د.مازن النجار \n\n وجدت دراسة علمية أميركية، أجراها باحثون من معهد التصميم الحيوي بجامعة أريزونا، أن ميكروبات أخذت إلى رحلات فضائية، قد تأثرت ببيئة الفضاء الخارجي، فعادت كمسببات مرض أكثر شراسة وقدرة على العدوى.\nوالمعلوم أن للرحلات الفضائية تأثيرات عميقة وجوهرية على وظائف الأعضاء أو فسيولوجية البشر، حيث يُضطر البدن للتكيف مع بيئة تنعدم فيها الجاذبية الأرضية.\nوقد وجد الباحثون أن الرحلات الفضائية بدّلت الاستجابات وردود الفعل الخلوية والفسيولوجية لروّاد الفضاء، ويشمل ذلك الاستجابات المناعية. لكن المعلوم عن التغيرات الميكروبية لمخاطر الأمراض المعدية -بسبب الرحلات الفضائية- كان قليلاً نسبياً.\nالاستجابات الوراثية أجرى جيمس ويلسُن وتشِريل نِكرسُن، الأستاذان بقسم علوم الحياة بجامعة أريزونا، وزملاؤهما أول دراسة من نوعها لاستكشاف تأثير الرحلات الفضائية على الاستجابات الوراثية ودرجة سميّة أو فوعة (إمكان العدوى أو التسبب بالمرض) بكتيريا سَلمونيللا تايفيموريم، المسبب الرئيس لتسمم الطعام.\nأفضت نتائج هذه الدراسة إلى اكتشاف دور هام لمنظم أساسي، يدعى Hfq، إزاء إطلاق التغيرات الوراثية المتصلة بزيادة سميّة السَلمونيللا نتيجة للرحلة الفضائية.\nتتيح نتائج هذه الأبحاث إمكانات واعدة للعلماء لتحقيق تقدم كبير في دراسة الأمراض المعدية في الفضاء الخارجي وعلى الأرض، قد تسفر عن تطوير علاجات جديدة لعلاج ومنع الإصابة بالأمراض المعدية.\nولدراسة تأثيرات السفر في الفضاء، أرسل الباحثون أنابيب خاصة محتوية على بكتيريا التسمم الغذائي \"سَلمونيللا\" كشحنة تجريبية على متن مكوك الفضاء أتلانتِس. أحيطت أنابيب البكتيريا بثلاث حاويات من أجل السلامة، ولم تشكل خطراً على صحة وسلامة طاقم أتلانتِس خلال أو عقب المهمة الفضائية.\nمحاكاة بيئة الدوران الفضائي\nخلال الرحلة، قام أحد روّاد الفضاء بالمكوك بتفعيل نمو البكتيريا داخل وعاء مختوم، ثم ثبّت وضع المزارع البكتيرية بعد يوم من النمو لتحديد التغيرات الناجمة في التعبير الجيني والبروتيني (الجزيئي).\nوقد أجرى الباحثون على الأرض تجربة مماثلة متزامنة مع تجربة الفضاء لأغراض الضبط والمقارنة. فاستنبتوا بكتيريا مماثلة بنفس نوع الأنابيب المستخدمة في رحلة الفضاء، وأودعت بمركز كنيدي للفضاء بغرفة خاصة كحاضنة، تدعى \"محاكي بيئة الدوران الفضائي\".\nُربط المحاكي لحظة بلحظة بالمكوك الفضائي، وكُررت بالضبط نفس الظروف المحيطة بالبكتيريا في أتلانتس كدرجات الحرارة، والرطوبة، وظروف نمو البكتيريا بالمكوك، باستثناء الطيران في الفضاء.\nكما كان الباحثون على اتصال مباشر بطاقم المكوك الفضائي لدى قيامهم بتفعيل وإنهاء التجارب بالفضاء، وقام الباحثون بنفس الخطوات تماماً وبذات الوقت على عينات البكتيريا على الأرض، كما فعل طاقم المكوك بعينات الرحلة الفضائية. وهكذا تمت مضاهاة التجربتين تماماً.\nولدى عودة البكتيريا إلى الأرض، قام الباحثون بإجراء أول تحليل شامل على السَلمونيللا لقياس تأثير الرحلة الفضائية على التعبير الجيني والبروتيني ومستوى فوْعَة أو سُميّة البكتيريا.\nوبقياس الأنماط الجينية والبروتينية، استطاع الباحثون أن يركزوا نظرهم على المواد الجزيئية التي تلعب دوراً ضرورياً لسُميّة البكتيريا من بين آلاف المرشحين المحتملين.