د.مازن النجار \n توصل ثلاثة من الباحثين بجامعتي جنوب كاليفورنيا، ونورث ويسترن (بالولايات المتحدة) إلى نظرية جديدة تفسر مرض الزهايمر، وتفتح الطريق لإنتاج مضاد حيوي للمرض ولقاح للوقاية منه. \n وتفيد النظرية الجديدة بأن جزيئات بروتينية بالغة الدقة -أطلق عليها اختصار ADDL- هي المسؤولة عن ظهور مرض الزهايمر، لأنها تنتشر بصورة هائلة في المخ، وترتبط بالخلايا العصبية لتعوقها عن أداء وظائفها، ومن ثم تظهر أعراض المرض كفقد الذاكرة وضعف الإدراك. \n جاءت بوادر هذه النظرية عام 1994 عندما حاول أستاذ البيولوجيا الجزيئية بجامعة جنوب كاليفورنيا الدكتور كالب فينش إنتاج تكتلات الأمايلويد بصورة معملية. حيث خلط مقدارا من الشظايا البروتينية الطبيعية التي تنتجها الخلايا مع جزيئات من الكلسترين، وهي مادة توجد بكثافة في أدمغة مرضى الزهايمر. \n ولم يؤد ذلك الخليط إلى إنتاج تكوينات ألياف الأمايلويد، وإنما كان الناتج محلولا غرويا. وعندما حقن هذا المحلول في أدمغة الفئران أدى إلى إعاقة الخلايا عن إرسال الإشارات العصبية. \n واستعان فينش بأستاذين آخرين من جامعة نورث ويسترن، هما غرانت كرافت وويليام كلاين، لمعرفة سر ذلك المحلول. واكتشف الأستاذان باستخدام ميكروسكوب القوى الذرية أن المحلول يحتوي على كريات بروتينية متناهية في الصغر، تشبه المرمر، لم يسبق أن صادفها أحد من قبل. \n وأطلق الباحثون على هذه الكريات ADDL، وهي الأحرف الأولى من كلمات تعرفها ب \"اللاصقات المنتشرة ذات الأصل الأمايلويدي والمثبطة للأعصاب\". ذلك أن تركيبها يحتوي على وحدات من بروتين الأمايلويد، كما أنها تنتشر عبر المخ وليس في تكتلات، ثم إنها تلصق نفسها بالخلايا العصبية وتحول بينها وبين استقبال أو إرسال الرسائل العصبية. \n وقد طور ويليام كلاين نموذجا يوضح الكيفية التي ترتبط بها كريات ADDL بالخلايا العصبية في منطقة \"هبيوكامباس\" في عمق الدماغ، والمسؤولة عن الذاكرة، وأوضح كيف أن ذلك الارتباط قد أدى إلى تعطيل وظيفة ذلك الجزء من الدماغ. \n كما اكتشف الباحثون، وفريقهم البحثي، نسبا كبيرة من كريات ADDL عندما شرّحوا جثث أشخاص توفوا بمرض الزهايمر، بينما كانت أدمغة الأشخاص الذين توفوا من أمراض أخرى، تخلو تقريبا من أي وجود لتلك الكريات. وينتظر أن ينشر الباحثون النتائج التفصيلية لأبحاثهم في عدد الشهر المقبل من مجلة \"نيتشر\" العلمية. \n ويعكف الباحثون الآن على تطوير مضاد حيوي يقاوم هذه الكريات البروتينية المرضية حال وجودها، مما يبعث الأمل في تخفيف أعراض مرض الزهايمر، كما أنهم بصدد العمل على تطوير مصل (لقاح) للوقاية من المرض. \n وسجل الباحثون اكتشاف ADDL في براءة اختراع العام الماضي، وأنشؤوا شركة للأدوية لإنتاج كل من المضاد الحيوي واللقاح. وقد أبرمت الشركة الجديدة عقدا مع شركة عالمية للأدوية لتمويل هذين المشروعين والإسراع بتحويلهما إلى منتجين بالتتابع، وبلغت قيمة تمويل كل مشروع منهما 48 مليون دولارا. \n وكان العالم لويس الزهايمر قد ربط عام 1907 بين المرض (الذي حمل اسمه) ووجود تكوينات وتكتلات بروتينية في المخ، حيث ظن أن هذه التكوينات هي غالبا السبب في ظهور المرض، لأنها ربما تؤدي إلى قتل الخلايا العصبية في المخ. ومنذ ظهور هذه النظرية، انصبت أكثر من 90% من أبحاث مرض الزهايمر على التكوينات البروتينية، وأسباب وجودها وكيفية إزالتها أو تقليلها من المخ.