د.مازن النجار \n\n المعلوم لدى الجمهور المهتم بالصحة والتغذية الصحيحة أن عدم حصول الجسم على كفايته من فيتامين (د) يرتبط تقليدياً بضعف العضلات والعظام. لكن فريقاً من الباحثين اجتمع لديهم أدلة كافية على ارتباط بين نقص فيتامين (د) \"النشط\" (في الدورة الدموية) وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.\nوهذا يعني عامل إصابة جديد يضاف لارتفاع ضغط الدم والبدانة ومرض السكري، فضلاً عن حالات القلب والشرايين الرئيسة كالسكتات وقصور القلب الاحتقاني، جاء ذلك في مراجعة بحثية نشرت بدورية \"مجلة الكلية الأميركية لطب القلب\".\nأوصى المؤلفون بإجراء فحص جماعي لاكتشاف حالات انخفاض مستويات فيتامين (د) النشط وعلاجها، خاصة من لديهم مخاطر إصابة كمرض القلب أو البول السكري.\nيقول خبراء طب القلب الوقائي بمعهد \"مِدْ أميركا للقلب\" في كنساس سيتي، بولاية ميزوري، أن قصور فيتامين (د) عامل جديد لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، ينبغي فحصه جماعياً. ويسهل تقييم القصور واستدراكه بمكملات الفيتامين المتاحة، وهي بسيطة وآمنة وغير مكلفة. \nيقدر أن نصف الراشدين وثلث الأطفال والمراهقين بأميركا لديهم قصور في فيتامين (د) النشط. هذا القصور يُفعّل نظام رينين-أنجيوستِنسِن-ألدوستيرون الذي يرفع ضغط الدم، وبذلك يؤهب المرضى لارتفاع ضغط الدم وتصلب القلب والأوعية الدموية وزيادة سمكها.\nكذلك، يبدّل نقص فيتامين (د) مستويات الهرمونات ووظيفة المناعة، مما قد يزيد من مخاطر الإصابة بالسكري، وهو مساهم رئيس في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.\nتشير بيانات \"دراسة فرامنغرام لأمراض القلب\" إلى أن الأشخاص بمستويات فيتامين (د) تحت 15 نانوغرام لكل مليلتر هم أكثر تعرضاً بضعفين لأزمة قلبية أو سكتة خلال 5 سنوات، مقارنة بمستويات فيتامين (د) الأعلى. لكن تساوت المخاطر عندما اقتصر الحساب على العوامل التقليدية، دون الفيتامين.\nالعلاج الوقائي\nلذلك ينبغي استعادة المستويات الطبيعية للفيتامين، لأجل الحفاظ على صحة جيدة للجهاز العضلي الهيكلي، وتحسين صحة القلب وتوقعاتها. وهناك حاجة لتجارب عشوائية واسعة النطاق لتحديد ما إذا كانت مكملات فيتامين (د) تخفض بالفعل حالات ووفيات أمراض القلب مستقبلاً.\nوجد الباحثون أن نقص فيتامين (د) أكثر انتشاراً مما يعتقد، مما يبرر زيادة الاهتمام بعلاجه. ورغم أن معظم متطلبات الجسم من فيتامين (د) قد تأتي من التعرض للشمس. لكن العيش بأماكن مغلقة واستخدام عازلات الشمس يذهب ب99 بالمائة من تكوين فيتامين (د) بالجلد. تقلصت أوقات المعيشة خارج المباني، والمسنون والبدناء أقل قدرة على توليف الفيتامين استجابة لأشعة الشمس. القليل منها مرغوب، لكن استخدام عازلات الشمس للوقاية من سرطان الجلد ضروري لمن يتعرض لها بكثافة أكثر من 15 إلى 30 دقيقة.\nيمكن استهلاك فيتامين (د) كمكملات أو أغذية أيضاً. وتشمل مصادره الغذائية سمك السلمون والسردين، وزيت كبد سمك القد، والأطعمة المدعّمة بالفيتامين كالحليب والغلال، ومنتجات الألبان بصفة عامة. العوامل الرئيسة المسببة لنقص فيتامين (د) هي الشيخوخة، صبغة الجلد القاتمة، البعد عن خط الاستواء، فصل الشتاء، التدخين، البدانة، مرض الكلى والكبد، وبعض الأدوية.\nفي غياب توجيهات إكلينيكية واضحة، وضع المؤلفون توصيات محددة لاستعادة مستويات فيتامين (د) الأمثل والحفاظ عليها لدى مرضى القلب والأوعية الدموية. بداية ينبغي علاج هؤلاء المرضى بخمسين ألف وحدة دولية من فيتامين (د-2) أو (د-3) مرة أسبوعياً لمدة 8 إلى 12 أسبوعاً.\nالعلاج الوقائي ينبغي أن يستمر باستخدام إحدى الاستراتيجيات: خمسين ألف وحدة دولية من فيتامين (د2) أو (د3) كل أسبوعين، أو من ألف إلى ألفي وحدة (د3) يومياً، أو التعرض يومياً لأشعة الشمس لعشرة دقائق لبيض البشرة وأطول من ذلك لغيرهم بين العاشرة صباحاً والثالثة ظهراً.\nتبدو مكملات فيتامين (د) آمنة. وقد تحدث حالات تسمم نادرة بفيتامين (د) مسببة ارتفاع مستويات الكالسيوم وحصى الكلى، لدى تناول أكثر من عشرين ألف وحدة يومياً.\nأزمات وجلطات وقصور\nوكانت دراسة أميركية أخرى قد وجدت منذ سنة أن فيتامين (د) يقي من أمراض تصيب القلب والأوعية الدموية، وأن الذين لديهم قصور بمستويات هذا الفيتامين قد يتعرضون لمخاطر أكبر للإصابة بأزمات قلبية وجلطات وقصور في القلب. وخلص الباحثون إلى أن هذه المخاطر الإضافية كانت أكبر بشكل خاص بين مرضى ارتفاع ضغط الدم.\nيساعد فيتامين (د) على امتصاص الكالسيوم، إضافة لأهميته لصحة عضلات وعظام البدن، لكن بعض الدراسات أشارت إلى أنه يقدم فوائد أخرى، إذ أن قصور فيتامين (د) لدى الراشدين يتسبب بهشاشة العظام، وقد يؤدي لكساح الأطفال.\nقام الدكتور توماس وَنغ وزملاؤه بكلية طب جامعة هارفارد في بوسطن بدراسة ومتابعة حالات 1739 شخصاً، متوسط أعمارهم 59 عاماً، على امتداد خمس سنوات. وأخذوا عينات دم لقياس مستويات فيتامين (د). ونشرت نتائج هذه الدراسة بمجلة \"الدورة الدموية\" التي تصدرها جمعية القلب الأميركية.\nكشفت دراسة هارفرد أن الذين لديهم انخفاض بمستويات فيتامين (د) كانوا معرضين لمخاطر إصابة أكبر بأمراض القلب والأوعية الدموية كالأزمات القلبية وقصور القلب والجلطات (بنسبة 60 بالمائة)، مقارنة بالذين لديهم مستويات فيتامين (د) أعلى، حتى مع احتساب عوامل مخاطر معروفة لأمراض القلب والأوعية الدموية، كالبول السكري وارتفاع مستويات الكولسترول وارتفاع ضغط الدم.\nوجد الباحثون هذه النتائج لافتة للانتباه، لكنهم ذكروا أن من المبكر القول بأن تناول مكملات فيتامين (د)، سيقلل مخاطر الإصابة بأمراض القلب أو الجلطات، أو التوصية بتناول هذه المكملات للوقاية.\nيذكر أن بعض الخبراء يقول بأن التعرض لفترات ما بين 10 إلى 15 دقيقة لضوء الشمس ثلاث مرات أسبوعياً يكفي لإمداد الجسم بالمستويات اللازمة من فيتامين (د).\nزيادة مخاطر الوفاة\nوكان باحثون أميركيون وجدوا منذ أربعة أشهر أن دراسات أجريت مؤخراً قد أظهرت أن نقص فيتامين (د)، لا يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان فحسب، بل قد يزيد أيضاً معدل الوفيات الناتجة عن نقصه بالبدن.\nوقام الدكتور مايكل ميلاميد وزملاؤه، بكلية ألبرت أينشتاين الطبية في نيويورك، بتحليل مستويات فيتامين (د) لدى أكثر من 13 أف شخصاً شاركوا في مشروع \"الدراسة القومية الصحية الثالثة\" لفحوص التغذية، ثم جمعوا معلومات عن مستويات هذا الفيتامين لدى هؤلاء في الفترة بين عامي 1988 و1994، وتمت متابعتهم حتى 2000.\nبعد تسع سنوات من بدء الدراسة والمتابعة، توفي 1806 من مجموع المشاركين فيها. وقسم الباحثون المشاركين في الدراسة إلى أربع مجموعات، ثم وجدوا أن المشاركين الذين كانت مستويات فيتامين (د) لديهم هي الأقل، كانوا بدورهم أكثر عرضة للوفاة مقارنة بغيرهم.