنحل الذين تقدموا بأوراق ترشيحهم للانتخابات البرلمانية الذين تقدموا بأوراقهم للانتخابات في دائرة نجع حمادي، وضمت الدعوي أسماء كل من عبدالرحيم الغول وفتحي قنديل وخالد محمد عبدالفتاح وأحمد عباس حسن المرشحين علي "الفردي"، وصلاح مصطفي رشاد وعارف أبو سحلي وثريا فتحي علي قائمة "الحزب المصري الديمقراطي"، وعادل أبو القاسم "السلام الديمقراطي"، وحافظ عبداللطيف "المواطن المصري" وحسين فايز "الاتحاد" وحسام أمين "الاتحاد". وفي الاسماعيلية تنظر محكمة القضاء الاداري 23 طعنا ضد مرشحي المنحل، وتشهد دائرة فحص الطعون بالمحكمة الادارية العليا اليوم نظر الطعن المقدم من شوقي عبدالعليم عضو مجلس الشعب السابق المرشح للانتخابات عن دائرة دكرنس ضد حكم القضاء الاداري بالدقهلية باستبعاد اعضاء الوطني المنحل من الترشح لعضوية المجالس النيابية. وطالبت منظمات حقوقية اللجنة العليا للانتخابات بتعميم قرار المحكمة الادارية العليا بالمنصورة باستبعاد مرشحي المنحل من الترشح للانتخابات لافسادهم الحياة السياسية. وأكد بيان أصدرته المنظمات ضرورة تطبيق الحكم علي فلول المنحل في جميع المحافظات، وعدم قصره علي محافظة الدقهلية. وشهدت محكمة القضاء الاداري بالمنصورة منذ يومين احداث عنف وشغب، وحطم انصار المرشح هرماس رضوان قاعة المحكمة عقب النطق بحكم استبعاده من الترشح باعتباره "فِلٌ" من الفلول . برلمان بلا فلول من جهته أكد منسق عام الجبهة الحرة للتغيير السلمي "عصام الشريف" على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لتعميم حكم "عزل الفلول" على كافة المحافظات. وأكد أن هذا الحكم التاريخي، ليس نهاية المطاف بل هو خطوة على طريق تطهير الساحة السياسية من أعضاء الوطني المنحل، وخلق "برلمان بلا فلول" وحرمان كل من يثبت بالدليل القاطع وبحكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا إفسادهم للحياة السياسية على مدار ثلاثين عامًا مضت، داعيا إلى تكاتف جميع القوى السياسية لضمان تنفيذ وتعميم حكم القضاء الإداري في المنصورة على كافة المحافظات. ودعا إلى رفع شعار "برلمان بلا فلول" في مليونية الجمعة المقبلة 18 نوفمبر، كنوع من الضغط لتأييد الحكم، مؤكدا أنه سيتم التنسيق بين القوى السياسية في المحافظات لرفع قضايا مماثلة أمام القضاء الإداري ضد الفلول سواء المرشحين على قوائم بعض الأحزاب أو بشكل فردي وسيتم نشر القوائم الكاملة بأسمائهم. واقترح إرسال خطابات موقعة من جميع القوى السياسية للجنة العليا للانتخابات للمطالبة بسرعة تنفيذ الحكم قبل الانتخابات، ورد أوراق مرشحي الحزب المنحل في جميع الدوائر. وشدد على استلهام النموذج التونسي في إدارة المرحلة الانتقالية من خلال الاقتداء بتجربته في عزل أعضاء النظام السابق قبل إجراء الانتخابات، وهو ما جعل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي تخرج بصورة المشرفة التي أبهرت العالم كله. فلوس ورشاوي وتأجيل من جهته شكك مدير حملة "امسك فلول" حسام الخولي في قرار ابعاد فلول المنحل وانتقد تأخيره الى ما قبل الانتخابات ، واكد أن القرار في هذا التوقيت مقصود منه تأجيل الانتخابات أو حل مجلس الشعب بعد ذلك. وقال الخولي ل"التغيير" :" طالبنا بهذا منذ شهر فبراير الماضي وتاخر القرار فما المقصود بتوقيت صدوره"، موضحاً أن:" فلول المنحل استعدوا بالفعل لخوض الانتخابات وسط مباركة من المجلس العسكري ". وأكد أنه في حال رفع دعاوي طعون في المحافظات ضد فلول المنحل سيؤدي الى تأجيل الانتخابات لحين استكمال القوائم التى حل عليها الفلول. موضحا ان الرشاوي والتربيط بدأ فعلا من بعض الفلول في المحافظات ، محذرا المجلس العسكري من مغبة تاجيل الانتخابات التشريعية لأنها "ستهز كرسي المجلس وتوسع الفجوة بينه وبين القوى السياسية وبينه وبين الشعب".