\r\n وهناك مفارقة في وجود صورة بن لادن على غلاف علبة الكبريت فقد قدح زعيم »القاعدة« شعلة لهب في الحادي عشر من ايلول 2001 عندما هاجم امريكا ثم تلاشى كالدخان مخلفا وراءه شريطا من النشاط المسلح الممتد من اندونيسيا مروا بافغانستان والعراق وشمال افريقيا واوروبا. ورغم المكافأة المعلنة لمن يقبض عليه والتي رفعت الى 25 مليون دولار فان احدا لم يبح بمكان وجود »الشيخ« الذي يظهر من آن لاخر على شبكات الانترنت ليوجه تحذيرا مميتا للغرب. \r\n \r\n بعد حوالي سبع سنوات من حرب امريكا »على الارهاب« لا تزال نتيجة تلك الحرب غير محسومة. ورغم ان »القاعدة« خسرت ملاذها الآمن في افغانستان فانها تبني لنفسها ملاذا آخر في باكستان. واذا كان ابن لادن ما يزال طليقا فان »القاعدة« خسرت خالد الشيخ محمد, العقل المدبر لهجمات ايلول, الذي سوف يحاكم في غوانتانامو اضافة الى عدد كبير من زعمائها الذين قتلوا او اسروا فيما يتقدم آخرون ليحلوا محلهم. واذ تواجه »القاعدة« ردة فعل ايديولوجية, فان الكثير من الشبان المسلمين ما زالوا يتطوعون لتفجير انفسهم خدمة لاهدافها. \r\n \r\n صحيح ان امريكا لم تضرب منذ عام ,2001 الا ان عواصم اوروبية شهدت عمليات تفجير. وعلى جانبي الاطلسي تم احباط عدد من المخططات ولا تزال »القاعدة« والمنظمات المشابهة لها تشكل التهديد المباشر الاكبر لامن الدول الاوروبية وسواها. وتعتقد الدوائر الاستخبارية الغربية ان القاعدة ما تزال راغبة في تطوير اسلحة غير تقليدية سواء منها الكيماوية او البايولوجية او ما يعرف ب ̄ »القنبلة القذرة« التي تطلق غمامة من الاشعاع. ويقول الخبراء في تلك الدوائر ان القنبلة النووية الاولية ليست بعيدة عن منال الارهابيين. \r\n \r\n اقامت »القاعدة« ايديولوجيتها على انتصار واحد كبير وعقدين من الاخفاقات. شعر المقاتلون العرب الذين ساعدوا نظراءهم الافغان في طرد القوات السوفييتية من افغانستان عام 1989 بالنشوة, لكنهم ما لبثوا ان ذاقوا طعم النبذ والابعاد في الحرب الاهلية التي اندلعت في افغانستان ثم في فشل حملات العنف في مصر والجزائر واماكن اخرى. وقد قرر كثير من متطرفيها التخلي عن سفك الدماء, لكن مجموعة من المجاهدين الموزعين هنا وهناك اجتمعت في افغانستان تحت حماية طالبان وقررت ان »تصحح« توجيه نشاطاتها الى »العدو البعيد« بدلا من العدو »القريب«. \r\n \r\n شرح ايمن الظواهري, المشارك في تأسيس »القاعدة« هذا التحول في كتابه »فرسان تحت راية الرسول« قائلا ان »التحالف اليهودي - الصليبي« لن يسمح ابدا باسقاط حلفائه المحليين. وهكذا فان الرد يجب ان يكون بمهاجمة امريكا مباشرة. \r\n \r\n ويرى الظواهري بان ثمة فوائد كثيرة في هذا التكتيك. فهو سيسدد »صفعة للسيد الاكبر«. كما انه سوف يكسب »الامة« لصالح »القاعدة« بالنظر لعمق المشاعر المعادية لامريكا في العالم الاسلامي كما ان الهجوم على امريكا سوف يزرع بذور الخلاف بين الدول الغربية وحلفائها المحليين واضعا امريكا في مأزق: إما ان تسحب تأييدها لاصدقائها اما ان تصبح متورطة تورطا مباشرا في الشرق الاوسط. ويجادل الظواهري بان »المعركة« في حالة اقدام امريكا على القيام بعمل عسكري »سوف تتحول الى جهاد حقيقي ضد الكفار« وهو الامر الذي يلزم المسلمون بدعمه. \r\n \r\n وعلى ضوء ما يكتبه الظواهري, فان احد اهداف هجمات الحادي عشر من ايلول هو استفزاز الامريكيين وحملهم على غزو اراضي المسلمين. ولكن اذا كانت »القاعدة« قد قصدت ايقاع امريكا في الفخ في افغانستان, فان خطتها لم تنجح, على الاقل في البداية. فقد سقط نظام طالبان بسرعة عام 2001 وارغم افراد »القاعدة« على التخفي. \r\n \r\n الا ان امريكا ما لبثت ان سارت بقدمها الى الفخ الذي صنعته لنفسها في العراق عندما قامت بغزوه عام 2003 . فقد قدمت »للمجاهدين« قضية رائجة ضد المحتل الامريكي في قلب العالم الاسلامي, ولفترة من الوقت. حسب »المجاهدون« ان بوسعهم ان يقتطعوا لنفسهم قاعدة في العراق يعملون منها على زعزعة استقرار المنطقة. ومن المرجح ان يكون مثل هذا التهديد قد زال الان. \r\n \r\n ويبدو ان امريكا المثخنة بالجراح تتدبر الان شق طريقها صوب الخروج من اسوأ ما خلفته لنفسها من المآزق يساعدها في ذلك الاسفاف الذي ارتكبته »القاعدة« في تلك البلاد. \r\n \r\n بداية ام نهاية? \r\n \r\n يجادل الخبراء في مجال الارهاب فيما اذا كانت »القاعدة« قد بدأت عملية احراق نفسها بنفسها. يقول مايكل هايدن, مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية, »نحن نقوم بعمل جيد. فهناك ما يقرب من هزيمة استراتيجية للقاعدة في العراق, وما يقرب من هزيمة مماثلة لها في المملكة العربية السعودية, كما ان القاعدة تعاني من انتكاسات مهمة على الصعيد العالمي وهزيمة ايديولوجية حيث تتراجع قطاعات كبيرة في العالم الاسلامي عن رؤيتها للاسلام«. \r\n \r\n الكثير يعتقد ان هايدن بالغ في التفاؤل, أفلم يقم الجنرال هايدن نفسه بالتحذير قبل شهور من ان استعادة القاعدة لملاذها الآمن في الحزام الذي تشكله منطقة القبائل في باكستان تشكل »خطرا ماثلا وواضحا« على الغرب? \r\n \r\n قدم مارك سيجمان, المستشار في شؤون مكافحة الارهاب, رأيا مماثلا في كتابه »جهاد بلا قائد«. حيث جادل بان قيادة »القاعدة« قد حيدت عملياتيا. وان الخطر الاكبر اليوم يأتي من جماعات مفككة من المسلمين في الغرب تقوم بتنفيذ هجمات ذاتية تمولها بنفسها. \r\n \r\n تعرض هذا الرأي للانتقاد الشديد من قبل البروفسور بروس هوفمان من جامعة جورج تاون, فقد اشار ان ما يبدو من »موت القاعدة« قد اعلن مرارا من قبل ثم سرعان ما تتولى التفجيرات الجديدة تكذيب ذلك. وهو يشير ان الكثير من العمليات التي نفذت او خطط لها في اوروبا لها ارتباطات مباشرة تعود جذورها الى باكستان. \r\n \r\n ويكمن الجزء الاعظم في الطبيعة الانتشارية للتنظيم, حيث قد لا يتجاوز عدد اعضائه الاصليين بضع مئات, لكنه يقيم علاقات من كل الانواع مع جماعات مسلحة لديها الالوف او عشرات الالوف من المقاتلين, فالقاعدة عبارة عن منظمة ارهابية, وشبكة قتالية, وثقافة للعصيان في آن واحد معا. \r\n \r\n ومن اجل توضيح طبيعة هذه الحركة, يشبهها الكثير من الخبراء بالعولمة. حيث يصفها البعض بالشركة الرأسمالية التي تستثمر في مشاريع ارهابية واعدة. بينما يرى آخرون انها »ماركة« عالمية تمنح »امتيازات« تنفيذ الهجمات لعدد متزايد من المنظمات الشبيهة. \r\n \r\n ان ظهور ارهاب القاعدة العابر للدول لا يعني ان الارهاب الذي ترعاه الدول قد زال. ومن الممكن ان تتعاون ليبيا, التي طالما ساندت القضايا التي تستخدم العنف, مع الغرب, الان, لكن ايران وغيرها ما تزال تدعم مثل تلك القضايا. ولو ان ايران وجهت حزب الله اللبناني الى شن حملة ارهابية عالمية ضد الغرب كرد على اي قصف لمواقعها النووية على سبيل المثال, فان الاثر الناجم عن ذلك سيفوق في تدميره اي عمل يمكن ان تقوم به »القاعدة«. \r\n \r\n لكن التهديد العالمي الاكثر خطورة في الوضع الراهن يأتي من المناطق غير المحكومة او المحكومة بشدة او غير القابلة للحكم في العالم الاسلامي. وهذه المناطق تشمل الحدود الافغانية الباكستانية, واجزاء من العراق, ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان, واجزاء من اليمن والصومال والصحراء الغربية وارخبيل الجزر ما بين اندونيسيا والفلبين. \r\n \r\n ولا يقل »خليفة الانترنت« خطورة عن هذه المواقع. اذ تجمع شبكة الانترنت معا تلك السحابة غير المتبلورة من الجماعات الجهادية, وتنشر ايديولوجيتها, وتنسج في حكاية واحدة الادعاء بان الاسلام يتعرض للهجوم, وتروج للخبرات الارهابية. وبما ان القاعدة موزعة ومنتشرة, فان المعركة ضدها قد اجهدت النظام الدولي الذي ما يزال قائما على الدول المستقلة. \r\n \r\n حاول هذا التقرير الاجابة على سؤال مستحيل طرح عام 2003 في مذكرة كتبها دونالد رامسفيلد الذي كان في حينه وزيرا للدفاع في الولاياتالمتحدة. يقول رامسفيلد »نحن اليوم نفتقر الى المعايير التي نعرف من خلالها ما اذا كنا نكسب الحرب العالمية ضد الارهاب ام نخسرها. فهل ترانا نأسر ونقتل ونردع من الارهابيين ما يزيد على كل ما يجنده رجال الدين في مدارسهم ويلقون به ضدنا?«.0 \r\n \r\n \r\n \r\n