والتقيت، أخيراً، مجموعات سياسية في الكونغرس الاميركي تؤيد قضايا الاتراك. واستهجنت هذه المجموعات تصريحات أردوغان في دافوس، واحتفاء الاتراك بموقفه، وتلويحهم بعلم «حماس» الاخضر. \r\n لا يبدو أن أردوغان خطط لمواجهة بيريز في دافوس. ولكنه سارع الى قطف ثمار الحادثة سياسياً. وأسهم دعمه «حماس»، على مشارف انتخابات محلية، في تعظيم شعبية حزب «العدالة والتنمية». والحق ان الخطاب المؤيد ل «حماس» هو في مثابة سم قاتل قد يودي بالعلاقات التركية - الاميركية، ويتهددها بالتقويض في وقت حرج. ومن المفترض أن يطرح، في الايام المقبلة، مشروع قرار يدين ابادة الارمن الى الكونغرس الاميركي. وأغلب الظن أن يقر هذا المشروع. وفي السابق، سعى مؤيدو تركيا في الكابيتول هيل، ومجموعات يهودية ترحب بالتقارب التركي - الاسرائيلي الى عرقلة اقرار مثل هذا القانون. \r\n ولكن اصدقاء تركيا في أميركا استقبلوا برلمانيين اتراك بجفاء. وإذا أقر القانون، قد تبادر أنقرة الى حظر استعمال القوات الاميركية قاعدة انجرليك الجوية بجنوب شرقي تركيا. وهي قاعدة حيوية لنقل الامدادات الى القوات الاميركية بأفغانستان، ولنقل القوات الاميركية من العراق واليه. ولهذه الخطوة وقع الكارثة على العلاقات الاميركية - التركية. وأحسبُ أن الطرفين التركي والاميركي، لا يسوغان هذا الاحتمال. فإدارة أوباما تدرك أهمية تركيا الاستراتيجية، وأنها شراكتها في ال «ناتو» (حلف شمال الاطلسي)، وفي مكافحة الحركات الارهابية المتطرفة والعنيفة. وتنتشر القوات التركية بأفغانستان جنباً الى جنب القوات الاميركية وقوات ال «ناتو». وتركيا هي مصب الطاقة من بحر قزوين الى الاسواق الغربية. ولا شك في أن عبء تفادي انهيار العلاقات الاميركية - التركية يقع على كاهل أردوغان. وعليه استباق اندلاع الازمة، والمبادرة الى تطبيع العلاقات مع أرمينيا، على رغم انتفاء العلاقة بين هذه الخطوة وإقرار قانون الاعتراف بإبادة الارمن. وعلى اردوغان تفادي الدخول في مواجهة مع بروكسيل، والسعي في حل قضية قبرص، وتركيا اجتاحت هذه الجزيرة في 1974، قبل موعد تقويم الاتحاد الاوروبي حظوظ تركيا في عضوية الاتحاد، في ختام 2009. وأغلب الظن ألا يعلق الاتحاد الاوروبي المفاوضات على عضوية تركيا. ولكن رفع وتيرة هذه المفاوضات هو رهن خطوات نحو التقدم في عملية توحيد الجزيرة القبرصية. وشأن فتح تركيا مرافئها أمام السفن القبرصية حمل القبارصة اليونانيين على قبول التفاوض الجدي على مصير الجزيرة، ورفع مسؤولية عرقلة عملية توحيد الجزيرة عن الاتراك. \r\n وحريّ بأردوغان، في حال سعى الى رد الاعتبار الى مكانته رجل دولة وشريك الغرب الصدوق والموثوق، تعزيز العلاقات المتوترة باسرائيل، وتطبيعها مع أرمينيا، والترحيب بالسفن القبرصية. فمستقبل تركيا هو في الغرب. والانسياق وراء «الشارع الاسلامي» يبعد تركيا عن أوروبا. فهذا الشارع يفضي الى الشرق الاوسط، وليس الى أوروبا. \r\n \r\n \r\n \r\n عن «انترناشنل هيرالد تريبيون» الدولية، 20/2/2009