\r\n يقول خضر حموّد, \"لمّا سمعت أن مضاجع المارينز جرى تدميرها, لم أصدّق ما سمعت. فلم نكن نفكّر برجال المارينز كأعداء كما نفكرّ فيهم الآن\". \r\n \r\n يترّدد اليوم صدى التفجير, الذي ترك طموحات ادارة ريغان في لبنان حطاماً متناثراً, في عملية وضع الخطط الدبلوماسية والسياسية والمناهضة للإرهاب حيال لبنان والشرق الاوسط. ويقول في هذا الصّدد تيمور غوكسيل, أحد المحللين في الشؤون الامنية وأحد العاملين السابقين في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان سنوات طويلة. ان الانفجار \"كان نقطة تحوّل في حرب غير متماثلة, وفي الشرق الأوسط على نحو خاص, فالذين لم يقدروا على مقاتلة جيوش قوية, مثل الجيش الامريكي, وجدوا بصورة مفاجئة طريقة سهلة لتوازن القوة على الأرض, وكان ذلك الانفجار هو البداية, ومنذ ذلك الحين ونحن نراه بصورة مستمرة\". \r\n \r\n لقد كشف ذلك التفجير مدى الانكشاف والتعرضّ للخطر حتى بالنسبة لدولة عظمى كالولاياتالمتحدة, التي وجدت نفسها عاجزة عن الردّ على خصوم وهميين ومجهولين, كما دشّن حقبة جديدة من التفجير واسعة النطاق.. مثل مركز التجارة العالمي عام ,1993 وأبراج الخُبَر في العربية السعودية عام ,1996 والسفارتين الامريكيتين في كينيا وتنزانيا عام ,1998 ثم وصلت ذروتها يوم 11 ايلول من عام .2001 \r\n \r\n يقول روبرت باير, احد العملاء الميدانيين السابقين لوكالة المخابرات المركزية الامريكية, وعمل في بيروت في الثمانينيات, إن الانفجار \"من حيث الأهمية أخرجنا من لبنان - كما أجبرنا التيار الجارف من الهجمات على الدخول الى الحصون الصليبية التي نعيش فيها الآن في الشرق الاوسط\". فقد استخدم هذا التكتيك لأول مرّة ضد الامريكيين في بيروت قبل ستّة اشهر من تاريخ تفجير بركسات المارينز, عندما جرى تدمير السفارة الأمريكية هناك بسيارة مفخّخة, لاقى فيها 57 شخصا مصرعهم. غير ان تفجيرا بسيارة ملغومة مهاجمة قد وقع, أيضاً, قبل ذلك بثلاث سنوات عندما هاجم مسلّح من \"حزب الدعوة\" العراقي المعارض, السفارة العراقية في بيروت بالأسلوب ذاته. \r\n \r\n بيد أنه بينما لم يكن تفجير بركسات المارينز في عام 1983 اول هجوم بسيارة محملّة بمواد متفجرة, إلاّ انه كان التفجير الأول بعواقب سياسية كبرى, فقد قصم ذاك التفجير ظهر سياسة الولاياتالمتحدة إزاء لبنان, وبعد ذلك بأربعة شهور, سحبت قوّات المارينز من البلاد, منهية من الناحية الفعلية تدخّل واشنطن في الحرب المدمّرة للبنان لخمس سنوات مقبلة, واعتُبرت إيران المشتبه الأكبر في الايعاز بشنّ الهجوم, وبتنفيذ من الشيعة اللبنانيين, وغالباً ما يُحمّل مجاهدو حزب الله المسؤولية, بالرغم من أنه كان ما يزال, في حينه, يجمع قواه ويرصّ صفوفه في وادي البقاع اللبناني, وغير وارد له الاعلان رسميا عن وجوده لسبعة عشر شهرا اخر, وغالبا ما يربط اسم عماد مغنيّه, الذي عُرّف بعد اغتياله في دمشق في شهر شباط الماضي, على أنه قائد المليشيات المسلّحة التابعة لحزب الله, بالهجوم على قوات المارينز الامريكية, ومع هذا, لم يبرز حتى الآن أي دليل واضح على من يتحمّل مسؤولية التفجير. فيقول باير في هذا الشأن, \"لم نتمكن حتى من تحديد أي اسم\". \r\n \r\n استشهد اسامة بن لادن بغزو اسرائيل للبنان عام 1982 كحافز رئيسي لقراره بالمشاركة في القتال ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان في الثمانينيات. وكان ابن لادن هو الذي حاكى تكتيك السيارات الانتحارية المفخخّة وتبنّيه, هذا التكتيك الذي كان شيعة لبنان أول من استخدمه. \r\n \r\n كان رجال المارينز يتمركزون حول مطار بيروت, عند نهاية الجهة الجنوبية من المدينة, ويعسكرون في مبان من البركسات ملغومة تعرف ب ̄ \"كتيبة النزول البري\" (بي. إل. تي). ولم يوّلد الامريكيون هناك, وكانوا جزءاً من بعثة حفظ السلام متعدّدة الجنسيات, أي عداوة تذكر من الجمهور العام في البداية, اذ كان معظم اللبنانيين سعداء بمشاهدة جنود أجانب يساعدون في تحقيق الاستقرار في بلادهم التي تعيش حالة حرب منذ ثماني سنوات, غير أن الولاياتالمتحدة وجدت نفسها غارقة, في الشهور التالية, في الفوضى التي تعمّ لبنان لمّا قدّمت أكبر دعم في تاريخها للحكومة اللبنانية, وللجيش اللبناني الذي كان يقاتل المليشيات الدرزية الموالية لسورية, وهكذا صار يُنظر الى الولاياتالمتحدة مثل أي فصيل آخر في الحرب الأهلية. \r\n \r\n حتى 22 تشرين الأول ,1983 كانت قوات المارينز, البالغ عددها 1600 رجل, قد تكبدّت سبعة قتلى و47 جريحاً. وعند الساعة السادسة والنصف من صباح اليوم التالي, وحيث كان المارينز الامريكيون ما يزالون نياماً في بركساتهم في (بي. إل. تي), دخلت سيارة مسرعة الى المعسكر, برغم حواجز الأسلاك الشائكة, ودخلت ردهة المبنى, وانفجرت. وفي اللحظة ذاتها, داخل انتحاري آخر بسيارة مفخخة إلى مقر قيادة رجال المظلات الفرنسيين, وقتل 58 من أفرادها. واستخلص مكتب التحقيقات الفيدرالي أن مادة التفجير التي استخدمت في تدمير بركسات المارينز عن آخرها, وكانت تَزِن ما يساوي 1200 باوند ال (تي. إن. تي), تشكل أكبر انفجار غير نووي يحقق فيه خبراء المتفجرات. \r\n \r\n في شباط ,1984 انهار الجيش اللبناني, وأصدر ريغان أمره بسحب قوات المارينز. وبعد 11 يوماً, رحل آخر رجل من المارينز الامريكيين عن لبنان, فانتهى بذلك ما سماه كاسبر واينبيرغر, وزير الدفاع آنذاك, \"فضيحة مزرية على نحو خاص\".0 \r\n